
عواصم – «وكالات»: اتسعت دائرة الرفض الدولي لشن حرب على سوريا ، في أعقاب اتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في منطقة الغوطة بريف دمشق ، ففضلا عن الموقف المفاجئ لمجلس العموم البريطاني الذي عارض مشاركة القوات البريطانية في الحرب المرتقبة ، ورفض 64 في المئة من الفرنسيين إعلان الحرب على سوريا ، كما أظهر ذلك استطلاع أخير للراي ، جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيره الولايات المتحدة من تبعات الحرب ضد روسيا ، مطالبا الولايات المتحدة بتقديم أدلة على استخدام سوريا اسلحة كيمياوية.
وقال بوتين : «فيما يتعلق بموقف زملائنا الامريكيين، الذين يؤكدون بأن القوات الحكومية «السورية» استخدمت اسلحة كيمياوية ، ويقولون إن لديهم الدليل على ذلك ، ليطرحوا هذه الادلة على مفتشي الامم المتحدة ومجلس الأمن ، فاذا لم يفعلوا، يعني ذلك ان لا أدلة على الاطلاق.»
ونفى الرئيس بوتين أمس ان تكون دمشق قد استخدمت هذه الاسلحة ضد شعبها ، وأوضح أن «قوات الحكومة السورية تحقق تقدما في القتال ، وهي تحاصر قوات المعارضة في اكثر من موقع .. في حالة كهذه من السخف تصديق ان تمنح الحكومة العذر لاولئك الذين يطالبون بتدخل عسكري خارجي.»
اضاف انه سيكون من «المحزن جدا» ان تشن الولايات المتحدة هجوما على سوريا ، موضحا في الوقت نفسه أنه «تفاجأ برفض مجلس العموم البريطاني مشاركة البلاد في عمل عسكري موجه ضد سوريا» ، وأكد أنه لم يكن يتوقع نتيجة التصويت في المجلس .
وقال : «هذا يثبت أن في بريطانيا - رغم كونها حليفة الولايات المتحدة الجيوسياسية الأهم في العالم - أناسا تسيرهم مصالح بلادهم والعقلانية ، أناسا يقيمون عاليا سيادتهم.»
الرفض الروسي للموقف الأمريكي جاء أيضا على لسان
المتحدث باسم الخارجية الروسية الذي أكد أن «التهديد الذي أطلقته واشنطن باستخدام القوة ضد الحكومة السورية غير مقبول» ، موضحا أن «أي عمل عسكري من جانب واحد ، سيكون بمثابة انتهاك مباشر للقانون الدولي ، وسيقوض فرص التوصل الى حل سياسي للصراع في سورية» .
في غضون ذلك، أظهر استطلاع للرأي اجري في فرنسا ، أن 64 في المئة من الفرنسيين يعارضون استخدام القوة العسكرية ضد سوريا .
في غضون ذلك يعقد وزراء الخارجية العرب اليوم الاحد اجتماعا في القاهرة لبحث تطورات الأزمة في سوريا. وقال مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد بن حلي أمس إن موعد الاجتماع الاعتيادي الذي كان مقررا الثلاثاء المقبل قد قدم «في ضوء التطورات المتسارعة في الشأن السوري ، وبناء على رغبة عدد من الدول العربية.»
وكان فريق التفتيش الأممي الذي كان يحقق في استخدام سوريا المزعوم أسلحة كيميائية قد غادر دمشق أمس ، متوجها الى لبنان. ووصل الفريق في وقت لاحق الى مطار بيروت الدولي.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن فريق خبراء الأسلحة الكيميائية انتهى من جمع العينات والأدلة ، فيما يتعلق بهجوم كيميائي مزعوم أدى إلى مقتل مئات الأشخاص في منقطة الغوطة قرب دمشق.
وقالت الامم المتحدة يوم الجمعة إن تحليل العينات التي جمعها المبعوثون قد يستغرق اسبوعين على الأقل .
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد أعلن بأنه يدرس امكانية توجيه «ضربة محدودة» الى سوريا.
أضاف اوباما أنه لم يتخذ بعد «قرارا نهائيا» بشأن سوريا ، لكنه تحدث عن عملية امريكية «محدودة لمعاقبة النظام السوري».
وكانت الحكومة الأمريكية قد نشرت الجمعة، تقييماً تعلن فيه ثقتها الكبيرة بأن النظام السوري استخدم أسلحة كيمائية.
وأفاد البيت الأبيض في تقييم من 4 صفحات، أن حكومة الولايات المتحدة تقيّم بثقة عالية أن الحكومة السورية نفذت هجوماً بأسلحة كيماوية في 21 آب في ضواحي دمشق، وبأن عنصراً يؤثر على الأعصاب استخدم في الهجوم.
ويقول مراسل بي بي سي في بيروت كيفن كونولي إن مغادرة فريق التفتيش ازالت عقبتين، عملية وسياسية، امام الخطط الامريكية لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.
ويقول مراسلنا إن وجود المفتشين في سوريا كان قد يعرض حياتهم للخطر في حال قيام الولايات المتحدة بتنفيذ عمل عسكري، كما كان من شأنه اظهار هذا العمل على انه سابق لاوانه ما دام المفتشون لم ينتهوا من عملهم.
وقال الرئيس الامريكي مساء الجمعة إن الهجوم الكيميائي المزعوم الذي وقع في الحادي والعشرين من هذا الشهر يعتبر «تحديا للعالم» وانه يهدد «الامن القومي الامريكي.»
وقال «لا يمكننا القبول بعالم يقتل فيه النسوة والاطفال بالغاز السام باعداد كبيرة، فعلى العالم يقع واجب ضمان مواصلة الالتزام بحظر استخدام الاسلحة الكيميائية.»
ولكن اوباما اكد من جانب آخر على أن واشنطن تدرس امكانية «توجيه ضربة محدودة وضيقة» لسوريا، وطمأن مستمعيه الى انه لا يفكر في ارسال قوات برية الى سوريا او خوض حملة طويلة الامد فيها.
وأدلى الرئيس الامريكي بتعليقاته بعد وقت قصير من اعلان وزير خارجيته جون كيري عن تقرير استخباري وصفه بالسري حول الهجوم المزعوم الذي وقع في غوطة دمشق.
ومن بين الاستنتاجات التي توصل اليها التقرير أن الهجوم اسفر عن مقتل 1429 شخصا بينهم 426 طفلا.
وكان عناصر تابعون لجناح الاسلحة الكيميائية في الجيش السوري موجودون في المنطقة في الايام الثلاثة التي سبقت الهجوم.
وكشفت الادلة المستقاة من الاقمار الاصطناعية ان ثمة صواريخ اطلقت من مناطق تقع تحت سيطرة القوات الحكومية قبل ورود اولى التقارير عن الضربة الكيميائية بـ 90 دقيقة.
واظهرت عشرات الاشرطة المصورة اصابات تتماشى مع تلك التي يتسبب بها التعرض لسم الاعصاب.
واتهم وزير الخارجية الامريكي جون كيري الحكومة السورية أمس باستخدام اسلحة كيميائية لقتل 1429 شخصا بينهم 426 طفلا.
ولكن سوريا اتهمت الامريكيين بتلفيق الأدلة من أجل تبرير الهجوم العسكري عليها ورفضت تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي ينسب إليها الهجوم الكيميائي الذي وقع في ريف دمشق الاسبوع الماضي.
وقالت سوريا إن هذا التقرير «مليء بالأكاذيب». وأكدت الخارجية السورية في بيان أن «ما قالت الإدارة الأمريكية إنها أدلة قاطعة .. انما هي روايات قديمة نشرها الارهابيون منذ اكثر من أسبوع بكل ما تحمل من فبركة وكذب وتلفيق».
أضافت أن «كل نقاط الاتهام للحكومة السورية هو كذب وعار عن الصحة».
في سياق متصل أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم رفض بلاده لأي تقرير جزئي يصدر عن الأمانة العامة للأمم المتحدة ، قبل إنجاز بعثة المفتشين لمهامها ، والوقوف على نتائج التحاليل المخبرية للعينات التي جرى جمعها من قبل البعثة ، والتحقيق في المواقع التي تعرض فيها الجنود السوريون للغازات السامة ، والتي طلبت الحكومة السورية من الأمين العام التحقيق فيها.
جاء ذلك في اتصال هاتفي بين المعلم والأمين العام للأمم المتحدة كما أفادت وكالة الأنباء السورية سانا.
الى ذلك، نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أمني سوري لم يشأ الافصاح عن هويته قوله إن سوريا تتوقع هجوما عسكريا «في أي لحظة.»
وقال «نتوقع هجوما في أي لحظة، ونحن مستعدون للرد في أي لحظة».