
تونس – وكالات - أثارت تصريحات مفتي تونس الشيخ حمدة سعيد الأخيرة، والتي اتهم فيها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بأنه هو «المتسبب في انتشار ظاهرة الإرهاب في البلاد» جدلاً واسعاً في الشارع التونسي.
وأعقبت هذه التصريحات عملية انتحارية فاشلة كانت تستهدف تفجير ضريح بورقيبة في مدينة المنستير، على الساحل الشرقي الأسبوع الماضي، وهو ما اعتبرته النقابة التونسية لأئمة وخطباء المساجد «نتيجة طبيعة لتصريحات المفتي السابقة».
وقال الأمين العام لنقابة الأئمة فاضل عاشور في تصريحات صحافية إنه سيتم رسمياً مقاضاة مفتي الجمهورية حمدة سعيد بتهمة التحريض المباشر على الإرهاب، فقد أعطى بهذه التصريحات الضوء الأخضر للإرهابيين ليفكروا في تفجير ضريح بورقيبة بالمنستير، بالإضافة الى أنه تسبب في تعريض حياة البورقيبيين (أي أتباع بورقيبة) إلى الخطر فقد أصبحوا أيضاً مستهدفين من قبل الإرهابيين».
وكان الشيخ حمدة سعيد قد اتهم في وقت سابق، في حوار مع القناة الرسمية التونسية، الرئيس بورقيبة ونظامه بالوقوف خلف انتشار ظاهرة الإرهاب في تونس، قائلاً: «إنّ بداية الظاهرة الإرهابية يوم قام الحبيب بورقيبة بنزع الحجاب عن المرأة التي وقفت أمامه ويوم أغلق جامع الزيتونة وأوصدت أبوابه في وجوه طلبة العلم، فظهر شباب متعطش الى علوم الدين والشرع فما وجد وسيلة الى ذلك فالتجأ يلتمس علم دينه عن طريق القنوات الفضائية».
من جانبه دافع المفتي حمدة سعيد عن نفسه قائلاً: «إن تصريحاته حول موضوع الإرهاب تم تحريفها وإخراجها عن سياقها، كما تم تشخيص الموقف في شخص الزعيم بورقيبة»، على حد قوله.
وقال المفتي سعيد في بيان رسمي صدر السبت عن دار الافتاء: «إن حقيقة الفكرة هي أن من أسباب الإرهاب العميقة غلق جامع الزيتونة، وما نتج عنه من تجفيف منابع المعرفة الشرعية الدينية الوسطى التي عُرفت بها تونس عقيدة ومذهباً فقهياً، إلى جانب الدعوة إلى السفور وتهميش دور الدين وقصره على بعض المظاهر الاحتفالية».
أضاف أن «هذه الأخطاء ارتكبها بورقيبة ولكلٍّ حسناته وسيئاته»، وفق تعبيره، موضحاً أن إغلاق التعليم الزيتوني أنشأ فراغاً لدى الأجيال المتعاقبة دفع البعض إلى أن يستقي مرجعيته الدينية من الخارج فنشأ التطرف والتعصب ومازال ذلك يستبد بعقول البعض حتى وصل حدّ التكفير والترهيب»، مشيراً في ذات السياق الى أنه «من واجبه بصفيته مفتياً للجمهورية أن يصدع بكلمة الحق كلما رأى موجباً شرعياً إلى ذلك لأنه في صميم دور المفتي أن يجمع بين الدور الشرعي والإصلاحي».