
أكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف توجه بلاده نحو فتح صفحة جديدة وافاق واسعة ورؤية تجاه توطيد علاقتها مع دول المنطقة «انطلاقا من النوايا الحسنة والجدية التي تتمتع بها تلك الدول» لافتا الى ان دولة الكويت «بسياستها الحكيمة تمتلك علاقات وطيدة مع دول المنطقة وخصوصا مع ايران».
واعتبر الوزير ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد على هامش اجتماعات اللجنة العليا الكويتية - الايرانية المشتركة علاقات ايران بجيرانها في المنطقة من أهم الموضوعات بالنسبة لبلاده.
واوضح ان «أمن كل بلد من بلدان المنطقة يعتبر أمنا لايران كما أن سعادتها من سعادتنا ومشكلاتها هي مشاكلنا ومستقبلهم لا يعتبر منفصلا عن مستقبلنا».
وجدد التأكيد على ان بلاده فتحت صفحة ورؤية جديدة تجاه تعزيز علاقتها مع دول المنطقة معربا عن تمنياته بان تلعب وسائل الاعلام المختلفة في الجانبين دورا بناء تجاه تعزيز التفاهم بين دول المنطقة.
وفيما يتعلق باتفاق ايران مع دول «5 + 1» حول برنامجها النووي قال «نحن لسنا بحاجة الى تفسير الاتفاقية وهذا الاتفاق نشر في وثيقة مشتركة وايران لم ترغب في اظهار تفسيرها الخاص للاخرين تجاه هذه الاتفاقية ونأمل ان تحقق نتيجة».
واضاف الوزير ظريف ان هذه الاتفاقية «لا تحقق كل أهدافنا ولا أهداف الجانب الآخر إنما نأمل ان تنفذ الاتفاقية كما تم الاتفاق عليه» مشددا على اهمية ان يبدي الطرف المقابل لايران نواياه الحسنة «وان نشهد إزالة عدم الثقة بين ايران والغرب» لاسيما تجاه الولايات المتحدة الامريكية.
واوضح ان حل الموضوع يأتي في صالح كل دول المنطقة «ولا نرى أنه تم على حساب أي بلد من بلدان المنطقة» مخاطبا دول الخليج العربي بالقول «كونوا على ثقة بأن ايران لا تخطو اي خطوة تكون على حساب اي بلد من بلدانكم».
وجدد تأكيده ان الاتفاق النووي جاء لصالح كل المنطقة واستقرارها وأمنها معربا عن امله في تنفيذ المرحلة الاولى منه للوصول الى الحلول النهائية «ومستعدون للتفاوض مع شركائنا في اي وقت يرغبون به».
وبسؤاله عن وجود تنازلات إيرانية للغرب من اجل الوصول الى هذا الاتفاق قال ظريف ان ما تم لا يعتبر اتفاقية انما «برنامج الاجراءات التي يجب ان تتخذ وهو بصدد التنفيذ ولدينا قناعة بأن تنفيذ هذا البرنامج سوف يؤدي الى بناء الثقة الذي يجب ان يكون بين الجانبين».
واضاف ان الشعب الايراني «لا يثق بالغرب وعلى الغرب ان يتخذ خطوات من أجل بناء الثقة مع الشعب الايراني» مبينا ان بلاده «سوف تنفذ ما قبلت به ولن نسمح بتجاوز الخطوط الحمراء في احترام من انتخبه الشعب الايراني أو أن يملي الاخرين علينا شيئا».
وتابع بالقول «برنامجنا للأغراض السلمية ولا يهدد احداً وايران تعمل في مجال التخصيب وفق خطتها المعدة وهذه الوثيقة اعترفت بالبرنامج الايراني كما ان كل حل يجب ان يشمل ازالة كافة اشكال الحظر والعقوبات التي فرضت علينا».
وذكر المسؤول الايراني ان ما تم الاتفاق عليه في جنيف ذكر في هذا البرنامج «وبانتظار ان ينفذ للوصول الى المرحلة الثانية منه».
وبسؤاله حول الزيارة المرتقبة الى السعودية وموعدها قال ظريف ان «تاريخ الزيارة لم يحدد بعد» مشيرا الى ان بلاده تنظر الى السعودية على أنها بلد مهم ومؤثر في المنطقة.
واضاف ان علاقات بلاده مع السعودية «متطورة ويمكن تعزيزها من خلال التعاون المشترك كما نشيد بالخطوات الايجابية التي شهدناها من قبل السعودية ونرحب بها».
وردا على سؤال حول الشأن السوري ومدى استعداد ايران للتوسط بين أنقرة ودمشق اوضح ظريف ان «القرار النهائي بخصوصها يجب أن يتخذه الشعب السوري» داعيا الأطراف المؤثرة على الداخل السوري الى لعب دورها من أجل انهاء الوضع المؤسف داخل سوريا والاتجاه نحو الحل والحوار السياسي باعتباره «ضرورة ملحة لا مفر منها».
وشدد المسؤول الايراني على ضرورة ان يكون الخيار السياسي هو الحل للازمة السورية معتبرا ان الحل عن طريق الخيار العسكري هو مجرد «وهم».
ودعا جميع الاطراف المتنازعة داخل سوريا الى العمل لتشجيع «بعضها نحو الخوض في الحل السياسي» مؤكدا ان «التطرف والفتنة الطائفية لا تقتصر على سوريا وإنما تؤثر هذه الهواجس على جميع بلدان المنطقة بما فيها تركيا».
وقال ان تركيا الصديقة يجب ان تعمل على مواجهة هذا الامر «للحيلولة دون اتساع رقعة التطرف والفتنة» مشيرا الى عقده في وقت سابق جلسات مطولة مع وزير الخارجية التركي داوود اوغلو في هذا الشأن.
وبطلب تعليقه على تصريحات الحكومة السورية التي اعتبرت اتفاق ايران مع الغرب سيؤثر ايجابا على الأزمة في سوريا قال ان بلاده «ترى بأن مستقبل سوريا يحدده ابناء الشعب السوري ولا سبيل لذلك الا حل واحد وهو اللجوء الى صناديق الاقتراع حيث أن صوت الشعب هو السبيل الوحيد لحل هذه المشكلة».
وطالب مجددا البلدان المؤثرة والتي يمكن ان تلعب دورا في هذا المجال بتشجيع كل الاطراف في سوريا على ان تختار هذا السبيل.
وحول ترتيبات مشاركة ايران في «جنيف 2» أوضح أن بلاده سوف تحضر للمشاركة في «جنيف 2» إذا وجهت لها الدعوة «ولا نقبل ان يفرض علينا أي شرط لحضور هذا الاجتماع» معتبرا ان حضور ايران سوف يساعد على ايجاد الحلول والتسوية في الأزمة السورية و»لذلك نحن على أتم الاستعداد لذلك».
وبشأن التطمينات الايرانية تجاه دول الخليج حول الاتفاق على برنامجها النووي ذكر ان هذا الاتفاق «لم يمس أي من دول المنطقة» معربا عن تطلعه بأن يكون هذا الاتفاق بداية الحل بشأن برنامج ايران النووي.
وحول زيارة وزير الخارجية الاماراتي وأوضح ان لقاء نظيره الاماراتي تطرق الى القضايا ذات الاهتمام المشترك «وسوف نواصل هذا البحث لإزالة سوء الفهم تجاه جميع القضايا وخصوصا موضوع جزيرة ابوموسى وسنتحاور مع الاصدقاء في الامارات لحل هذه المشكلة»
وردا على سؤال حول اطلاق سراح المواطن الكويتي المحتجز لدى الجهات الأمنية في ايران عادل الحوال قال ظريف ان وزارة الخارجية الايرانية «استطاعت ان تتدخل في هذا الموضوع ذي الطابع الامني» مشيرا الى ان «خطوة الخارجية الايرانية جاءت لتكون بداية جيدة في اتجاه العلاقات الطيبة بين البلدين».
وافاد بأنه استمع الى وجهات نظر قيمة من قبل صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح ومن نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد «من شأنها دعم أمن واستقرار المنطقة» مؤكدا انه يشاطر سمو امير البلاد ووزير الخارجية الرأي في هذا الصدد.
من جهته قال وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد «ناقشنا كل القضايا بما يعكس عمق العلاقة بين الكويت وايران وبما يضع العلاقة في اطارها المناسب عن طريق وضع الحلول المتفق عليها في جميع القضايا والمسارات المتعددة في القطاعات المختلفة»
وعن وجود اي وساطة كويتية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الاسلامية اكد الشيخ صباح الخالد ان جميع دول المنطقة تود ان تكون العلاقات فيما بينها «طبيعية وقائمة على اسس من مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار».
وقال «نحن تابعنا باهتمام كبير تصريحات الرئيس الدكتور حسن روحاني في اقامة علاقات تعاون مع دول المنطقة وبشكل خاص المملكة العربية السعودية وايضا المؤشر الايجابي المتمثل برد خادم الحرمين الشريفين على الدكتور حسن روحاني بنفس الايجابية».
واضاف الشيخ صباح الخالد ان جميع دول المنطقة حريصة على وجود تعاون بناء من اجل امن واستقرار هذه المنطقة لافتا الى ان دول المنطقة تلتقي بالمصالح والمصير المشترك الذي لابد من تعزيزه.
وكانت بدأت أمس أعمال الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة بين دولة الكويت والجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث ترأس الجانب الكويتي رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد فيما ترأس وترأس الجانب الإيراني وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف .
وكان رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد أكد تطلع الكويت إلى توثيق عرى التعاون والتواصل مع دول المنطقة ،مشددا على أن سياسة تبادل المنافع والمصالح هي حجر الأساس في العلاقات الثنائية وأن التبادل السلعي والتجاري بين الجانبين لا يرقى إلى مستوى الطموحات ولا يعبر مطلقا عن العلاقة التاريخية ولا ينسجم أيضا مع مستوى العلاقات السياسية.