
قبل موعد انعقادها بثمان وأربعين ساعة ، تبدو الجلسة البرلمانية الخاصة بمناقشة قضية «الداو» ، والمقرر لها بعد غد الثلاثاء ، مشروع أزمة كبيرة بين مجلس الأمة والحكومة ، في ضوء تلويح الأخيرة بعدم حضور الجلسة ، استنادا إلى وجود لجنتي تحقيق «برلمانية وحكومية في القضية»، فيما يصر عدد كبير من النواب على عقدها من منطلق أن ما سيثار خلالها يختلف إلى حد كبير مع عمل اللجنتين ، وفي الوقت نفسه لا يعوق عملهما .
في هذا السياق جدد وزير النفط د . علي العمير تأكيده أن مجلس الوزراء سينظر في موضوع طلب عقد جلسة خاصة لمناقشة قضية «الدوا» ، الذي تقدم به عدد من النواب عندما يصل الطلب .
وأوضح العمير أنه لايجوز مناقشة موضوع هو محل تحقيق ، وقضية الداو تحقق بها لجنتان ، إحداهما التي شكلها مجلس الوزراء ، والأخرى لجنة حماية الاموال العامة المكلفة من قبل مجلس الامة ، ولم تنته اللجنتان من عملهما حتى الآن ، مشيرا الى انه لايمكن الحديث عن محاسبة المتسبب قبل استكمال التحقيق ، ومعرفة ما اذا كان هناك تجاوزات ومن هم المتسببون بها لمحاسبتهم .
أضاف ان النائب يعقوب الصانع احد مقدمي طلب عقد الجلسة الخاصة بين ان موضوع الطلب يختلف عن الموضوع المنظور أمام التحيق ، وهذا ما سنتحقق منه وننظره في اجتماع مجلس الوزراء القادم .
في المقابل رأى النائب عادل الجار الله الخرفي ان هناك عزلة بين النواب وما يدور في مكتب المجلس مع الحكومة ، وذلك في تعليقه على عقد الجلسة الخاصة لمناقشة قضية الداو.
وقال الخرافي في تصريح خاص لـ «الصباح» ان قضية الداو تنطوي علي مساس بالمال العام ، وهو ما يشعر الجميع باليقين بان هناك تلاعبا بأموال الشعب ، مشددا على ضرورة تبيان حقائق هذا الموضوع كاملة .
وذكر ان عدم حضور الحكومة للجلسة يعني نشوء مشكلة تدل على عدم التعاون مع مجلس الامة ، لاسيما وان قضية الداو مضي عليها اكثر من ستة اشهر .
واوضح الخرافي ان التعاون بين السلطتين التشريعة والتنفيذية اذا لم يكن بهدف حماية المال العام ، فوجوده مثل عدمه ، غير انه في المقابل اكد على ثقته بوزير النفط د. علي العمير ، مشيرا إلى انه جديد داخل التشكيل الحكومي ، وبالتأكيد هناك من اوعز له بان الحكومة غير جاهزة لحضور جلسة الثلاثاء .
أضاف ان من حق نواب الأمة بعد هذه الشهور ان يكونوا على دراية بما فعلته الحكومة ، وما تم اتخاذه حيال هذه القضية ، منوها انه اذا لم يظهروا المتسببين في الداو خلال الأيام الحالية ، فسوف ياتي يوم يعرف اهل الكويت جميع اطراف القضية والمتسببين بالغرامة ، لاسيما وان الحكومة لن تستطيع ان تكون بعيدة عن هذا الأمر طويلا .
من جانبه اكد النائب رياض العدساني ان الجلسة الخاصة يوم الثلاثاء المقبل لمناقشة قضية الداو يجب ان تعقد ، وذلك حسبما نصت عليه اللائحة الداخلية لمجلس الامة انه في حال تقدم عشرة نواب بطلب عقد جلسة خاصة فانه يجاب الى طلبهم .
واوضح العدساني في تصريح خاص لـ «الصباح» ان قضية الداو لا يمكن السكوت عنها ، نظرا لأهميتها وتعلقها بالمال العام ، خاصة بعد ان أعلنت الحكومة في السابق عزمها تشكيل لجنة تحقيق لبيان من المتسبب في دفع الغرامة لكن الى يومنا هذا لم يتم الاعلان عما أسفر اليه عمل اللجنة ، بالرغم من أن سمو رئيس الوزراء الحالي هو نفسه رئيس المجلس الاعلى للبترول ، الأمر الذي كان يفترض معه ان تحمل هذه القضية على محمل الجد .
ولفت العدساني الى استجوابه لسمو رئيس الوزراء في 26 نوفمبر 2013 ، حيث كانت الداو ضمن محاور الاستجواب ، وفقا لنص المادة 17 من الدستور والتي تقضي بأن للأموال العامة حرمة ، وبما ان الدولة دفعت غرامة تعادل 2.16 مليار دولار فانه يجب محاسبة المتسبب في هذه الغرامة وعدم السكوت عنه أيا كان شخصه .
وبين ان الهدف من عقد الجلسة الخاصة هو لاستيضاح جميع الحقائق ووضع القرارات والتوصيات ، مشيرا إلى ان لجنة التحقيق المكلفة من قبل مجلس الوزراء مضى على تشكيلها وقت طويل وحتى الآن لم يصدر عنها أي نتيجة .
وكشف العدساني انه سوف يكون احد المتحدثين في الجلسة الخاصة ، حيث يتناول اسباب عدم التعاون مع شركة الداو الأصلية كما فعلت المملكة العربية السعودية ، متسائلا : لماذا تم تأسيس شركة باسم «كي داو» وهي عبارة عن شراكة بين البتروكيماويات الكويتية وشركة داو كيميكال الاصلية ؟ بينما كان الأصل ان تتعاقد الكويت مع الشركة الاصلية باعتبارها الشركة الأم .
واوضح انه سوف يطالب ايضا في حديثه بالكشف عن أسباب دفع الكويت للغرامة وفقا للحد الاقصي وهو 2.16 مليار دولار ، خاصة وان الحكومة في 2008 كانت تملك الأغلبية البرلمانية ، فلماذا فسخت العقد اذا كان المشروع جيداً ؟! وفي المقابل اذا كان مشروعا سيئا فلماذا تم توقيع عقده من الأساس ؟!
واوضح العدساني أن عقد الجلسة الخاصة لاعلاقة لها نهائيا بأعمال لجنة حماية الاموال العامة المكلفة بالتحقيق ، حيث إن اللجنة سوف تتناول اسباب الغرامة فقط ، مشددا على ضرورة عقد الجلسة ، واستنكر في الوقت ذاته من يحاولون القول بان هذه الجلسة سوف تضيع وقت الحكومة ، خاصة في ظل وجود لجان تحقيق لم ينته عملها بعد ، مؤكدا ان «الحكومة وقتها في الأساس ضائع ، وهي تسير دون ادني انجازات بعد ان ضيعت وقت الشعب وامواله» واعتبر عدم حضور السلطة التنفيذية للجلسة «نوعا من التسيب والاهمال» ، مؤكد انه تم ابلاغ الحكومة بطلب عقد الجلسة الخاصة اثناء الجلسة الماضية بعد ان تم تقديم الطلب الى رئيس مجلس الامة .
وعلى صعيد اذا لم تحضر الحكومة الجسة الخاصة ، قال العدساني : لن نسكت وسوف نطالب ونشدد ونفعل ادواتنا الدستورية ، فلا يعقل السكوت امام هذه الغرامة الكبيرة التي دفعت من أموال الكويتيين ، مشددا انه سوف يستمر في تفعيل ادواته الدستورية الى ان يتم محاسبة المتسببين .
بدوره أكد النائب حمدان العازمي ضرورة حضور الحكومة الجلسة المقبلة الخاصة بقضية «الداو» بكامل أعضائها ، مشددا على ضرورة وجود شفافية مطلقة في التعامل مع الموضوع حتى يعلم الشعب الحقائق كاملة ، ويتبين له من المتسبب في هذه القضية ، ومن المسؤول عن ضياع مليارات الشعب الكويتي الذي تدفع حكومته المليارات للدول الأخرى والمليارات للتعويضات ، وتضرب بمطالبه وحقوقه عرض الحائط .
وأشار العازمي في تصريح له أمس ، إلى أن قضية «الداو» قضية شائكة تورط فيها مسؤولون حاليون ومسؤولون سابقون ، ووقف ضعف الحكومة وغطرسة بعض المسؤولين في البلد أمام احتواء الموضوع وتقليل مبالغ التعويضات أو حتى عدم دفعها ، وهو ما كان الطرف الآخر الممثل في شركة «داو كيميكال» مستعدا له حتى لا يخسر الكويت كشريك مهم واستراتيجي ، لكن عدم قدرة البعض على الإلمام بالأمر ، ونظرته إلى تساهل الشركة على أنه ضعف تسبب في زيادة حجم المبلغ المدفوع .
وقال إن الشفافية الحكومية في التعامل مع الأمر ومحاسبة جميع المسؤولين عنه ، سواء كانوا سابقين أو حاليين، والإعلان عن المتسرعين في دفع مبلغ الغرامة ، وهل هناك تنفيع لشركات كويتية ساهمت في دفع الغرامة كاملة وبهذه السرعة ، جميعها إجراءات مطلوب الكشف عنها في الجلسة المقبلة، حتى يعرف الشعب من تسبب في هدر امواله ، وإلا فإن هناك إجراءات حاسمة سيتخذها النواب لمحاسبة المسؤولين قد تصل إلى منصة الاستجواب ، إذا أحس النواب أن الحكومة تحاول التغطية على مسؤولين حاليين أو سابقين كانوا سببا في هذه الأزمة.
واستغرب العازمي صمت الحكومة عن ما قيل بأن الكويت تقدم غازا مدعوما إلى شركة ايكويت للبتروكيماويات التي تملك شركة داو كيميكال بنسبة 42 في المئة أو أكثر من أسهمها يصل إلى 93 تريليون قدم مكعب سنويا ، وأن قيمة الدعم السنوي قد تصل إلى مليار دولار أميركي أو أكثر سنويا ، وهو ما يعني ان الدولة تدفع سعر غرامة «الداو» كل سنتين ، داعيا إياها إلى نفي أو تأكيد هذه الأرقام بدلا من تجاهلها ، مؤكدا في الوقت ذاته أن الجلسة المقبلة ستكون حاسمة في هذا الشأن وعدم حضور الحكومة لها يعني أنها لا تريد حلا لهذه المشكلة.