
خرجت الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الأمة أمس، لمناقشة قضية «الداو» بتوصيتين مهمتين في هذا الشأن، تتضمن إحداهما تكليف ديوان المحاسبة بإعداد دراسة وتقرير شامل ومفصل ، حول تداعيات صفقة «كي- داو» في موعد أقصاه شهر من تاريخ تكليفه ، فيما دعت التوصية النيابية الثانية وزير النفط إلى أن «يعيد النظر في من تمت إحالتهم للتقاعد ، بسبب رفضهم صفقة الداو المشبوهة ، وبأن يعيدهم إلى عملهم احقاقا للحق وانصافهم».
وجاء في التوصية الأولى ضرورة أن يكلف ديوان المحاسبة التحقيق في الصفقة بدءا من أول إجراءاتها وإرهاصاتها ، ومرورا بالمفاوضات التي أجريت بشأنها ، والمكاتبات والمراسلات التي تمت بين الجهات ذات الصلة المعنية بهذه الصفقة وانتهاء بأسباب ومبررات إلغائها.
وشددت التوصية على أن «يكون لديوان المحاسبة الصلاحية المطلقة في الاطلاع لدى الوزارات والجهات ذات العلاقة ، على كل ما يراه لازما من مستندات أو أوراق خاصة بهذه الصفقة ، مع التزام الحكومة التام بتسهيل مهمة ديوان المحاسبة بشأن ذلك وتسخير الإمكانات كافه له لإعداد التقرير والدراسة المطلوبة».
ودعت ديوان المحاسبة إلى «الاسترشاد والاستئناس بتقريري لجنتي مجلس الوزراء وإدارة الفتوى والتشريع اللتين سبق لهم بحث هذا الموضوع ، واللتان كانت اولاهما برئاسة السيد عدنان شهاب الدين ، وثانيتهما برئاسة المستشار صلاح المسعد دون ان يكون رأي هاتين اللجنتين أو احداهما ملزما له».
وشددت على وجوب اتباع ديوان المحاسبة للقواعد والضوابط المنصوص عليها في القانون رقم 30 لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة ، وبما يتفق مع طبيعة البحث والدراسة المطلوبة ، داعية الديوان الى الالتزام بإعداد هذا التقرير في موعد أقصاه شهر من تاريخ تكليفه بهذه المهمة.
واشارت التوصية الى أن يلتزم الديوان بتزويد وزير النفط بنسخة من التقرير ، ليتسنى له اتخاذ اللازم قانونا نحو إحالة الموضوع لجهات التحقيق الجنائي أو التأديبي حسب الأحوال تجاه المخطئين ، وأن يلتزم ديوان المحاسبة كذلك بتزويد رئيس مجلس الأمة بنسخة من هذا التقرير فور إعداده ، ليتولى بدوره إحالة الأمر إلى لجنة حماية المال العام بمجلس الأمة ، لاتخاذ ما تراه مناسبا حيال هذا الموضوع.
من جهته أكد وزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د.علي العمير تأييده والحكومة توصية مجلس الأمة في تكليف ديوان المحاسبة اعداد دراسة وتقرير مفصل حول تداعيات صفقة «كي – داو» .
وأضاف ان ديوان المحاسبة عندما يحدد أسماء بعض المسؤولين «المتسببين» أو صفاتهم «ستتفاعل الحكومة مع هذا الموضوع بكل تأكيد وما يؤخرنا اليوم في توجيه البلاغات «للنيابة العامة» هو تحديد الأسماء من قبل لجان التحقيق».
وأشار إلى أن الحكومة سبق ان أحالت الكثير من القياديين والوزراء ، وحتى سمو رئيس مجلس الوزراء إلى محكمة الوزراء ، مبينا أن الحكومة لن تتردد في كشف كل الحقائق وتحديد المسؤولين ، واتخاذ ما هو مناسب في شأنهم حتى «يطوى هذا الملف طيا صحيحا في تحديد من تقع عليه المسؤولية».
وذكر ان ما أبداه النواب من ملاحظات واراء ومقترحات سيكون محل تقدير واهتمام ، «وتم تدوينها وسأنقلها إلى لجنة التحقيق الحكومية المكلفة برئاسة الدكتور عدنان شهاب الدين لنصل إلى الحقيقة حولها».
وقال العمير ان صفقة «كي داو» شكلت مثال صارخ لهدر المال العام ، مؤكدا تعاونه مع المجلس ولجنة التحقيق البرلمانية للوصول الى الحقيقة ومحاسبة من تسبب بهدر المال العام وإحالته إلى النيابة العامة.
واضاف الوزير العمير في بيان ادلى به خلال جلسة مجلس الأمة الخاصة بمناقشة صفقة «كي داو» واستيضاح سياسة الحكومة بشأنها ، ان الحكومة كانت تأمل بعقد هذه الجلسة بعد الانتهاء من لجان التحقيق سواء اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء برئاسة الدكتور عدنان شهاب الدين «والتي أوشكت ان تنتهي من عملها أو لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية التي عقدت عدة اجتماعات وتسعى لاعداد تقريرها ورفعه الى مجلس الأمة».
وشدد على أنه يشارك المجلس الحرص على جلي الحقائق ومعرفة المتسبب واتخاذ الاجراءات القانونية الكفيلة بحفظ الأموال العامة والبقاء على حرمتها.وقال انه بعد إلغاء الاتفاقية مع شركة داو كيميكال توجهت الشركة للتحكيم والمطالبة بالتعويض الذي يتحمله أي طرف يمتنع عن تنفيذ العقد والذي تم وضع سقف له ببنود العقد ويبلغ في حده الأقصى 5ر2 مليار دولار وذلك بناء على الأضرار الفعلية والمدعمة بالمستندات التي يتكبدها الطرف المتضرر من عدم تنفيذ العقد وتقدره هيئة التحكيم.
ولفت إلى أن الصفقة كانت صفقة تجارية دولية وليست عقد مقاولة في دولة الكويت وتخرج عن نطاق قرار مجلس الوزراء رقم 11 لسنة 1988 موضحا أن المعمول به تجاريا ودوليا هو أن ينص في عقود الاستحواذ على قانون محايد بين الطرفين وعليه تم اختيار القانون الانجليزي والتحكيم الدولي.
وشدد الوزير العمير على أهمية التروي وعدم الاستعجال في تقديم بلاغات غير مكتملة الى النيابة العامة حتى انتهاء تقارير لجنتي التحقيق الوزارية والبرلمانية مضيفا ان «من توجه إليه الإدانة في التحقيق سنحيله إلى النيابة العامة».
وردا على طلب نيابي «بإعادة القياديين الذين تصدوا لقضية الداو إلى أماكن عملهم السابقة وإنصافهم حيث وقع عليهم الظلم» ، أكد الوزير رفضه فصل أي انسان من عمله ظلما ، موضحا أن هناك من لجأ الى القضاء «ولا نملك في هذه المرحلة إلا أن ننتظر أن يفصل القضاء في موضوعهم وسننصف كل مظلوم» في قضية الداو.
وجدد التأكيد على ان الحكومة لم تستعجل في دفع غرامة العقد إنما دفعتها بعد عام من صدور حكم هيئة التحكيم ، إلا «أننا وصلنا الى مرحلة لا يمكننا تجاوزها أو أن نتأخر في الدفع ، حيث هددت الداو بتجميد أصول وممتلكات الشركة في الخارج في أمريكا وفرنسا وغيرها وضغطت بزعم أن الكويت لا تلتزم بالأحكام الدولية».
وناشد الوزير العمير النواب الذين يمتلكون معلومات خاصة حول الصفقة وتفيد القضية أن يزودوه بها للوصول الى الحقيقة ومحاسبة المتسبب.
من جانبه دعا وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله المبارك من يملك من النواب دلائل أو معلومات بشأن قضايا الفساد والتعدي على المال العام ، الى تقديمها إلى النيابة العامة ، مؤكدا أن الحكومة جادة في كشف الحقائق بما يتعلق بقضية الداو ، من خلال تشكيلها لجنتي تحقيق حكوميتين بعد أول أسبوع من حكم هيئة التحكيم.
بدوره قال النائب جمال العمر بصفته رئيس لجنة حماية الأموال العامة إن اللجنة ، كلجنة تحقيق في صفقة الداو ، طلبت الاستعانة بمكتب تحريات دولي لمتابعة الموضوع واستكمال الحقائق ، كون القضية لها تداعيات خارج نطاق دولة الكويت.
واضاف ان اللجنة طلبت أيضا من مكتب المجلس الطلب من ديوان المحاسبة ، وتكليفهم اعداد تقرير حول سلامة الجدوى الاقتصادية عن صفقة العقد المبرم مع الداو ، مؤكدا أن لجنة حماية الاموال العامة ستنجز تقريرها وتكشف به الحقائق كاملة، آخذة بما تم تناوله خلال الجلسة من ملاحظات ومقترحات بشأن القضية .
وأعرب النائب سعدون العتيبي عن ثقته في أن وزير النفط د.علي العمير»سيكشف حقيقة صفقة الداو ، مشيرا إلى أن «الوكيل المساعد علي الهاجري رفض بشدة الصفقة ، وقال ان المصانع سوف تغلق وهي متهالكة فكانت المكافأة للهاجري هي اقالته من منصبة».
ولفت النائب فيصل الدويسان نظر الوزير العمير بقوله : «اذا اردت الوصول للحق والحقيقة فكلف مكتبا دوليا للتحريات لتتبع كيف دفعت الغرامة ومن المستفيد من العمولات ، ولماذا لم يقدم الملف كاملا الى النائب العام للتحقيق فيه؟».
من جهتها أوضحت النائبة صفاء الهاشم أن المتورطين في قضية الداو وزراء وقياديون وبعضهم حاليون في مناصب، واطالب الوزير علي العمير بأن يتحرك لحماية المال العام «.
وشدد النائب علي الراشد على أن «قضية الداو هي سرقة العصر فهي تدور حولها الكثير من الشبهات».
وقال : «كان هناك فريقان مارسا ضغوطا سياسية أحدهما لتمريرها والآخر لالغائها ، ورئيس الوزراء في ذاك الوقت كان مهددا بالاستجواب اذا مضي في الصفقة او اذا الغاها ، ولابد من محاسبة المتسبب في الغرامة ، والامر الخطير ان هناك من فرح بهذا الحكم لان هناك عمولات تدفع».
وزاد: «نسمع ان العمولة وصلت الى 30 في المئة ونحن بانتظار لمن دفع الكوميشن ، ولماذا الهرولة في الدفع ، وهل سوف تتخد الحكومة اجراءات ام تحيل الملف للنيابة بدون اسماء متهمين ؟».
وأكدالنائب عادل الجار الله أننا :» نرتجي من وزير النفط علي العمير عملا كبيرا في قضية الداو، فهي قضية كبيرة جدا ولا تجد منتدي في الكويت الا ويقول فلوس الكويت راحت».
وزاد: «قضية التنفيع فيها كانت مبيتة او متوجه لها ,وهي سرقة الونش مثلما يقول اخوانا المصريون»
واشار الى أن «في لجنة التحقيق الوزارية طرفا مستشارا عند اكبر قيادي في النفط في ذلك الوقت ، اضافه الي رئيس اللجنة واعتقد ان هناك ظروفا شخصية تؤدي الى بطء الانتاج واطراف تؤخر العمل ، واصبح المتعارف في الكويت اذا اردت ان تكبت شيئا اعمل له لجنة».