
اتفق زعماء عرب وعدد من كبار المسؤولين في الدول العربية والجامعة العربية ، على أن القمة العربية العادية في دورتها الـ 25 التي تستضيفها دولة الكويت بعد غد الثلاثاء ، هي إحدى أهم وأبرز القمم في تاريخ الجامعة العربية ، معربين عن الأمل في أن تخرج بقرارات وتوصيات تتناسب مع تطلعات الأمة العربية والتحديات التي تواجهها ، كما أشادوا بالجهود الكويتية في الإعداد للقمة والترتيبات المسبقة التي قامت بها ، لكي تأتي لقاءات الزعماء العرب في أفضل صورة ممكنة ، وأكثرها فائدة للأمة .
ويبدأ وزراء الخارجية العرب في الكويت اليوم ، اجتماعا تحضيريا وسط أجواء متغيرة في المنطقة العربية.
ويعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب بهدف التحضير لجدول أعمال القمة المقبلة وهي الأولى من نوعها التي تستضيفها الكويت منذ انضمامها رسميا للجامعة العربية في 20 يوليو 1961 ، في ظل ظروف إقليمية ودولية حساسة وصعبة وتطورات مهمة تتطلب الوصول إلى قرارات ورؤى تساعد على تعزيز التضامن والتكاتف العربي.
ويأتي عقد القمة ليكون ترجمة لحرص سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على تفعيل التعاون العربي ، والانطلاق بآفاقه نحو كل ما يخدم قضايا الأمة العربية ويحقق المصالح المشتركة ، وبما يعزز التواصل الإيجابي بين الدول العربية الشقيقة وسط آمال بأن تسفر عن النتائج الإيجابية التي تحقق الغايات المنشودة ، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة العربية.
ويعتبر عقد القمة العربية في الظروف الحالية تجسيدا لحرص دولة الكويت بالتعاون مع القادة العرب ، على مواصلة التشاور الدوري بشأن القضايا العربية المصيرية ، وتعزيزا للعمل العربي المشترك ، ودعما لاستقرار الدول العربية ، وتجنيبها المخاطر المحدقة والتناحر والتطرف والإرهاب.
ويتزامن الاجتماع مع تطورات مهمة بالمنطقة العربية ، أبرزها الملف السوري وتداعيات الأزمة الإنسانية ، بعد فشل مباحثات السلام لحل الأزمة السورية في مؤتمر «جنيف 2» وتصعيد الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ومحيط المسجد الأقصى.
وسيركز اجتماع وزراء الخارجية العرب على العديد من القضايا الأساسية ومنها متابعة القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، وتفعيل مبادرة السلام العربية ، خاصة بعد أن ألمح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في وقت سابق إلى وجود حاجة لمهلة جديدة ، بعدما تبين أنه ليس بالإمكان التوصل لاتفاق إسرائيلي - فلسطيني بحلول ابريل المقبل الذي يصادف نهاية مهلة أعلنها في يوليو 2013 مدتها تسعة أشهر لإبرام تسوية.
كما يتناول ملف الشرق الأوسط الرفض المطلق والقاطع للاعتراف بيهودية إسرائيل التي تستهدف إلغاء حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين ، والتطهير العرقي العنصري ضد فلسطينيي عام 1948 ، وهي ورقة يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضغط بها على الفلسطينيين مقابل استئناف المفاوضات المتوقفة منذ نحو ثلاث سنوات.
ويشمل الملف الفلسطيني أيضا الاستيطان واستكمال إسرائيل بناء جدار الفصل العنصري حول القدس المسمى «غلاف القدس» وسط محاولات سلطات الاحتلال اعتبار المسجد الأقصى جزءا لا يتجزأ من أراضي إسرائيل ، وينطبق عليه القانون الإسرائيلي رغم أن الأردن يشرف عليه بموجب اتفاقية السلام مع اسرائيل «وادي عربة» واتفاقية اخرى مع السلطة الفلسطينية.
وسيتطرق وزراء الخارجية العرب إلى دعوة الولايات المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود خط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، خاصة وأنها حصلت على وضع دولة بصفة مراقب في الامم المتحدة قبل اكثر من عام .
وسيبحث وزراء الخارجية العرب الأمن المائي العربي وسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي العربية المحتلة ، بجانب سبل مواجهة الإجراءات الإسرائيلية المتخذة في الجولان من خلال إقامة إسرائيل لجدار أمنى متطور «جدار ذكي» على طول الحدود السورية الإسرائيلية.
وفي الشأن الإماراتي يبحث وزراء الخارجية العرب تأكيد سيادة الإمارات الكاملة على جزرها الثلاث «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبو موسى» ، ودعمها إجراءاتها السلمية لاستعادتها وإدانة قيام إيران ببناء منشآت سكانية لتوطين مواطنيها في الجزر الإماراتية الثلاث ، بجانب مطالبة إيران بترجمة ما تعلنه عن رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية وفي الحوار وإزالة التوتر إلى خطوات عملية وملموسة.
وتتناول المناقشات أيضا أمن الحدود والإرهاب الدولي وسبل مكافحته وبناء القدرات الوطنية في المسائل المتعلقة بالإرهاب ، ومنع الإرهابيين من الاستفادة من مدفوعات الفدية ومن التنازلات السياسية مقابل إطلاق سراح الرهائن.
كما يتطرق إلى القرار الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين مؤخرا بشأن مكافحة الإرهاب ، ومعاقبة كل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة أو ينتمي لتيار أو جماعة دينية أو فكرية متطرفة أو مصنفة كمنظمة إرهابية أو يؤيد أو يتبنى فكرها أو منهجها بأي صورة كانت ، أو الإفصاح عن تعاطفه معها بأي وسيلة كانت بالسجن المشدد.
في سياق متصل أعلن مندوب دولة الكويت الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عزيز رحيم الديحاني ، ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي «وزراء المالية» اختتم اجتماعاته أمس ، باقرار ثمانية مشاريع قرارات تمهيدا لرفعها لاجتماع وزراء الخارجية التحضيري اليوم الاحد.
واكد الديحاني في تصريح للصحافيين عقب الاجتماع ان اقرار مشاريع القرارات المدرجة على جدول اعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشكل سريع ، يعكس مدى التوافق العربي و عمق العلاقات « الطيبة « التي تربط بين الدول العربية وحرصها على انجاح اعمال قمة الكويت المقرر عقدها يوم الثلاثاء المقبل.
من جهته قال وزير التجارة والصناعة والاستثمار المصري منير فخري عبدالنور في تصريح مماثل ان المجلس ناقش مشاريع القرارت والبنود المدرجة على جدول الاعمال ، ومنها مبادرة انشاء الطاقة المتجددة.
وتضمن مشروع القرار الاعراب عن التقدير لجهود الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، في تنفيذ مبادرة سمو الامير حيث بلغت المساهمات التي اعلنت عنها الدول العربية 1.308 مليار دولار من اجمالي رأس المال الذي يبلغ ملياري دولار.
من جهة أخرى أكد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ان انعقاد القمة التي تستضيفها دولة الكويت في دورتها الـ25 ، وتبدأ اعمالها بعد غد الثلاثاء ، يتزامن مع حاجة الدول العربية الماسة لاستعادة زخم العمل العربي المشترك كاطار لمواجهة التحديات.
وقال الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع صحيفة «الحياة» التي تصدر في العاصمة البريطانية لندن ، في عددها أمس ، ان القمة تنعقد في وقت يواجه فيه العالم العربي تحديات مصيرية ، وسط تغيرات اقليمية وعالمية مستمرة ، لافتا إلى ضرورة توظيف هذا المنبر العربي المحوري وكل المنابر العالمية الاخرى لتقريب المواقف العربية في التعاطي مع التحديات.
أضاف : «لنتذكر ان بعض القوى استغلت ضعف التضامن العربي للتأثير في الازمات التي يواجهها العرب بما يخدم مصالحها» ، مشيرا الى ان التركيز على المشاكل والاولويات الداخلية يسود اجواء العمل العربي.
وأعرب عن الأمل ان تشكل هذه القمة فرصة لمعالجة هذه الحالة والتركيز على التكامل العربي الذي يعد الحل الحقيقي للتحديات السياسية والامنية والاقتصادية.
وعن المشاركة الاردنية في القمة قال الملك عبدالله الثاني : انها ستركز على مركزية القضية الفلسطينية ، ودعم مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما يلبي طموح الشعب الفلسطيني باقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، ويكفل في نفس الوقت حقوق الاردن ومصالحه العليا المرتبطة بقضايا الحل النهائي.
بدوره اعرب الامين العام المساعد للشؤون السياسية في منظمة التعاون الاسلامي السفير عبدالله بن عبدالرحمن ، عن الامل في أن تتوصل القمة العربية التي تستضيفها الكويت الثلاثاء المقبل لنتائج ايجابية تواكب التحديات في المنطقة.
وقال السفير عبدالله في تصريح لـ «كونا» ان القمة العربية تنعقد وسط ظروف استثنائية مهمة تمر بها الأمتان العربية والإسلامية ، وتعلق عليها الامال كونها تعقد بالكويت تحت رئاسة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد .
واكد ان انعقاد القمة في الكويت يبعث على الامل في خروجها بنتائج إيجابية ، تساهم في تعزيز العمل المشترك ولم الشمل ووحدة الصف العربي لافتا الى الدور «المعتدل» الذي تؤديه الكويت بقيادة سمو امير البلاد في دعم العربي المشترك.
بدوره أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أهمية القمة العربية التي تستضيفها دولة الكويت ، في ظل خطورة المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والدول العربية وحساسيتها.
وقال فهمي خلال لقائه بعدد من رؤساء تحرير الصحف الكويتية ووكالة الانباء الكويتية «كونا» ان الأمة العربية تواجه تحديات كبيرة ، يصاحبها ظروف مضطربة وحساسة الامر الذي يضع القمة العربية أمام مسؤولية وتحد كبيرين.
وأكد ان استضافة دولة الكويت للقمة في هذه الظروف والمرحلة بالغة الدقة والحساسية ، لاسيما مع ما تتعرض له منطقة الشرق الاوسط عامة والدول العربية خاصة يعكس انتماءها القومي والعربي ، وينبع من انطلاقها القومي السليم وحكمة تجربتها وموقفها.
وعن تقييمه للقمة قال فهمي ان طبيعة القمم ان يتم رفع نسبة ما يتم توقعه من نتائج عنها في كثير من الاحيان اكثر مما تحققه فعليا خلال فترة انعقادها التي لا تتعدى اياما ، لكنه أضاف انه من غير الممكن معالجة التهديدات والتحديات والمشاكل والخلافات العربية العربية خلال يومين ، مضيفا : «لا نحمل الكويت ولا يمكن ان احملها حل كل المشكلات انما هي تبذل جهدا مع العرب للتعامل مع التحديات لحل المشكلات لانه لا يمكن ذلك بين يوم وليلة».
واوضح ان المشكلة ليست في اي دولة بحد ذاتها وهي اكبر من خلاف بين دولتين لكنها تشير «الى اين يذهب العالم العربي ، وما اذا كنا نريد ان نحمي أطرنا كدول ونريد ان نحمي عروبتنا ام لا» مبينا ان «القمة فرصة للمصالحة واعادة تقييم الموقف وخطورته وفرصة للرجوع الى الطريق الصحيح بعد أن ضللناه».