
القاهرة – «وكالات»: أحالت محكمة مصرية أمس الاثنين أوراق 683 من معارضي الانقلاب إلى مفتي الجمهورية تمهيدا لإعدامهم، في حين ألغت إعدام 492 من أصل 529 في قضية منفصلة، وسط مطالب أفريقية بتعليق هذه الإعدامات، في أول اعتراف إقليمي بانتهاك الأحكام القضائية الصادرة في مصر لحقوق الإنسان.
وقال المحامي العام لنيابات شمال المنيا عبد الملك عبد الرحيم لوكالة الصحافة الفرنسية إن محكمة جنايات المنيا أحالت أوراق 683 متهما للمفتي في أحداث عنف وقعت بالمنيا في أغسطس الماضي .
ومن بين المتهمين المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع الذي يواجه تهما بالتحريض على العنف وقتل المتظاهرين في مركز العدوة بمحافظة المنيا.
وعلق المحامي محمد الدماطي المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول محمد مرسي على تلك الأحكام بالقول «إنها والعدم سواء»، باعتبارها تجري في ظل غياب هيئة الدفاع عن المتهمين.
وأشار في اتصال مع الجزيرة إلى أن المحكمة يشوبها خلل كبير في تطبيق القانون والاستدلال، وقال إنه كان ينبغي على المحكمة أن تنتدب محاميا عن المتهمين، وهو ما لم يحدث، وفق تعبيره.
كما أقرت المحكمة ذاتها حكما سابقاً لها بإعدام 37 متهما مع تحويل العقوبة الصادرة على 492 آخرين من الإعدام إلى السجن المؤبد.
وأدانت المحكمة المتهمين بالقتل والشروع في قتل ضابط شرطة في 14 أغسطس الماضي في المنيا.
في غضون ذلك، أصدرت محكمة جنايات المنيا أحكاماً بالسجن تصل إلى 45 عاماً على رافضين للانقلاب في قضيتين منفصلتين. يأتي هذا بعد يوم من إصدار المحكمة نفسها أحكاما بالسجن وصل بعضها إلى 88 عاماً على معارضين آخرين بعدة تهم، منها خرق قانون التظاهر.
جاء ذلك كله بعد ساعات من الإعلان عن قبول المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان الشكوى المقدمة إليها من قبل حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر حول الاعتراض على الحكم بإعدام 529 الشهر الماضي، وفق ما نشرته صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية، ويعد ذلك أول اعتراف إقليمي بانتهاك الأحكام القضائية الصادرة في مصر لأبسط حقوق الإنسان.
وأعلنت المفوضية أنها قبلت الدعوى التي تطالب بتعليق كافة أحكام الإعدام ، وبتدخل المفوضية للتحقيق في ظروف المحاكمة للبت في إجراءاتها لاحقا، علما أن قرارات المفوضية ملزمة لمصر بحكم أن الأخيرة من بين الدول الموقعة على الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان.
وذكرت «الجزيرة نت» أن المفوضية الأفريقية أرسلت إلى الرئيس المؤقت في مصر عدلي منصور تخبره بالشكوى وقبول المفوضية لها، فضلا عن قرارها فرض إجراءات استثنائية لتعليق أحكام الإعدام والتحقيق فيها، وطلبت منه موافاتها بتنفيذ هذا القرار في موعد أقصاه أسبوعان من تاريخ تسلم الرسالة.
وحذرت المفوضية الأفريقية من أنه إذا كانت المعلومات المقدمة في الشكوى دقيقة ، فإن هذا يشكل خرقا جسيما للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، وكذلك للقوانين الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ويعد الحكم بإحالة أوراق المرشد بديع أمس إلى المفتي أشد عقوبة ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذين يحاكمون في أكثر من 150 قضية منذ الإطاحة بمرسي في يوليو الماضي.
وكان قرار الإعدام أثار غضب الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان، وكانت المحكمة أصدرت قرار إحالة أوراقهم للمفتي في مارس بعد يومين فقط من بدء المحاكمة التي تتعلق بأعمال عنف قتل فيها رجل شرطة في أغسطس بمحافظة المنيا في صعيد مصر، وتقول منظمات حقوقية إن المحاكمة شهدت جلسة واحدة ومنع فيها المحامون من الترافع ولم تقدم النيابة أي أدلة.
وأشار مصدر مسؤول بدار الإفتاء المصرية- طلب عدم ذكر اسمه- لـ«العربية نت» إلى أن قرار إحالة أوراق قضايا المحكوم عليهم بالإعدام إلى المفتي يتم تطبيقًا للمادة 138 من قانون الجنايات الذي يلزم القاضي بإحالة أوراق القضية برمتها إلى مفتي الجمهورية.
وأضاف: «يقوم المفتي عقب حصوله على كل أوراق ومستندات القضية التي تمت إحالتها إليه بالاطلاع عليها بشكلٍ مفصل، ثم يقوم بعد ذلك بإبداء الحكم والرأي الشرعي فيما إذا كان المحكوم عليه بالإعدام يستحق إنزال هذه العقوبة عليه إما حدا في قضايا القتل أو ردعًا في قضايا الحرابة، موضحًا أنه يعاون فضيلة المفتي في ذلك ثلاثةٌ من كبار المستشارين.
وتنص المادة من 381 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه «لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال الأيام العشرة التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى» .
ومن هذه المادة يبين أنه يجب على المحكمة قبل أن تصدر حكمها بالإعدام أن تأخذ رأي المفتي للوقوف على صحة هذا القرار من الناحية الشرعية واتفاقه مع الدين من عدمه، وتحديدا مع مبدأ القصاص فيطمئن القاضي إلى مشروعية حكمه، وترسل جميع أرواق القضية إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي فيها، ثم يرسل رأيه إلى المحكمة.
وهذه الإحالة واجبة، بحيث يكون عدم مراعاة هذا الإجراء مترتبا عليه بطلان الحكم، إلا أن رأي المفتي استشاري وغير إلزامي بالنسبة للقاضي، إذ يجوز له أن يأخذ به أو لا يأخذ، بمعنى أنه إذا جاء رأي المفتي رافضا توقيع عقوبة الإعدام فليس ذلك ملزما للمحكمة، إذ لها أن تقضي بالإعدام رغم عدم الموافقة.
وقد ثبت أن غالبية القضايا التي تحال للمفتي يتم الموافقة عليها، والرفض يكون غالبا مراعاة للظروف الإنسانية كحالات كبار السن أو المرأة الحامل أو المرضع، بينما 90 في المئة أو أكثر من حالات القتل العمد يصدر فيها قرار المفتي بالموافقة على الإعدام.