
ساد الهدوء الساحة السياسية والبرلمانية أمس ، عقب يوم واحد من إعلان ثلاثة نواب عن استقالتهم من مجلس الأمة ، وفي الوقت الذي سرت فيه تكهنات أمس الأول »الأربعاء» باعتزام نواب آخرين الاستقالة ، فإنه لم يتقدم أي نائب آخر بكتاب لذلك ، وتوارت هذه التكهنات خلف قراءة جديدة للأوضاع ترجح فرضية استمرار المجلس ، وإجراء انتخابات تكميلية لشغل المقاعد التي شغرت باستقالة النواب الثلاثة .
في الوقت نفسه فإن مصادر نيابية أو ضحت أن رئيس مجلس الأمة وأقطابا آخرين في المجلس مقتنعون بإمكانية إقناع النواب المستقيلين بالعدل عن استقالتهم ، ومواصلة عملهم البرلماني ، حتى نهاية الفصل التشريعي الحالي .
في هذا الاطار أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن المجلس مستمر وسيتم التعامل مع الاستقالات وفقا للأطر االدستورية واللائحية.
وقد أكد النواب رياض العدساني وعبدالكريم الكندري وحسين القويعان الذين قدموا أمس رسمياً كتاب استقالتهم من عضوية مجلس الأمة ، أن هذه الاستقالة تأتي بسبب «إخلال السلطتين بنص المادة 50 من الدستور ، وعدم تمكننا من الرقابة على الحكومة ، وعدم إنجاز مشاريع حقيقية ، وممارسة التكتم على الفساد والمفسدين وسوء إدارة رئيس مجلس الأمة» .
واعتبر النواب الثلاثة أن «الممارسات التي قام بها مجلس الأمة بالتصويت على شطب الاستجواب ورفعه من على جدول الأعمال ، مخالفة صريحة للمادة «100» من الدستور، وعليه فإن ما حدث سيسجله التاريخ كأبشع ممارسة لوأد المحاسبة الحقيقية والتي نص عليها الدستور، إذ اننا استشعرنا ومن منطلق إيماننا بالله أولاً ومن ثم إبراراً لقسمنا الذي سنُساءل عنه أمام رب العالمين ثم الشعب الكويتي ، والذي لا يقبل ولا نحن نقبل أن نكون شهود زور على الممارسات المبرمجة والمستمرة لمخالفة الدستور والذي يجب المحافظة عليه ، وعليه نتقدم إليكم باستقالتنا من عضوية مجلس الأمة, بموجب المادة »96» من الدستور الكويتي والمادة «17» من اللائحة الداخلية وذلك للأسباب التالية:
1. إخلال السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لنص المادة «50» من الدستور والتي تنص على فصل السلطات ، مما يمثل خضوعاً من البرلمان للسلطة التنفيذية ، وهذا يُخِل بمبدأ توازن السلطات مما أفقد مجلس الأمة مكانته ودورة في الرقابة والتشريع.
2. عدم تمكيننا من الرقابة على الحكومة بتعطيل الأدوات الرقابية ، وعلى رأسها الاستجوابات حيث تم شطب محاور الاستجواب الأول المقدم إلى رئيس مجلس الوزراء، ورفع الاستجواب الأخير الذي قدمناه إلى رئيس مجلس الوزراء بكامله من جدول أعمال المجلس بتاريخ 29 ابريل 2014, إضافة إلى عدم الإجابة عن كثير من الأسئلة البرلمانية وهذا يخالف المادتين «99 و 100» من الدستور.
3. عدم إنجاز مشاريع حقيقية تفيد المواطنين وتسهم في تحسين معيشتهم والاكتفاء في المقابل بتقديم وعود وهمية كالتعهد بحل قضية الإسكان والصحة والتعليم والعاطلين عن العمل وغيرها من التعهدات الزائفة.
4. المماطلة والتسويف ومحاولة التكتم على الفساد والمفسدين من خلال التحقيق الشكلي والصوري في عدد من الفضائح التي هزت الكويت وسمعتها في الداخل والخارج ومن أبرزها فضيحة الإيداعات المليونية.
5. سوء إدارة رئيس مجلس الأمة الذي اعتاد مقاطعتنا دون وجه حق ولاسيما إذا كان كلامنا ضد توجهاته الشخصية ، وهذا ما يلغي مبدأ الحياد والذي من المفترض أن يتسم به الرئيس وعدم إعطائنا الفرصة بالكلام أو نقاط النظام بالتساوي للجميع, مما يؤدي إلى عدم إيصال الأفكار خاصة بالقضايا شديدة الأهمية.
وقال النائب حسين القويعان : «انتصرنا لموقفنا وثقة الناخب بنا ، وتقدمنا باستقالتنا للشعب الذي خرج في رمضان واختارنا » ، موضحا أن « رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم حاول ثنينا عن الاستقالة والتراجع ، ولكن تمسكنا بها ».
من جانبه قال النائب عبد الكريم الكندري :«تقدمنا باستقالتنا بعد ما استشعرنا باننا لا يمكنا ان نقوم بدورنا كممثلين للامة ، حيث قتلت اهم مادة في الدستور وهي الاستجواب».
اضاف :«لا استطيع مواجهة طلابي عندما يسألونني لماذا تركتم الاستجوابات في يد رئيس مجلس الامة ، وللأسف الحكومة لا تعرف الدستور ، ونحن اليوم نضحي بهذا الكرسي الذي يتصارع عليه كثيرون ، لأننا اتينا لهذا المجلس لكي نصلح ونحافظ علي الدستور لا لاجل ان نكون ثروات» .
وتابع الكندري :»للاسف وصلنا لحالة اننا لا نستطيع ان نكمل مسيرتنا الديموقراطية » ، مبينا أن »الدائم هو حب هذا الوطن وشعبه والمتاصب والكراسي زائلة..ما يبقي هو حب الكويت وشعبه » ، مضيفا : »استقالتي من غير عدول ، وباذن الله لن يرفضها المجلس »
وشدد النائب رياض العدساني :«على أنه » لابد من فصل السياسية عن التجارة والعلاقات الاجتماعية لان ذلك من شانه ان يضعف الرقابة».
اضاف: «اقول لرئيس الحكومة اتك فشلت فشلا ذريعا في ادارة السلطة التنفيذية للكويت».
واوضح أن «من حمي رئيس الوزراء هم النواب وليس الحكومة ..هؤلاء النواب المحامون لم يفيدوا رئيس الحكومة بدفاعهم بل انهم يضرونه» لافتا الى انه «اصبح المجلس كانه مجلس وطني باطار مجلس امة ، وايضا رئاسة مجلس الامة لم تكن منصفة بالمرة ولم تكن حيادية وكلما طلبنا نقاط نظام كان يقطع عنا».
وذكر :»في الماضي اذا كانوا يريدون رفع الاستجواب كانوا يذهبون به الي اللجنة التشريعية او المحكمة الدستورية ، لكن ما حصل في استجوابنا اجتهاد شخصي بشطب الاستجواب وتجريد اعضاء مجلس الامة ادواتهم الدستورية».