
بغداد - عواصم - «وكالات»: أصيب العالم الإسلامي بصدمة كبيرة خلال اليومين الماضيين، جراء الممارسات الخطيرة التي ينتهجها تنظيم «داعش» في كل من العراق وسوريا ، خصوصا تهديدهم لمسيحيي الموصل بالتهجير أو القتل ، ما لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية ، وكذلك ما جرى تناقله من فيديوهات لمجموعات من مقاتلي التنظيم وهم يطبقون «حد الزنا» على إحدى النساء في محافظة الرقة السورية .
فقد هدد مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية مسيحيي الموصل في شمالي العراق بالقتل أو مغادرة المدينة إذا لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية.
وتشير تقارير إلى أن آلاف المسيحيين من سكان المدينة تدفقوا على المناطق الكردية المجاورة فرارا من إنذار تنظيم الدولة الإسلامية الذي أمهلهم حتى السبت لاعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو مغادرة المدينة وإلا سيكون مصيرهم القتل.
ووزع مسلحو الدولة الإسلامية خلال صلاة الجمعة منشورات جاء فيها إن « التنظيم يعرض على المسيحيين ثلاثة خيارات: إما اعتناق الإسلام أو عقد الذمة وسداد الجزية وإذا رفضوا فلن يتبقى لهم سوى حد السيف».
ونقلت وكالة رويترز عن أحد سكان الموصل قوله إن «البيان صدر باسم تنظيم الدولة الإسلامية بمحافظة نينوى بشمال العراق ووزع يوم الخميس وتمت تلاوته في المساجد».
وكان تنظيم الدولة الإسلامية الذي عرف سابقا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» قد أصدر مرسوما مماثلا في مدينة الرقة السورية في فبراير يطالب المسيحيين بسداد الجزية ذهبا مقابل الحماية.
ووفقا لرويترز، كانت تعيش بالموصل طوائف مختلفة وكان يقطن فيها نحو 100 ألف مسيحي قبل عشر سنوات لكن موجة من الهجمات على المسيحيين منذ الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 أدت الى تراجع أعدادهم.
وتشير التقديرات إلى أن عدد المسيحيين بالمدينة قبل أن يسيطر عليها التنظيم الشهر الماضي كان نحو خمسة آلاف ، غير أن الأغلبية العظمى فرت منذ ذلك الحين ولم يتبق سوى ربما 200 مسيحي فقط بالمدينة، بحسب سكان من المدينة.
من جهة أخرى تداول نشطاء على موقع تويتر صورا أكدوا أنها تخص تنفيذ حركة داعش لعملية تطبيق حد الزنا بالرجم حتى الموت على إحدى المحصنات وذلك في محافظة الرقة السورية.
وأثارت الصورة استياء العلماء وسائر المسلمين الذين هاجموا مقاتلي داعش ووصفوهم بأنهم يهدمون الإسلام.
ولفت العلماء إلى أن الإسلام وضع شروطا دقيقة جدا لتطبيق حد الزنا ، بدرجة تكاد تجعل تطبيقه مستحيلا ، إلا باعتراف مرتكبيه ، كما حدث في حالتي «ماعز» و«الغامدية» أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يتثبت عظمة التشريع الإسلامي ، وأن هدفه ليس إزهاق الأرواح أو قطع الأيدي والأرجل ، وإنما هدفه الأساسي من الحدود هو «الردع» وصيانة المجتمع المسلم والارتقاء بأخلاقيات أفراده .
وأكد العلماء أيضا أن الإرهاب الذي يمارس ضد المسيحيين في العراق وسوريا أو في أي بلد آخر من بلدان المسلمين ، ليس من الإسلام في شيء ، بل على العكس فقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ضرورة الإحسان إليهم ومعاملتهم معاملة طيبة حسنة ، كما دلت على ذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، ومن ذلك ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما قدم إلى إيلياء «القدس» ، بعد أن فتحها المسلمن ، وأعطى أهلها عهد الأمان لهم ولأبنائهم وكنائسهم وصلبانهم ، وظل المسلممون يتعاملون وفق هذا الهدي مع أهل الكتاب ، ماداموا مسالمين لا يؤذونهم ولا رفعون عليهم السلاح .
أضافوا أن ما يفعله تنظيم «داعش» هو تشويه كبير للإسلام ، وإساءة إلى صورته النقية وجوهره السمح .