أمام جلال الموت وهيبته ، لا يملك المرء إلا أن يسترجع قول الله تعالى «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».
وإذا كان فقد الأخ مصابا كبيرا ، فهو بالنسبة لي مصاب أكبر وأفدح ، فقد فقدت برحيل أخي الغالي حسن عوض الهديبان أخا وحبيبا ، ورفيق درب .. اقتسمت أنا وهو اللحظات الحلوة والمرة ، اقتسمنا معا الآمال والآلام ، الأحلام والطموحات ، وسرنا سويا في طريق طويل ، لم يكن مفروشا بالزهور ، لكنه مع ذلك كان حافلا بمتعة الكفاح ، وبذل الجهد، واحتمال المشقة ، من أجل بلوغ الغايات التي نتمناها ونتطلع إليها .
لم يكن أبو علي بالنسبة لي أخا عاديا ، بل توأم روح، يقرأ أفكاري قبل أن ينطق بها لساني ، ويحمل عني الهموم والآلام ، ويخفف من أوجاع الحياة . كان رحمه الله دائم الاستبشار والتفاؤل، وفي أعماقه من الإيمان بقضاء الله وقدره ، وأنه سبحانه لا يقدر إلا الخير ، ما يبث الطمأنينة في نفوس وقلوب من حوله ، ويزرع فيهم الأمل والبشر والابتهاج .. ولذلك فإنه إن كان قد غاب عنا بجسده ، فإن روحه ستظل حاضرة ترفرف من حولنا ، وتواصل بث الود والمحبة في قلوبنا ، ومدنا بالطاقة على مواجهة أعباء الحياة وهمومها، وتذكيرنا بالقيم والمثل العليا التي كرس حياته من أجلها ، ودفاعاً عنها، تماماً كما كان مدافعا دائماً عن وطنه الكويت - شعباً وقيادة - وعشقه لتراب هذا الوطن الغالي، الذي لم يكن يطيق فراقاً عن ترابه الطهور .
أخي الحبيب الغالي .. وأنت الآن في جوار ربك ، فإننا نبتهل إليه سبحانه ، أن ينير لك قبرك ، ويجعله روضة من رياض الجنة ، وأن يتقبلك في الصالحين، فقد كنت باراً بوالديك ، واصلاً لرحمك ، غيورا على دينك وعلى حرمات الله .. وإذا كان الحزن عليك يكاد يخلع قلوبنا من أماكنها في الصدور ، فإنه لا يسعنا أمام قضاء الله الحق ، إلا أن نتأسى بنبينا – صلى الله عليه وسلم – في هذا المقام ، ونقول : إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أبا علي لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا .. إنا لله وإنا إليه راجعون .