
تونس – «وكالات» : أدلى الناخبون التونسيون بأصواتهم أمس ، في أول انتخابات رئاسية حرة منذ سقوط نظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي في عام 2011.
وقالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن نسبة التصويت بلغت اثنتي عشرة في المئة بعد أربع ساعات فقط على بدء التصويت.
وأقبل التونسيون منذ ساعات الصباح الأولى على مراكز الاقتراع ، سعيا إلى استكمال ما تبقى من مسار الانتقال الديمقراطي بعد اعتماد دستور توافقي، واجراء انتخابات تشريعية الشهر الماضي ، وفاز بأكبر عدد من المقاعد فيها حزب نداء تونس، وهو أكبر حزب علماني ويضم العديد من المسؤولين السابقين في نظام بن علي.
ويتنافس في سباق الرئاسيات التونسية 22 مرشحاً بعد أن أعلن 5 مرشحين انسحابهم.
ويتوقع أغلب المحللين صعوبة بل استحالة الحسم من الدور الأول، حيث يتوقع أن يكون هناك دور ثان في نهاية شهر ديسمبر القادم لانتخاب الرئيس القادم ، وهو ما أشارت إليه جل استطلاعات الرأي التي أنجزت خلال الأيام الأخيرة، والتي أجمعت على حصر التنافس في الدور الثاني بين الباجي قائد السبسي، زعيم «نداء تونس» والرئيس الحالي المنصف المرزوقي.
والباجي قائد السبسي «88 عاما»، وهو سياسي مخضرم لعب أدوارا بارزة في مؤسسة الدولة قبل اندلاع الثورة ، أما المنصف المرزوقي، فهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان، حُكم عليه بالسجن إبان النظام السابق ، وكان المجلس الوطني التأسيسي «البرلمان» قد انتخب المرزوقي رئيسا مؤقتا في عام 2011.
ومن أبرز المرشحين الآخرين رئيس البرلمان مصطفى بن جعفر، وأحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الجمهوري، والقاضية كلثوم كنو، ورجل الأعمال سليم الرياحي.
ومنذ الاستقلال في عام 1956 وحتى الثورة في عام 2011، لم يشغل منصب الرئاسة في تونس إلا شخصان، هما الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وصل بن علي إلى السلطة في عام 1987 بعد الإطاحة ببورقيبة. وفي عام 2011، فر بن علي إلى السعودية بعدما أُطيح به في احتجاجات شعبية حاشدة.
وبموجب الدستور الجديد، الذي صُدق عليه في 2014، لم يعد الرئيس يمثل السلطة العليا والأساسية في البلاد، إذ تتركز أغلب السلطات والصلاحيات في يد رئيس الوزراء.
ويظل شاغل المنصب الرئيس الاسمي للدولة و «الرمز لوحدتها الذي يضمن استقلالها واستقرارها ويحترم الدستور»، بحسب الهيئة العليا للانتخابات ، ويتولى الرئيس منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن لن يكون بوسعه تعيين أو فصل كبار قادة الجيش إلا بعد التشاور مع رئيس الوزراء ، ويضطلع الرئيس كذلك بصياغة السياسة الخارجية بالتشاور مع رئيس الحكومة، ويمثّل الدولة، ويصدّق على المعاهدات.
ويشمل المرشحون ممن كانوا ضمن نظام حكم بن علي محافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي، ووزير الخارجية السابق كمال مرجان.
ومن جهته، امتنع حزب حركة النهضة الإسلامي عن اختيار مرشح لخوض الانتخابات أو دعم مرشح بعينه. وحض الحزب أنصاره على التصويت لصالح الرئيس الذي «يشجع الديمقراطية» و«يدرك أهداف الثورة».
ويحق لأكثر من خمسة ملايين ناخب المشاركة في الاقتراع.
ويُستثنى من هذا 56 مركز اقتراع بولايات القصرين وجندوبة والكاف، والتي سيجري الاقتراع فيها بين الساعة العاشرة صباحا «0900 غرنيتش» والثالثة ظهرا «1400 غرنيتش»، وذلك بسبب «دواع أمنية».
وبلغت نسبة إقبال الناخبين في الخارج حتى مساء السبت 16.87 في المئة، حسبما أعلنت فوزية الدريسي، عضو هيئة الانتخابات.
وتمنح استطلاعات الرأي تقدما للمرشح الباجي قائد السبسي، وترى أنه الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية على الرغم من تقدمه في السن «88» سنة .
ويحظى السبسي بشعبية واسعة خاصة في المدن الكبرى ولدى الطبقة الوسطى التي تمثل رافعة المجتمع التونسي. وقد ركز في حملته الانتخابية على «إعادة هيبة الدولة».
في المقابل، يتهمه خصومه بكونه يسعى إلى إعادة إنتاج النظام السابق لا سيما وأن حزبه يضم منتمين سابقين لحزب «التجمع» الذي هيمن على السلطة في عهد بن علي.
من جهة أخرى، فإن المنصف المرزوقي الذي يقدم نفسه على أنه يمثل «روح الثورة» ركز حملته على «شيطنة» رموز النظام السابق، محذرا مما سمّاه «بعودة الدكتاتورية». كما ركز على مناشدة التونسيين منحه أصواتهم لمواجهة «التهديدات» المحدقة، حسب رأيه، بالحريات التي حصلوا عليها بعد الثورة.