
في واحدة من أرقى جلسات مناقشة الاستجوابات التي شهدها مجلس الأمة طوال تاريخه البرلماني ، وأكثرها التزما بالدستور واللائحة الداخلية للمجلس ، وكذلك بالقيم والمعايير الأخلاقية للمجتمع الكويتي ، انتهت جلسة الاستجواب الذي ناقشه مجلس الأمة أمس ، والمقدم من النائب عبدالله الطريجي إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التجارة والصناعة الدكتور عبد المحسن المدعج ، بإقرار عدد من التوصيات التي اقترحها عدد من النواب وتضمنت 15 توصية تتعلق بمحاور الاستجواب ، وذلك بعد انتهى الطرفان من مرافعتيهما.
واوصى المجلس بمراجعة تقرير ديوان المحاسبة ، والعمل على تصحيح اوضاع وزارة التجارة والصناعة من خلال ما ورد من ملاحظات هذا التقرير ، وضبط النظام الآلي المستخدم في عمليات ضبط المواد التموينية وايقاف الهدر في صرفها.
كما اوصى بتصحيح الوضع في اداء الهيئة العامة للصناعة بمتابعة سير الاعمال في المنطقة الحرة بعد صدور الحكم النهائي.
وتضمنت التوصيات التزام وزارة التجارة والصناعة بتحصيل حقوق الانتفاع في كل المواقع التي تخص الوزارة او الهيئة العامة للصناعة ، و«الالتزام بالتحصيل مقابل التخزين في المنطقة الخامسة».
ومن التوصيات كذلك التزام الهيئة العامة للصناعة بتحصيل جميع المخالفات التي ذكرها ديوان المحاسبة في تقريره ، ومراجعة القرارات التي ذكرت في المحور الثاني من الاستجواب فيما يخص جمع القياديين بين وظائفهم الادارية وممارسة اعمال ادارية اخرى.
واوصى المجلس بالتأكد من تطبيق القوانين والقرارات الادارية على الجميع دون استثناء ، ومراجعة الملاحظات التي وردت بهذا الشأن في الاستجواب ، والتأكد من تصحيحها والالتزام برقابة الوزارة على الشركات من خلال متابعتها عند عقد الجمعية العمومية لها.
كما اوصى بمراجعة جميع ما ورد في المحور الثالث من الاستجواب ، والمتعلق بسوق الكويت للاوراق المالية ومخالفات هيئة اسواق المال ، والتأكد من تصويب جميع الاخطاء والملاحظات.
ومن تلك التوصيات ايضا الالتزام بعدم مخالفة الدستور والقوانين ، والزام هيئة اسواق المال بتقديم ميزانياتها للسنوات الاربع الماضية والسنوات القادمة.
كما نصت التوصيات على «مراجعة التعيينات التي تمت في هيئة اسواق المال ، وتصويب الاخطاء في ذلك ومراجعة القضايا التي ذكرت في صحيفة الاستجواب ، والمتعلقة ببعض التصرفات من قبل بعض الموظفين والتي تعتبر تجاوزات اخلاقية وجنائية وغيرها ، والتزام الحكومة بتقديم التعديلات على قانون هيئة اسواق المال خلال الفترة التي حددها مجلس الامة».
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التجارة والصناعة الدكتور عبدالمحسن المدعج ، قد أكد حق ممثل الامة في استخدام ادواته الدستورية في اداء دوره التشريعي والرقابي.
وقال الوزير المدعج في رده خلال جلسة مجلس الامة اثناء مناقشة الاستجواب ان حق الاستجواب اصبح من المسلمات التي لا نقاش حولها ولا جدال فيها ولا زيادة لمستزيد .
واضاف «ان مايلح على الواجب والوجدان ان اقف عنده مذكرا وشارحا هو تلك العروة الوثقى بين المشروعية القانونية ، والمشروعية الاخلاقية لحق الاستجواب».
وقال « ان من يطلع على صحيفة الاستجواب يجد دليلا كاملا على ما ذهبت اليه في مقدمتي بشان شخصانية النائب المستجوب وما استخدمه من الفاظ مسيئة وقاسية».
وردا على ادعاء النائب الطريجي ان السلع التموينية المدعومة ليس لها سند قانوني ، اوضح المدعج ان هذه السلع تبلغ قيمتها تسعة ملايين و 139 الف دينار سنويا ، وهي تشمل المواد الغذائية والانشائية موضحا ان هذه المبالغ تصرف وفقا ببقانوان 10/1979 بشأن دعم السلع التموينية.
وبين انه شرع في الاول من ابريل الماضي باستكمال المنظومة القانونية حول زيادة الدعم بشأن المواد الانشائية التي تقدمها وزارة التجارة والصناعة ، مؤكدا ان هذه الزيادة تمت الموافقة عليها من قبل ادارة الفتوى والتشريع وان هذه المنظومة في طريقها الى الاعتماد نهائيا.
وحول مشاكل المنطقة التجارية الحرة أكد انه بدء من عام 2006 وعندما تسلمت وزارة التجارة والصناعة المنطقة الحرة من احدى الشركات الخاصة، بعد فسخ العقد الخاص بها «تم ارجاع 15 قسيمة في المنطقة الحرة كانت مغتصبة ، اضافة الى 260 قسيمة والبقية في طريقها الى الاسترداد» مشيرا الى ارتفاع ايرادات المنطقة التجارية الحرة خلال الاشهر الستة الاخيرة من العام الحالي.
وردا على انتقاد النائب الطريجي له بنقل موظفين في وزارة التجارة والصناعة ، الى مواقع غير مدرجة في الهيكل التنظيمي للوزارة ، اكد ان ديوان الخدمة المدنية اعطى لوزارة التجارة والصناعة عشرة مراكز خدمة موزعة على جميع مناطق الكويت ، وانه لا يوجد مخالفة للقانون في هذا الخصوص بعد موافقة ديوان الخدمة المدنية.
وعما اثاره الطريجي بتعيين الوزير المدعج موظفين في مكتب وزير التجارة والصناعة ، أشار الى وجود قرار من ديوان الخدمة المدنية سمح من خلاله لكل وزير بتخصيص مبلغ 3000 دينار يقوم الوزير بتوزيعها على موظفي مكتبه ، نظرا لانهم يستحقون ذلك كونهم يستمرون في العمل خارج ساعات العمل الرسمية.
وردا على ما اثاره الطريجي عن وجود موظف في وزارة التجارة ، كان يتسلم راتبه على الرغم من انه لا يحضر للعمل ، اوضح الوزير المدعج ان هذا الموظف تم ادخاله المستشفى وتم تسيير راتبه ، لانه من افضل الموظفين لكن نظرا لظروفه الصحية تم ادخاله المستشفى وهناك تقرير طبي يؤكد ذلك.
وحول الملاحظات التي اثارها النائب الطريجي بشأن سوق الكويت للاوراق المالية ، افاد بانه لا حق لوزير التجارة والصناعة اطلاقا في التدخل بعمل «البورصة» الا في اطار ضيق يتعلق ببعض بالامور الادارية ، مشددا على ان القانون لا يسمح لوزير التجارة بتعيين اواقالة اي موظف في هيئة اسواق المال.
وعن قرار وزارة التجارة والصناعة تنظيم اسيراد «الصلبوخ» ، اشار الى وجود قرار وزاري سابق صدر في عام 1995 بالغاء الدراكيل ، موضحا انه تم تخصيص قسائم خدمية لتجار الصلبوخ في منطقة الشعيبة الصناعية وفقا للوائح منظمة لذلك.
وردا على ما اثير بشان تعرض احدى موظفات هيئة اسواق المال الى تحرش جنسي وتحريض على الفسق والفجور ، قال الوزير المدعج انه تم فصل من قام بالتحرش بالموظفة من وظيفته وذلك في التاسع من شهر يونيو الماضي.
وعن قيام احد الوكلاء المساعدين في وزارة التجارة بالتحرش باحدى موظفات الوزارة اوضح المدعج انه «لا يوجد اي وكيل وزارة مساعد في وزارة التجارة قام بالتحرش» مبينا ان «ما حصل ان الموظفة اشتكت عند وكيل الوزارة بوجود تحرش عبر برنامج التواصل الاجتماعي «واتس اب» من قبل احد الوكلاء المساعدين ، وقام وكيل الوزارة فورا باحالة هذه الشكوى الى ادارة الشؤون القانونية ، وعندما استدعت الادارة القانونية الموظفة طلبت سحب الشكوى».
وحول اتهام النائب الطريجي للوزير المدعج بتعيين اقربائه مستشاريين في مكتبه ، افاد بأنه قام بتعيين مستشاريين في مكتبه ، وفقا للوائح وقوانين ديوان الخدمة المدنية نظرا لكونهم متخصصين من اصحاب الكفاءة.
من جهته استهل النائب د . عبدالله الطريجي بدأ مرافعته بالتأكيد على انه لم يكن يهدف الى تقديم استجواب لوزير التجارة والصناعة ، بقدر ما كان يهدف الى مواصلة التعاون مع الحكومة.
وقال الطريجي خلال مناقشته الاستجواب انه تعامل مع الوزير المدعج بابداء عدد من الملاحظات ، ووجه له عددا من الاسئلة البرلمانية التي تمنى ان يجيب عنها الوزير ، لاسيما انه ينشد من خلالها الاصلاح لا غيره.
وعرض الطريجي مقاطع فيديو للوزير المدعج يتحدث خلالها عن الفساد وشراء الذمم لدى الحكومة وعن الملايين التي اودعت في حسابات النواب ويؤكد في احداها ان الاستجوابات وتخريب الجلسات والشتائم اصبحت بفلوس ، والادارة الحكومية اصبحت الان بالحضيض وهناك تدخل سافر لهدم المؤسسة الدستورية .
أضاف : ايضا هناك تلاعب بالمواد التموينية لان هناك ناس مستفيدين لذلك الوزير ما يرضي تضبيط العملية ، ليش وزارة التجارة ما تضبط عملية ارتفاع الاسعار وليش ما تحارب تجار الاغذية الفاسدة لان بعض قيادات الوزارة هم السبب ويعرض مستندات لامتلاك عدد من الوكلاء المساعدين ومديري الادارات يمتلكون شركات خاصة بهم ويعملون في وزارة التجارة ، وشركة اغذية تبيع اغذية فاسدة ارسلت دعوة لاربعة موظفين للذهاب الي دبي ,وتحملت مصاريف السفر والاقامة وما ادراك ما تحت الطاولة
كما عرض قرار نقل موظف من وزارة الكهرباء للندب مفتش تجاري واخر من وزارة الصحة ، مضيفا : رئيس شركة البورصة يتقاضي ١٤ الف ونصف شهريا لانه امين عام في تيار الوزير ، وتقولون نبي نرشد والله هذا يشتري له سيارة كل شهر
وقال الطريجي إن زير التجارة اجري تنقلات بدون اخذ راي ديوان الخدمة المدنية وايضا اجري عدد من الترقيات ، وتجار الحديد قابلوك وقالوا لك ان فيه تفاوت في شراء الحديد والحكومة تدفع بالسنة فرق ما يقارب مائة مليون دينار لان المصنع خاص باحد النواب الحالين واخر نائب سابق
وفي المحور الاخلاقي. ذكر الطريجي أن هناك موظفات يتعرضن للتحرش ولا يستطعن الذهاب للمخفر ، والوزير ما يدري وما يفتح اي تحقيقات في هذه الوقائع ..احترامنا وتقديرنا للمجلس وبعض الاسر الكويتية لا اتطرق لاسماء ..يتم التلاعب والتزوير في مكتب الحضور والغياب لصالح احدي الموظفات .
وقد تفاوتت آراء النواب الذين تحدثوا في جلسة أمس حيال الاستجواب ، بين مؤيد ومعارض لما عرض من محاور ذلك الاستجواب.
وذكر النائب الدكتور عبدالحميد دشتي بصفته مؤيدا للاستجواب ان محاور الاستجواب المقدمة «مستحقة» خصوصا ان الوزير ضرب هذا المجلس عرض الحائط واهدر المال العام ولم يحميه وتراخى عن تطبيق القانون خاصة في سوق الكويت للاوراق المالية.
واضاف دشتي ان تقارير ديوان المحاسبة تؤكد «عدم التزام» الوزير بقرارات النقل والندب والمكافآت اضافة الى «تعسفه مع موظفيه في هذه الشؤون» على حد وصفه.
من جهته قال النائب مبارك الحريص بصفته معارضا للاستجواب ان المستندات التي عرضها النائب الطريجي «مجرد مخالفات قديمة» لم تكن في عهد الوزير المدعج م، شيرا الى ان المدعج نجح في تفنيد الاستجواب واقناع النواب والشعب الكويتي.
وحول ما اثاره الطريجي بشأن تعيين اقرباء للوزير المدعج ،اوضح الحريص ان تلك التعيينات تمت وفقا لصلاحيات الوزير القانونية ، اضافة الى انهم يملكون من الخبرة والكفاءة ما يمكنهم من العمل في هذه المناصب ، علاوة على انهم ليسوا من اقربائه.
من جانبه افاد النائب سعود الحريجي بصفته مؤيدا للاستجواب ، بأن ما قام به النائب الطريجي هو ممارسة لحقه في ممارسة الديمقراطية التي اقرها الدستور.
واوضح الحريجي ان الاستجواب هو اداة لتصويب الخطأ وما ذكره في اثناء استعراضه للاستجواب «امر مستحق» ، معربا عن الامل في ان يصحح الوزير التقصير في عمله ، لاسيما ان عرض الاستجواب كان راقيا ودون اسفاف.
بدوره قال النائب خليل الصالح بصفته معارضا للاستجواب ان محاور الاستجواب لم ترق الى المساءلة لاسيما ان الوزير فند كل المحاور وجاوب عليها باقتدار.
واضاف الصالح ان الوزير المدعج اكد اجابته على جميع الاسئلة البرلمانية التي وجهها له النائب الطريجي وهي موثقة لدى الامانة العامة لمجلس الامة مشيدا بتعاون وزير التجارة والصناعة مع جميع النواب