
بروكسل – عواصم – «كونا» و«وكالات» : أكد رئيس الاتحاد الأوروبي «دونالد توسك» إن قادة منطقة اليورو قد توصلوا لاتفاق «بالإجماع» على خطة إنقاذ ثالثة لليونان، بعد محادثات مطولة مساء الأحد .
ويأتي هذا الاتفاق بعد شد الحبل بين الطرفين حول خطة الانقاذ ، والتزام اليونان بخطة الاصلاح الاقتصادي الجديدة ، ونقلت وكالات الأنباء أمس الاثنين أن «توسك» أعلن عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنه تم التوصل لاتفاق حول برنامج الإنقاذ المالي لليونان، مع إجراءات إصلاحية جادة، ودعم مالي.
ولم يعلن رئيس الاتحاد الأوروبي تفاصيل الاتفاق بين اليونان وقادة منطقة اليورو، بعد جلسة مباحثات بين الجانين استغرقت أكثر من 16 ساعة في بروكسل.
وبحسب مراسلة قناة «العربية» كارينا كامل فان الاتفاق يقضي بمد اليونان بقرض جديد ، الا أنه لن يتم الا بعد موافقة البرلمان اليوناني عليه ، ويتوقع أن تبقى البنوك في أثينا مغلقة حتى تتم الموافقة ، وقالت كارينا ان الحكومة اليونانية تنتظرها قرارات صعبة لانقاذ البلاد ، في وقت أعلنت فيه المانيا عدم تخفيض القيمة الاسمية للديون ، وذكرت ان ضخ المزيد من السيولة في البنوك قد يعرضها لهزة جديدة ، بسبب تدافع المودعين على سحب أموالهم الامر الذي يحتاج الى الية جديدة لضبط السحوبات.
على صعيد ردود الفعل على إبرام هذا الاتفاق ، فقد شهدت أسواق المال الخليجية عدا بورصة الكويت انتعاشة وحركة مضاربية نشطة ، وسط حالة التفاؤل العامة ، بعد إبرام الاتفاق بين دول الاتحاد الأوروبي واليونان ، ودعم الحكومة الصينية أسواقها نهاية الأسبوع الماضي .
ومع حدوث انفراجة لأزمة الديون اليونانية فسينعكس ذلك إيجابا وبشكل مؤقت على جميع الأسواق ، لاسيما أن ملف اليونان سيبقى متدحرجا لبعض الوقت ، وستكون حركة الأسواق العالمية معلقة بانتظار القرار المصيري ببقاء «أثينا» ضمن منطقة اليورو.
ورغم الزخم الإعلامي الكبير وتفاعل الاقتصادات العالمية مع أزمة ديون اليونان ، لكن تأثيرها على القطاعين المصرفي والمالي الخليجي يبقى محدودا وبلا صدى واضح على المصارف الخليجية التي تعاملت مع مشكلة اقتصادية ضخمة كالأزمة المالية العالمية عام 2008.
في موازاة ذلك أعلنت كثير من المصارف الخليجية نتائجها المالية للربع الثاني من العام الحالي ، ولم تجنب أي مخصصات أعلى من الاعتيادية ضمن قوائمها المالية ، مما يعكس بالتالي عدم تأثرها بأزمة الديون اليونانية.
ومن غير المتوقع أن تترك الأزمة اليونانية تأثيرا كبيرا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على القطاع المصرفي الخليجي ، أو حتى على القطاع الاقتصادي عموما فالناتج المحلي اليوناني يعادل 250 مليار دولار أمريكي ف، ضلا عن أن الاقتصاد اليوناني الذي يقوم على السياحة والنقل البحري يعتمد بشكل كبير على الاستيراد أكثر من التصدير.
وكانت الأسهم العالمية تفاعلت نهاية الاسبوع الماضي ، مع أنباء إيجابية عن احتمالات انفراج أزمة الديون اليونانية حيث عادت ثقة المستثمرين في الأسواق ، واتجهت تعاملاتهم للشراء مع الإقبال على المخاطرة واكتست معظم الشاشات باللون الأخضر واتجهت البورصات الأوروبية نحو الصعود كما انتعشت التعاملات في بورصة «وول ستريت» .
كما تلقت أسواق الأسهم العالمية دعما من استمرار الانتعاش في سوق الأسهم الصينية التي ارتفعت بقوة مع نهاية تداولات الأسبوع الماضي ، بدعم من حزمة تدابير حكومية ، في حين قفزت الأسهم الأميركية في «وول ستريت» وارتفعت مؤشرات الأسهم الرئيسية لأكثر من 1 في المئة ، وسط مشاعر التفاؤل بشأن إمكانية توصل اليونان إلى اتفاق مع دائنيها يجنبها الإفلاس والبقاء في منطقة اليورو.
وفي ما يخص البنوك العربية فإن حجم الديون التي قدمتها لليونان محدودة للغاية ، ومعظمها لم يقدم تمويلات لليونان ، ومع ذلك فإن احتمال تأثر هذه البنوك بالأزمة اليونانية سيكون غير مباشر ، من خلال الأضرار التي ستلحق بتوقعات النمو الأوروبي الذي يعاني هو الآخر ضعفا ، إلى جانب تضرر دول رئيسية مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال بصورة أكبر مما ينعكس على أعمال البنوك العربية في هذه الدول.
لكن يتوقع أن يكون للأزمة اليونانية تأثير عبر أسواق صرف العملات من خلال انخفاض سعر اليورو ، كما يتوقع أن يكون الانعكاس أكبر في ما لو تضررت بعض البنوك الأوروبية الدائنة لليونان التي تمتلك البنوك العربية تعاملات معها بصورة كبيرة ، ما قد ينعكس سلبا على أعمال ومحفظة تمويلات هذه البنوك.
ومع ارتفاع ديون اليونان خلال السنوات ال15 الماضية إلى أكثر من 320 مليار يورو تمثل 175 في المئة من الناتج المحلي اليوناني ، وانخفاض معدلات الانتاج في الوقت نفسه ، وارتفاع نسبة البطالة إلى 25 في المئة ، لم يعد بإمكان اليونان تسديد هذه الديون ، وأصبحت أفقر دولة في الاتحاد الأوروبي ، وبإضافة الديون على البنوك والشركات اليونانية ، فإن إجمالي الدين يصل إلى نحو نصف تريليون يورو.
وكانت أزمة اليونان بدأت منذ سنوات سابقة ، وسط تراجع الأداء الاقتصادي لليونان باستمرار قبل انضمامها إلى منطقة اليورو ، لكن الأزمة أخذت وضعا حرجا في أكتوبر عام 2009 ، عندما اعترفت الحكومة اليونانية الجديدة بأن الحكومة السابقة زيفت الحسابات القومية ، وأن الحكومة الحالية تعاني عجزا في الميزانية بنسبة 6ر13 في المئة ، حيث تبلغ ديون اليونان ما نسبته 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويحوز الدائنون الرئيسيون نحو 75 في المئة من الديون اليونانية معظمه يعود للاتحاد الأوروبي كما قدمت دول الاتحاد قروضا لليونان من خلال الاتفاقيات الثنائية ومن خلال الأموال التي وضعت في اتفاقية تسهيل الاستقرار المالي الأوروبي.
وتبلغ الديون التي قدمت لليونان من خلال الاتفاقيات الثنائية ومن خلال اتفاقية التسهيل المذكورة 195 مليار يورو أو ما نسبته 5ر61 في المئة من مجموع الديون اليونانية كما أن هناك نحو 28 مليار يورو قدمت لليونان من خلال برنامج السندات الذي ينفذه البنك الأوروبي المركزي.
وقدمت هذه الدول قروضا مباشرة للبنوك اليونانية تقدر قيمتها بنحو 80 مليار يورو ، بموجب برنامج مساعدة السيولة الطارئة لمواجهة تبخر رؤوس الأموال من اليونان ، وبصورة إجمالية تمثل الديون اليونانية من قبل الاتحاد الأوروبي نحو 3ر3 في المئة من الناتج المحلي لمنطقة اليورو.
وتعتبر ألمانيا وفرنسا أكبر دائني اليونان بما يعادل نصف الديون الأوروبية لليونان ، ولكن هذه الديون تعتبر ضئيلة بالنسبة لحجم ناتجهما القومي.