
برزت مؤشرات على الساحة النيابية أمس تؤكد بأن قضية رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات المقدمة للمواطنين ، ستشكل ملامح أزمة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال المرحلة المقبلة ، وقد تصعد ببعض الوزراء إلى منصة الاستجواب .
فقد أمطر النائب فيصل الكندري نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية والنفط أنس الصالح ، بمجموعة من الأسئلة التي تحمل «نفسا استجوابيا» ، تناول فيها ما يثار بشأن الدعم ، وقال في أسئلته تلك : إنه تواترت أنباء عن نية الحكومة رفع الدعم عن بعض السلع والمنتجات البترولية ومنها رفع اسعار الوقود والكهرباء ، فماصحة هذه الأنباء والسبب وراء ذلك التوجه ، وما الدراسة التي اعتمدتها المالية للوصول الى يقين ان زيادة الاسعار على المواطن هي الحل في تخفيف العبء على الميزانية ، طالبا تزويده بكل نتائج لجان وفرق العمل التي وصلت الى هذه نتيجة ضرورة رفع الاسعار .
كما تساءل الكندري عن الدراسات والخطط التي تسير عليها المالية في اعداد الميزانية ، وهل يعقل ان تسهو المالية عن احتماليات هبوط اسعار البترول ، مضيفا : هل الحل الوحيد لمعالجة هدر الميزانية وتقنينها يأتي عبر المساس بالمواطن ، وهل هناك توجه او دراسة تحث على الاستفادة من صندوق الاجيال القادمة بأخذ مبلغ لسد العجز ومن ثم سداده مستقبلاً بعد ارتفاع سعر البرميل ، وما الدراسات التي اعدت لتنويع مصادر الدخ ، وهل لدى الحكومة استراتيجية لتشغيل الهيئات الحكومية ووزارات الدوله للاستثمار في بعض مرافقها ؟
من جهته رفض النائب عبد الله التميمي نية الحكومة لرفع أسعار البنزين على المواطنين ، وتقليص الدعم عن المواد الأساسية «التي باتت السلطة التنفيذية تسوق لها ، في تناقض واضح مع خطاب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه ، خلال افتتاح دور الانعقاد الحالي ، عندما أكد على ضرورة ترشيد الإنفاق دون المس بدخل المواطنين ومدخراتهم» .
وقال التميمي إنني مع سياسة ترشيد الإنفاق في الهدر الحكومي ، ولكن من باب تقليص المكافآت والمخصصات التي يحصل عليها القياديون ، وليس التوجه مباشرة لجيوب المواطنين وتحميلهم ما لا طاقة لهم به ، في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار الذي يواجهونه .
أضاف أن وزارة المالية قادرة على ترشيد الإنفاق بالكثير من البنود في الميزانية ، دون أن يظهر لها أثر مباشر على جيوب المواطنين البسطاء ، الذين يعيشون على رواتبهم التي بالكاد تكفي لتغطية التزاماتهم المعيشية والاجتماعية .
وأكد أن الأسلوب الذي يتم التخطيط له عبر اللجوء لزيادة أسعار البنزين والمشتقات النفطية ، أو اللجوء إلى تقليص الدعم للمواد الأساسية ، «هو أسلوب مرفوض لأنه الأسهل لديهم» ، لافتا الى أن «المخططين لهذا التوجه لن يتضرروا ولن يتأثروا مباشرة بينما يدفع المواطن العادي الثمن» .
من جهته دﻋﺎ اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻄﺮﻳﺠﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻰ «ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻧﺪﻓﺎﻋﻬﺎ اﻟﻤﺤﻤﻮم ﻧﺤﻮ رﻓﻊ اﻟﺪﻋﻮم ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت ورﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر ، واﻟﺬي ﺳﻴﻜﻮن اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻀﺮرا ﻣﻨﻪ ، ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺧﻴﺎرات ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻣﻮازﻧﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﻨﺎﺳﻰ أن اﻟﻀﺤﻴﺔ وﻓﻖ اﻟﺨﻴﺎرات اﻟﻤﻄﺮوﺣﺔ ﻫﻮ اﻟﻤﻮاﻃﻦ» .
أضاف أن ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﺔ ﻗﺎل ﻛﻠﻤﺘﻪ ، واﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب ﺣﺬروا ﻣﻦ إﺟﺮاءات اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻘﺸﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻤﻮاﻃﻦ ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻈﻪ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻨﺪﻓﻌﺔ ﺟﺪا ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻬﻬﺎ ﻟﺮﻓﻊ اﻟﺪﻋﻮم ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت اﻟﻮزراء اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﺄن اﻟﻘﺮارت اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻤﺲ ذ وي اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺤﺪود .
وأﻋﺮب اﻟﻄﺮﻳﺠﻲ ﻋﻦ أﻣﻠﻪ ﻓﻲ أن ﺗﺘﻤﻬﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺿﻌﻒ اﻹﻳﺮادات اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ، وأن ﺗﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﺔ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ ، أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻤﺠﻠﺲ ، ﺑﻬﺪف ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﺴﺒﻞ اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻓﻲ ﻣﻮازﻧﺔ اﻟﺪوﻟﺔ .
وأوضح أن اﻟﻨﻮاب ﻳﺘﻔﻬﻤﻮن اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﺳﺘﻤﺮار اﻧﺤﺪار أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻀﺮر اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ ، إﻻ أن اﻟﺨﻼف ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻫﻮ ﺣﻮل ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻻ ﺗﻤﺲ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ذ وي اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺤﺪود ، مشيرا إﻟﻰ أن ﻟﺪى ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﺔ وﻟﺠﺎﻧﻪ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺪر ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ ﻟﺪى اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وﻗﻴﺎدات اﻟﺪوﻟﺔ ، ﻣﺸﺪدا ﻋﻠﻰ أن ﺿﺒﻂ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ أي إﺟﺮاءات أﺧﺮى ، ﻛﻤﺎ أن ﻣﻦ ﺷﺄن ﺿﺒﻂ ﻫﺬا اﻟﻬﺪر ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﻼﻳﻴﻦ اﻟﺪﻧﺎﻧﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻐﻄﻲ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﺠﺰ اﻟﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ .
وأﻛﺪ أن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﺬﻟﻚ أن ﺗﻌﻄﻲ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ، لافتا إﻟﻰ أن ﺗﺤﺮك اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﺧﺠﻮل ﺟﺪا وﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﻤﻌﻮل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ، وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺧﻄﻂ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺨﺼﺨﺼﺔ ﺣﺒﻴﺴﺔ اﻷدراج ، ﻣﻮﺿﺤﺎ أن ﻫﺬا ﻫﻮ أﻓﻀﻞ وﻗﺖ ﻹﺷﺮاك اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص واﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .
في سياق آخر أكد النائب خليل الصالح إن تباينات القرارات التي تنظم التزام الموظفين ببصمة الدوام من وزارة إلى أخرى تخلق حالة من الاختلال غير مقبولة ، مشدداً على ضرورة أن يكون لدى الحكومة مسطرة واحدة في هذا الشأن تحقق العدالة بين موظفي الدولة.
وأوضح الصالح أن قرار الخدمة المدنية الذي منح الوزراء صلاحية إعفاء مديري ومراقبي الإدارات ومن في حكمهم ممن بلغ مجموع مدة خدمته في الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة 25 سنة من البصمة، يخلق أجواء غير صحية حال تطبيقه في وزارات دون غيرها.
ودعا إلى تعميم القرار بشكل وجوبي على مختلف الجهات والوزارات لا سيما أنه يرتبط بقاعدة عامة وهي عدد سنوات الخدمة وليس متعلقاً بحالات فردية استثنائية تستلزم منح الوزراء سلطة تقديرية بشأنها .
أضاف « لسنا ضد القرارات التنظيمية التي تساهم في انسيابية العمل وترفع القيود غير الضرورية عن الموظفين، لكن ما نرفضه هو خلق فجوة في الحقوق والواجبات بين موظفي الدولة بشكل أو بآخر بما لذلك من انعكاسات سلبية على ديناميكية العمل وانتاجية الموظفين».
وأعلن الصالح عزمه تقديم مقترح بقانون بشأن جعل إعفاء الموظفين الذين بلغ مجموع خدمتهم 25 عاما من البصمة ، قراراً وجوبياً على الوزير وليس اختيارياً كما هو حالياً .