
عواصم – «وكالات» : في واحد من أبشع تجليات التطهير العرقي، خرجت الدفعة الأخيرة من أهالي ومقاتلي مدينة داريا غرب دمشق، مساء أمس السبت، لتصبح المدينة خالية من سائر أهلها، وذلك عقب اتفاق بين فصائل الجيش الحر في المدينة وقوات النظام ينصّ على تهجير السكان أو إبادتهم. وقالت مصادر في مجلس داريا المحلي : «إن المرحلة الثانية من خروج أهالي داريا ومقاتليها انتهت مساء أمس ، وباتت المدينة خالية من السكان، ودخلتها قوات النظام مدعومة بمليشيات عربية». وأوضحت أنّ «قافلة تضم مقاتلين انطلقت نحو مدينة إدلب شمالاً، في حين انطلقت قافلة أخرى نحو مدينتي صحنايا وقدسيا شمال العاصمة دمشق، ليتم وضعهم في مخيمات لفترة محددة». وكان أكثر من 250 شخصاً ممن غادروا داريا قد وصلوا فجر السبت، إلى منطقة باب الهوى الحدودية مع تركيا، عبر الحافلات التي أقلتهم من منطقة قلعة المضيق بريف حماه، والتي كانوا وصلوا إليها مساء أمس الأول .
وكانت عملية إخلاء المدنيين والمسلحين من بلدة داريا ، والتي كانت خاضعة لحصار القوات الحكومية لسنوات اربع، قد تواصلت أمس لليوم الثاني على التوالي ، فقد وصل عشرات من المسلحين إلى إدلب مع عائلاتهم مستقلين خمس حافلات على الاقل عبر حمص، كانوا غادروا البلدة أمس الأول .
كما وصلت أول دفعة من المدنيين ، يقدر عددهم بثلاثمائة وسبعين شخصا ، إلى مركز إيواء في منطقة حرجلة جنوب شرق دمشق.
وشوهدت أعمدة دخان في سماء داريا أمس قيل إنها ناجمة عن إحراق المسلحين لوثائق وأجهزة اتصال ومعدات عقب انسحابهم من البلدة.
وأعربت الأمم المتحدة عن مخاوف بشأن الاتفاق مطالبة بضرورة حماية سكان داريا في حال إجلائهم، وأن تكون مغادرة السكان للبلدة طوعية.
وتعد مدينة داريا أولى المناطق التي شهدت احتجاجات سلمية ضد حكم الرئيس بشار الأسد تحولت إلى صراع مسلح.
وحاصرتها القوات الحكومية اواخر عام 2012.
ويقول محللون إن انسحاب مسلحي المعارضة من داريا يعد نصرا للقوات الحكومية.
ويقول المعارضون إنهم اجبروا على الموافقة على اخلاء البلدة نظرا للاحوال الانسانية المتدهورة فيها.
وكان مسلحو المعارضة قد انسحبوا من مدينة حمص، ثالث كبريات المدن السورية، في العام الماضي بموجب اتفاق مماثل.
الحكومة السورية تنظر الى هذا الاتفاق المحلي وغيره - والذي تم التوصل اليه بشروطها - بوصفه الطريق الامثل للتوصل الى تسوية، وليس المفاوضات بين القوى الخارجية في العواصم الاجنبية.
وفي القاهرة أعرب الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابوالغيط أمس عن قلقه ، بشأن الاتفاق الذي تم التوصل اليه لانهاء الحصار المفروض على مدينة «داريا» في ريف دمشق.
وقال ابوالغيط وفقا للمتحدث باسمه الوزير المفوض محمود عفيفي ، ان ما تناقلته وسائل الاعلام الدولية والعربية بشأن الاتفاق ، يمثل تطورا «مثيرا» للقلق رغم انهائه معاناة المدنيين الابرياء .
وحذر من خطورة هذا النمط من الاتفاقات رغم انها تحت رعاية الامم المتحدة ، لتسوية اوضاع بعض المدن والمناطق السورية.
وذكر ان مسألة تفريغ المدن من سكانها الاصليين ، واجبارهم على مغادرتها تحت التهديد تعد مخالفة لمبادئ القانون الدولي الانساني ، وقد يمهد لتسويات مشابهة تنطوي على تغيير ديموغرافي لاوضاع المدن السورية ، وسيترك اثارا يصعب محوها على مستقبل سوريا وشعبها كبلد موحد.
وتوصلت الحكومة السورية وفصائل المعارضة في داريا أول من امس ، الى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم .