
دعا سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد أعضاء مجلس الأمة، إلى أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الكويت ، وجعلها المعيار الأول لكل مايصدر عنهم ، بمعزل عن الاعتبارات الشخصية والعائلية والفئوية والطائفية والقبلية والطبقية.
وأكد سموه خلال كلمته في افتتاح دور الانعقاد العادي الأول ، للفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة ، ضرورة تحمل المواطنين مسؤولياتهم الوطنية ، في رفض دعوات الفتنة البغيضة وشق الصف والتعاون التام مع الجهات المختصة لحفظ امن الوطن واستقراره.
وشدد سموه على أنه آن الاوان للانتقال الى مرحلة جديدة من التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي ، ترتقي الى مستويات التحديات على مختلف الصعد ، وتجسد وحدة الهدف والمصير بين الاشقاء ، وتعزز تلاحمهم ، فيما يحقق التنمية الشاملة لشعوب الدول ويحفظ امنها واستقرارها.
وتوجه سموه بخالص التهنئة على ثقة الشعب الغالية ، معربا عن عميق ارتياحي وسروري لما افرزته النتائج من وجوه شابة طموحة ، تثير مشاعر الأمل والتفاؤل ، وتعزز الطاقة المتجددة لبناء وطننا الغالي .
ونوه سموه بالدور البناء الذي قامت به وسائل الاعلام الرسمية والخاصة ، في تجسيد الممارسة الديمقراطية وتشجيع المواطنين على اداء واجبهم الوطني ، وتعزيز الطرح الايجابي لقضايانا الجوهرية .
أضاف : لقد حملكم الوطن أمانة ثقيلة واولاكم اهل الكويت ثقتهم ، فاحرصوا غاية الحرص على أداء الامانة والارتقاء الى مستوى الثقة ، وأن تضعوا نصب أعينكم دائما مصلحة الكويت ، وتجعلوها المعيار الاول لكل ما يصدر عنكم من قول او عمل في الشأن العام ، بمعزل عن اي اعتبارات اخرى شخصية او عائلية او فئوية او طائفية او قبلية او طبقية او مناطقية.
وقال سموه أيضا : لقد اشرت مرارا ومن على هذا المنبر الى الاخطار المحدقة بنا من كل جانب ، كما نبهت مرارا الى ضخامة التحديات التي تعترض مسيرتنا ، وتعرقل سعينا الدائم لحماية امن الوطني واستقراره ، واسعاد المواطنين وحفظ كرامتهم وضمان مستقبل كريم لهم ولاجيالهم القادمة. وانه لمن بواعث القلق الشديد ان هذه الاخطار قد تصاعدت وهذه التحديات قد تزايدت ، فالارهاب الهمجي عرف طريقه الى ديرتنا الوادعة المسالمة الآمنة ، مستهدفا اشعال نار الفتنة وشق الصف والنيل من وحدتنا الوطنية.
واستطرد سموه بالقول : وان الحمد والفضل لله الذي حالت عنايته ويقظة العيون الساهرة على امن الوطن وجهودهم المشهودة ، دون وقوع المزيد من الجرائم الارهابية ، ومع ذلك يبقى الحذر واليقظة واجبا وطنيا عاما . ادعو اخواني وابنائي المواطنين الى تحمل مسؤوليتهم الوطنية ، في رفض دعوات الفتنة البغيضة وشق الصف ، والتعاون التام مع الجهات المختصة لحفظ امن الوطن واستقراره . وان وحدتنا الوطنية من اهم نعم الله وافضاله على هذا البلد الطيب واهله ، وهي السور المنيع الذي يحمي مجتمعنا ، نعمل جميعا على التمسك بها ونحرص على دعمها وصيانتها.
وأوضح صاحب السمو أن التحدي الآخر الذي يهدد مسيرتنا ، هو الانخفاض الهائل في ايرادات الدولة ، جراء انهيار اسعار النفط في العالم ، ما اوقع عجزا كبيرا في الموازنة العامة للدولة ، لا مفر من المبادرة الى اتخاذ اجراءات فعالة لمعالجته والتخفيف من اثاره.
وقال : انني على ثقة بان مجلسكم الموقر واخواني وابنائي المواطنين جميعا ، تدركون بأن خيار تخفيض الانفاق العام اصبح امرا حتميا ، من خلال تدابير مدروسة لاصلاح الخلل في الموازنة العامة ، ووقف الهدر واستنزاف مواردنا الوطنية ، وتوجيهها نحو غايتها الصحيحة ، مع الحرص على للتخفيف عن كاهل محدودي الدخل ، ومراعاة العدالة الاجتماعية وبالمراجعة الدورية لهذه الإجراءات وتقويمها تبعا لوضع إيرادات الدولة ، وهي جزء من برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي ، يكون للقطاع الخاص فيه دوره الحيوي الفاعل يلتزمه به الجميع ، وتقوم الحكومة بإعداد كافة أدواته و تفاصيله العملية الزمنية ، يعرف فيه المواطن دوره وما يمكن أن يحققه هذا البرنامج له للأجيال القادمة و يضمن مشاركته الإيجابية وتحمل مسؤوليته الوطنية.
ونبه سموه إلى أنه في ظل الأوضاع الراهنة عالميا وإقليميا من حولنا على وجه الخصوص وما تنطوي عليه من مخاطر مصيرية و ما تحمله من نذر تطورات مفاجئة قد لاتخطر على بال وما يجري حاليا من تشريد وتهجير الملايين ، وبعد اتساع مخططات العبث والتخريب وتنوع ادواته وتعدد اطرافه ، وانغماس قوى كبرى في هذه المعمعة ، لذلك ينبغي التزام الاولويات وتقديم الاهم على المهم ، ويجب ان يدرك الجميع ان هذا ليس وقت الترف السياسي او التكسب على حساب مصلحة الكويت العليا.
وأكد سموه أنه اذا كان قدرنا ان نتحمل مسؤوليتنا الوطنية في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة ، فاننا على ثوابتنا الراسخة في التعامل مع محيطنا وهذا العالم في بعديها العربي والاسلامي واطارها الاقليمي والدولي ، ملتزمين بنهجنا المعتدل المعهود ، جسر سلام ومحبة من اجل التقدم البشري وخير الانسانية جمعاء ، وقد آن الأوان للانتقال الى مرحلة جديدة من التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي ترتقي الى مستوى التحديات على مختلف الاصعدة وتجسد وحدة الهدف والمصير بين الاشقاء وتعزز تلاحمهم فيما يحققق التنمية الشاملة لشعوب هذه الدول ويحفظ سيادتها وامنها واستقرارها.
وفي هذا الصدد يطيب لي ان اعبر عن عظيم السرور والاعتزاز بزيارة اخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود ، والوفد المرافق له لبلده الكويت ، بما تعكسه من عمق روابط الأخوة والمودة بين البلدين الشقيقين - قيادة وشعبا- على مدى التاريخ ، وتضامنهما الوثيق في مواجهة مختلف المصاعب والمحن ، مستذكرا بكل التقدير والعرفان الدور التاريخي الذي قامت به المملكة ، من أجل نصرة الحق الكويتي ، ومؤكدا على الدور المشهود الذي تضطلع به بقيادة الملك سلمان ، في تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتكريس الأمن والسلام والازدهار في المنطقة.
وشدد سمو الأمير على أن التنمية المستدامة هي هدفنا الأول وغايتنا الأسمى في الحاضر والمستقبل ، وهي التحدي الدائم الذي يقرر مصير بلدنا ومجتمعنا ، مشيرا كذلك إلى أن أولوية قضايا الأمن والاصلاح المالي الاقتصادي ومواجهة آفة الفساد بلا هودة لا يعني أبدا نسيان أو إغفال ما يعانيه وطننا من علل وما يوهن مجتمعنا من أمراض مزمنة ، مما يستدعي وضع برامج وخطط علمية مدروسة بعيدة المدى لعلاجها والقضاء عليها وإنقاذ الوطن والمجتمع من شرورها ، وفي مقدمة ذلك ضرورة تطوير وزيادة الاهتمام برعاية الشباب والاستماع إليهم ومشاركتهم وتربيتهم على الاعتدال ، وتحصينهم ضد التطرف والفكر المنحرف ، وتثقيفهم على قبول الاختلاف والرأي الآخر وتعدد وجهات النظر ، وتعزيز روح التعاون والعمل الجماعي ، ويجب فتح أبواب المستقبل أمام الشباب وإيجاد فرص عمل حقيقية لعشرات الآلاف الذين يدخلون سوق العمل كل عام.
واختتم سموه كلمته بالقول : إننا على إيمان ثابت بأن الكويت التي تجاوزت المحن والشدائد على مر الزمن ، قادرة بعون الله وفزعة أهلها الأوفياء على مواجهة كل التحديات والمخاطر ، وقيادة المسيرة إلى بر الأمان. سيروا على بركة الله متعاونين متآزرين لخدمة وطنكم .
من جهته أكد سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ، أن الحكومة ستكون على قدر المسؤولية العظيمة لتنفيذ التوجيهات والنصائح السامية لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ، لتحقيق التطلعات والإنجازات المشهودة ومواجهة التحديات الجسام لدفع عجلة الإصلاح والتطوير.
وقال سمو رئيس مجلس الوزراء ، في كلمته أمام مجلس الأمة إن «الحكومة حرصت وتحرص دائما على تعزيز العلاقة الإيجابية مع مجلس الأمة ، في إطار نهج يسمح بوضع صيغة توافقية ، للارتقاء إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا ، لتحقيق المأمول من الغايات والتطلعات على مختلف الأصعدة والمجالات ، من خلال حسن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، في إطار أحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة والأعراف البرلمانية السليمة».
أضاف أن الحكومة تتطلع بكل الأمل والتفاؤل والثقة الواجبة إلى مجلس الأمة ، لترسيخ التعاون البناء والتفاعل الإيجابي من أجل النهوض بوطننا الغالي ، والارتقاء به إلى المكانة التي يستحقها ونحن قادرون على تحقيق ذلك.