
طالب مجلس الامة حكومة دولة الكويت والحكومات والشعوب العربية، بالوقوف عند مسؤولياتها ومد يد العون للشعب السوري الشقيق واهالي مدينة حلب.
جاء ذلك في بيان اصدره المجلس ، في ختام جلسته الطارئة ، لاستنكار الجرائم ضد الانسانية ضد الاشقاء السوريين في مدينة حلب.
وأدان البيان «ما يجري على ارض سورية الحبيبة منذ اكثر من خمس سنوات وحتى اليوم ، مع استمرار العدوان على سوريا والقصف الوحشي على مدينة حلب وسكانها الابرياء المحاصرين ، وامام السكوت المريب والاستسلام الكامل للمؤسسات الدولية والاقليمية على ما يتم من مجازر وحشية واعتداءات همجية ومآسي انسانية وكوارث بشرية ، يندى لها جبين العالم الحر مهما كان دينه او معتقده او انتماءه السياسي».
واوضح ان محاولات الهاء الرأي العربي والاسلامي لاخفاء وحشية ما يجري والتستر تحت دعاوى محاربة الارهاب ، مستفيدة من اخطاء وخطايا المتطرفين لتبرير الدكتاتورية والجرائم القمعية ، وهو ما يؤكد خطورة المؤامرة على المنطقة والامة كلها.
ودعا البيان الى ايقاف العدوان الاجنبي والميليشيات الطائفية والارهابية ، وكل صور التدخل الخارجي الصريحة والمستترة في الشأن السوري.
كما دعا البيان الى الوقف الفوري لاطلاق النار على الاراضي السورية ، والسماح بايصال المساعدات الانسانية للمناطق المحاصرة في كافة ارجاء سوريا ووضع برنامج سياسي عاجل باختيار من يحكمه بكل حربة بملء ارادته ، ويضمن وحدة اراضي سوريا وكيان الدولة الواحد فيها ترعاه منظمة التعاون الاسلامي بالتعاون مع جامعة الدول العربية والامم المتحدة.
ودعا اعضاء المجلس في بيانهم الى وضع برنامج زمني عاجل لعودة ابناء الشعب السوري المهاجر الى اراضيه ، بكل امن وسلامة ، وتنفيذ برنامج عاجل وملح لاعادة اعمار البلاد تشرف عليه وتوفر له الموارد الجهات الرعاية.
وناشد البيان الشعوب العربية والاسلامية وكافة الحركات والهيئات فيها ، بإظهار رفضها واعتراضها على ما يجري من عدوان وتقديم كافة اشكال العون لنضال الشعب السوري وحريته.
من جهة اخرى وافق مجلس الامة على عدد من التوصيات النيابية للحكومة الكويتية، بشأن الوضع في سوريا ومدينة حلب ، اولها مطالبة وزارة الخارجية الكويتية بالتحرك عربيا ودوليا ، للسعي لاستصدار قرار من مجلس الامن ، لإحالة جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية الى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية وفقا للفصل السابع.
كما طالب المجلس في توصياته وزارة الداخلية بتسهيل اجراءات اقامة والتحاق الاخوة السوريين باقاربهم المقيمين في الكويت ووزارة الصحة الكويتية ، بالتعاون مع جمعية الهلال الاحمر الكويتية بزيادة عدد القوافل المسيره ، من اجل اسعاف وتقديم الرعاية الطبية للاجئين السوريين في الدول التي تسقبلهم.
ودعا المجلس في توصياته الى التعاون مع الدول المعنية بالقضية السورية ، بايجاد حلول سياسية لحل المشكلة بعيدا عن القوة والسلاح مطالبا برفع الحصار عن المواطنين السوريين المحاصرين في كل المدن السورية ، وتوصيل المساعدات الانسانية لجميع البلدات المحاصرة من غذاء ومواد طبية ومساعدات.
من جهته اشاد رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم بالتزام النواب بتوجيهات صاحب السمو امير البلاد ، بان لا يكون مجلس الامة سببا في اشقاق المجتمع.
وقال الغانم عقب الجلسة الخاصة لمناقشة الوضع الانساني في حلب ، ان تعاون الاخوة النواب غلبوا المصلحه العامة وجنبوا المجتمع الكويتي سجالا ليس في محله .
أضاف ان الكويت دولة صغيره تعيش في اقليم ملتهب ، فالحكمة مطلوبه من رجال الدولة ، واذا كان قدر اعضاء مجلس الامة رجال دولة فاعتقد ان اداءهم اليوم في هذه الجلسه ممتاز» ، مؤكدا ان المجلس عبر عن الشعب الكويتي والصوت الكويتي دون خدش للوحدة الوطنية والتلاحم الذي نحن بامس الحاجه له في ظل هذه الظروف الدقيقة .
وكان النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ، قد أكد في بداية الجلسة أن دولة الكويت اتخذت عدة خطوات استشعارا لحجم «الكارثة الانسانية المأساوية» التي تعرضت لها مدينة «حلب» .
وقال الخالد في بيان حكومي حول «الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ووزارة الخارجية في مساعدة السوريين في مدينة حلب» ، في جلسة مجلس الامة الطارئة لاستنكار الجرائم الانسانية بحق السوريين في حلب ، ان الخطوات التي اتخذتها دولة الكويت في هذا الشأن لم تكن محلية وحسب بل خليجية وعربية واسلامية ودولية.
وشدد على موقف الكويت الدائم الذي يدعو الى وقف فوري لاطلاق النار والاتجاه الى الحل السياسي ، الذي يعد «الخيار الوحيد الدائم الامن لحل الازمة السورية».
أضاف أننا ندرك جميعا فداحة المأساة السورية التي سوف تتم وللأسف الشديد عامها السادس ، حاصدة أكثر من 400 ألف قتيل و8ر4 مليون لاجئ و6ر6 ملايين نازح داخليا وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
وأوضح أن هذه المأساة الإنسانية قد ألقت بظلالها وتداعياتها الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة ، وتجاوزت تأثيراتها المتفاقمة الداخل السوري إلى الدول المحيطة والإقليم برمته ، لافتا إلى أن تداعياتها وارتداداتها تنذر بعواقب لاتحمد عقباها تعصف بأمن واستقرار دولنا.
وذكر أنه «لا شك أن جميعنا في هذه القاعة على وعي وإدراك تام بمدى المخاطر المتصاعدة التي تعيشها منطقتنا ، فكل ما حولنا يشهد وللأسف توترا متزايدا نسأل المولى عز وجل أن يقينا شروره ، ويمدنا بالقوة والعزم للحفاظ على أمننا واستقرارنا في هذه الأوقات العصيبة».
وأفاد الشيخ صباح الخالد بأن «دولة الكويت وإستشعارا بحجم الكارثة الإنسانية المأساوية التي تعرضت لها مدينة حلب مؤخرا ، قد إتخذت خطوات عدة وعلى كافة المستويات والأصعدة».
وبين أن «مجلس الوزراء أصدر بيانا بتاريخ 19 ديسمبر 2016 ، تم فيه إدانة وإستنكار العمليات التي إرتكبت بحق مدينة حلب وأهلها العزل ، والتأكيد على ضرورة تكاتف الشعب الكويتي وتعزيز الوحدة الوطنية ، والوقوف صفا واحدا خلف قيادته الحكيمة في مواجهة الظلم ورفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق» ، فضلا عن «تقديم الشكر والامتنان الى الشعب الكويتي لتجاوبه وتفاعله مع حملات جمع التبرعات التي قامت بها وزارة الإعلام وجمعية الهلال الأحمر الكويتي ولجان الإغاثة الإنسانية».
وقال الشيخ صباح الخالد إنه «على الصعيد الخليجي فقد نسقت دولة الكويت مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، لإصدار بيان يعبر عن حجم الفظائع والمعاناة الإنسانية في حلب حيث صدر البيان بتاريخ 13 ديسمبر 2016 ، والذي عبر عن الإدانة الشديدة لاستمرار القصف الوحشي لمدينة حلب السورية وما ينتج عنها من قتل للمدنيين الأبرياء وتدمير تام لهذه المدينة التاريخية العريقة».
وأوضح أنه «على الصعيد العربي فقد عقدت جامعة الدول العربية اجتماعين طارئين ، بناء على طلب دولة الكويت الأول عقد على مستوى المندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية بتاريخ 4 أكتوبر 2016 ، والثاني تم عقده على المستوى الوزاري بتاريخ 19 ديسمبر 2016 ، وذلك لبحث تطورات الوضع في سوريا في ظل الأوضاع المأساوية في مدينة حلب».
وذكر أنه «على الصعيد الإسلامي عقدت منظمة التعاون الإسلامي إجتماعين طارئين للجنة التنفيذية للمنظمة بناء على طلب دولة الكويت كذلك ، الأول عقد على مستوى المندوبين الدائمين لدى منظمة التعاون الإسلامي بتاريخ 9 أكتوبر 2016 ، والاجتماع الثاني عقد على مستوى وزراء الخارجية بتاريخ 22 ديسمبر 2016 لبحث تطورات الأوضاع المأساوية في مدينة حلب».
وقال الشيخ صباح الخالد إنه إثر تلك الاجتماعات العربية والإسلامية الطارئة ، صدرت عدة قرارات وبيانات أدانت واستنكرت الجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الواقعة في مدينة حلب وباقي المدن السورية ، كما تضمنت تلك القرارات والبيانات مقترحات وأفكارا عملية تقدمت بها دولة الكويت.
أضاف انه من تلك الاقتراحات والافكار القيام بما يلزم من اتصالات مع مختلف الأطراف المعنية ، وفي مقدمتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لاطلاعها على الموقف العربي والإسلامي من الأزمة السورية ، وحثها على اتخاذ مواقف من شأنها تحقيق وقف كامل لإطلاق النار ، والبدء في عملية سياسية تفضي إلى حل شامل للأزمة السورية ، ودعم مقترح عقد جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرار يدين الممارسات الوحشية على الأراضي السورية وخاصة في مدينة حلب.
وأفاد ان من مقترحات الكويت في هذا الشأن ايضا ، توجيه رسائل إلى المنظمات الإنسانية والدولية لحثها على التحرك لدعم الوضع الإنساني في سوريا وإغاثة السكان من المدنيين.
وأشار إلى أنه «على الصعيد الدولي وتجنبا للعجز الحاصل في مجلس الأمن في القيام بواجباته تجاه ما يحدث في سوريا ، دعمت دولة الكويت الجهود التي تقوم بها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر والجمهورية التركية ، لعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس مبدأ «الاتحاد من أجل السلام» ، لتبيان الفظائع الإجرامية التي ترتكب في حلب».
وأوضح أن «ما تم ذكره هو موقف دولة الكويت في الجانب السياسي ، أما المسار الإنساني ومن منطلق الشعور بالمسؤولية ، والحرص على الوقوف بجانب الشعب السوري المنكوب في الداخل والخارج والتخفيف من معاناتهم ومأساتهم الإنسانية ، فقد استضافت دولة الكويت وبناء على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الأوضاع الإنسانية في سوريا في الأعوام 2013 و2014 و2015».
وذكر الشيخ صباح الخالد أن دولة الكويت «شاركت في تنظيم ورئاسة المؤتمر الدولي الرابع للمانحين في لندن عام 2016» ، مبينا أن «تلك المؤتمرات شهدت تفاعلا شعبيا ملحوظا برهن من خلاله أهل الكويت على طيب معدنهم وعن روح الأخوة والوفاء التي جبلوا عليها منذ القدم».
وأفاد الشيخ صباح الخالد أن «مجموع الإسهامات في هذه المؤتمرات على المستويين الرسمي والشعبي بلغ 6ر1 مليون دولار امريكي» ، موضحا أنه «بتاريخ 19 ديسمبر 2016 اطلقت حملة تبرعات شعبية لنصرة أهلنا وأشقاؤنا في حلب بلغ مجموع التبرعات 20 مليون دولار».
وأكد أن الإسهامات الإنسانية لدولة الكويت في الأزمة السورية قد ذهبت إلى أبعد من سوريا ، حيث ساهمت الكويت في برامج صحية وتعليمية وتنموية في الدول المستضيفة للاجئين السوريين في كل من لبنان والأردن ومصر والعراق وتركيا ، مشاركة ومساندة منها في تخفيف الأعباء التي تتحملها هذه الدول مشكورة في استضافتها للاجئين السوريين.
ونوه وزير الخارجية بأن دولة الكويت ليست بمعزل عما يجري في محيطنا العربي والإسلامي من تطورات بالغة الدقة والتعقيد ، الأمر الذي يتطلب منا جميعا التحلي بروح المسؤولية والعمل سويا نحو الحفاظ على لحمتنا الوطنية وجبهتنا الداخلية ، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه للعبث بأمن الكويت واستقرارها.