
الرياض – بيروت – «وكالات» : أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته ، أمس السبت من الرياض، حيث يجري زيارة هي الثانية له خلال أسبوع ،، وذلك أثناء إلقائه خطاباً حادّاً فتح فيه النار على إيران و «حزب الله»، محذراً من أن لبنان تسوده أجواء شبيهة بتلك التي سبقت اغتيال والده ورئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري ، فيما كشفت مصادر لبنانية عن إحباط محاولة بالفعل لاغتيال سعد الحريري في بيروت قبل أيام ، وأكدت المصادر لقناة «العربية» أن «مخططي محاولة الاغتيال عطلوا أبراج المراقبة خلال تحرك موكبه».
الرئيس الحريري قال في كلمة له مباشرة على الهواء عبر شاشة قناة «العربية» ، إنّ «الأجواء السائدة في لبنان شبيهة بالوضع قبيل اغتيال رفيق الحريري، ولمست محاولات لاستهداف حياتي ولأنني لا أرضى أن أخذل اللبنانيين أو أقبل بما يخالف مبادئ قوى الرابع عشر من آذار ، أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة ، مع علمي أن إرادة اللبنانيين أقوى وسيكونون قادرين على التغلب على الوصاية».
أضاف أنّ «إيران لا تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب ، ويشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية» ، معتبراً أن «ما يدفعها إلى ذلك هو حقد دفين على الأمة العربية ، ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها، وللأسف وجدت من أبنائنا من يضع يده في يدها ويعلن ولاءه لها ، والسعي إلى خطف لبنان من محيطه العربي والدولي، وأقصد في ذلك حزب الله الذراع الإيراني في لبنان والبلدان العربية».
وأردف قائلاً إنه «خلال العقود الماضية، استطاع حزب الله فرض أمر واقع في لبنان ، بقوة سلاحه الموجه إلى صدور أخواننا السوريين واليمنيين ، فضلا عن اللبنانيين ، وكل يوم يظهر لنا حجم هذه التدخلات التي نعاني منها على صعيد علاقتنا مع أشقائنا العرب» ، مذكّراً بما أشار إليه «رأس النظام الإيراني حسن روحاني، الذي اعتبر أن بلاده تسيطر على دول المنطقة وبأنه لا يمكن للبنان وسورية واليمن أن تقوم بأي شيء من دون إيران». وتابع «أقول لإيران وأتباعها إنهم خاسرون في تدخلهم في الشؤون العربية، وستقطع الأيادي التي تمتد على الأمة بالسوء».
واستطرد قائلاً إنه «قد عاهدتكم عندما قبلت بتحمل المسؤولية ، أن أرسخ مبدأ النأي بالنفس ولقيت في سبيل ذلك أذى كثيراً ، وللأسف لم يزد هذا إيران إلا توغلاً في شؤوننا الداخلية ، والتجاوز على سلطة الدولة وفرض الأمر الواقع»، لافتاً إلى أن «حالة الإحباط التي تسود بلادنا وحالة التشرذم والانقسامات وإعلاء المصالح الخاصة على المصلحة العامة وتهديد الأمن العربي من لبنان ، أمر لا يمكن القبول به تحت أي ظرف وأثق أن هذه هي رغبة الشعب اللبناني بكل طوائفه».
وكان الحريري قد عاد أمس الأول إلى المملكة العربية السعودية بعد أيام قليلة من زيارة عمل ، أعلن عنها مكتبه الإعلامي مطلع الأسبوع الحالي، وتخللتها لقاءات مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان.
وبعد أن ترأس جلسة مجلس الوزراء، قبل ظهر الخميس، واستقبل مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية، علي أكبر ولايتي، صباح الجمعة، عاد الحريري وطار إلى السعودية بعد الظهر في زيارة عمل ثانية.
وقد عمل رئيس مجلس النواب، نبيه بري، على وضع الزيارة في إطار «حرص المملكة على استقرار لبنان» ، في انعكاس للجو المشحون الذي يعيشه لبنان مع تصعيد المملكة لخطابها المُعادي لـ»حزب الله» ، بالتزامن مع استقبال الحريري على أرضها.
كما أكد الحريري في مُستهل جلسة الحكومة، الجمعة، أن «السعودية حريصة جدًا على الاستقرار في لبنان، وكل ما يذكر في الإعلام غير ذلك مجاف للحقيقة».
وكانت زيارة الحريري السابقة إلى المملكة قد تزامنت مع شنّ هجوم سياسي سعودي عنيف على «حزب الله»، وذلك على لسان الوزير السبهان، الذي دعا إلى «تطيير حزب الله».
وفي أول رد فعل رسمي لبناني على ما حدث ، طالب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الحرييري بتقديم إيضاحات حول أسباب استقالته .
من جهة أخرى اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر استقالة الحريري «مفاجئة»، وأشار الى أنّ الاستقالة وضعت لبنان أمام وضع صعب.
من جهته، رأى نائب «كتلة المستقبل» أمين وهبي أنّ «بيان الاستقالة واضح الاسباب، التي أدّت بالرئيس سعد الحريري الى اتخاذ هذا الموقف»، مؤكدا بأن البلد يتجه نحو تصعيد خطير. وتمنى بأن يبقى في الإطار السياسي. وأكد وهبي أن خيارات تيار المستقبل لطالما كانت في اطار المواجهة بسلاح الكلمة والرأي.
وعن امكان بقاء الرئيس الحريري خارج البلاد، اشار الى ان التجربة الماضية كانت غير مشجعة وقرار البقاء خارج لبنان يكون رهنا لما سيقرره الرئيس جراء الدراسة مع المستشارين والاجهزة الأمنية.
من جهته، أشار النائب السابق عن «تيار المردة» كريم الراسي، إلى أنّ موقف «المردة» ليس واضحاً بعد إذ وصلهم الخبر عبر وسائل الإعلام كغيرهم.
وفي موقفٍ خاص للراسي، أشار إلى أنّه كان جلياً «أننا سنصل إلى هذه المرحلة، والحريري كان يتحضّر لهذه الخطوة وقد أعلن عن هذا الأمر سابقاً».
وتأسف على إعلان الخبر من خارج لبنان وعدم إعلام رئيس الجمهورية ميشال عون مسبقاً، معتبراً أن «التنسيق بين الحريري وباقي الأفرقاء في البلاد كان مصطنعاً».