
"وكالات" : تواصلت أمس المفاوضات بين فصائل المعارضة في الجنوب السوري وروسيا ، حول آلية تنفيذ بنود الاتفاق الذي سُلم بموجبه معبر نصيب للقوات الحكومية .
وكانت فصائل المعارضة قالت الجمعة إنها وافقت على إلقاء السلاح بموجب الاتفاق والذي يتضمن أيضا تسليم محافظة درعا .
وبالمقابل ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الحكومة السورية استعادت السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن والذي ظل تحت سيطرة المعارضة لثلاث سنوات، وذلك بعد هجوم شنته بدعم جوي من القوات الروسية، على أراض خاضعة لسيطرة فصائل معارضة مسلحة عبر الشريط الحدودي.
كما أضافت أن مقاتلي المعارضة وافقوا على تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ، في كل البلدات والمدن التي يشملها اتفاق "الاستسلام".
وقالت مصادر في المعارضة إن روسيا ستضمن عودة آمنة للمدنيين الذين فروا من هجوم القوات الحكومية ، في أكبر موجة نزوح في الحرب شملت فرار نحو 320 ألف شخص .
وقال إبراهيم الجباوي، المتحدث باسم الجيش السوري الحر، إن المباحثات تتضمن السماح للجنود الروس بدخول البلدات التي سينسحب منها المسلحون .
ويشن الجيش السوري، مدعوما بقوات روسية، هجوما على فصائل المعارضة المسلحة في درعا، منذ 19 يونيو الماضي، مما أدى إلى نزوح ما بين 270 و330 ألف سوري بحسب تقديرات الأمم المتحدة
وكانت روسيا قد سلمت قائمة مطالب للمعارضة المسلحة في درعا، السبت الماضي، وأدت هذه المطالب إلى انقسام في صفوف المعارضة والتي رأت أن الموافقة عليها بمثابة "استسلام وليس مصالحة".
وتمهد استعادة سيطرة القوات الحكومية على معبر نصيب، الطريق لإعادة فتح شريان تجاري حيوي يتيح إنعاش الاقتصاد السوري وبدء عمليات "إعادة البناء" في المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها.
وذكرت مصادر في المعارضة أن الاتفاق الذي تم بوساطة روسية يتيح للمدنيين العودة لقراهم وبلداتهم مع ضمانات روسية لحمايتهم .
أضافت أن الضمانات الروسية ستشمل أيضا مسلحي المعارضة ممن يريدون "تسوية أوضاعهم" مع الحكومة ، في عملية سيقبل بموجبها مسلحون سابقون العيش تحت حكم الدولة مرة أخرى .
أضافوا أن المسلحين الذين لا يرغبون في المصالحة مع الحكومة سيغادرون إلى معقل المعارضة في شمال غرب البلاد.
وتغلق كل من إسرائيل والأردن الحدود أمام النازحين من درعا، وأعلنتا أن حدودهما ستبقى مغلقة حتى لو كان هناك عشرات الآلاف من السوريين الفارين من الهجمات.
ويقول الأردن إنه لم يعد قادرا على قبول المزيد من اللاجئين، وذلك بعد تسجيل استقباله حوالي 650 ألف لاجئ سوري.
وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة "فرحان حق" للصحفيين إن "هناك تقارير حول استمرار الضربات الجوية الجوية والهجمات الأرضية المكثفة على عدة مناطق في محافظة درعا ، مما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين إضافة إلى أكبر عملية نزوح في المنطقة منذ بدء الصراع ".
أضاف أن وضع المشردين داخليا عند الحدود الأردنية غير مستقر، ويتفاقم بسبب العواصف الرملية الصحراوية ، وارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 45 درجة.
كما أشار إلى تقارير تحدثت عن مقتل ما لا يقل عن 12 طفلا وامرأتين ورجل مسن بالقرب من الحدود الأردنية ، بسبب لدغ العقارب والجفاف والمرض الذي ينتشر عن طريق المياه الملوثة.
وأكد فرحان حق، على أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ، قد حثت الأردن على فتح حدوده ، وحثت بلدان أخرى في المنطقة للترحيب باللاجئين المدنيين.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة لقي 350 ألف شخص مصرعهم حتى الأن منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، بالإضافة إلى نزوح ملايين المشردين واللاجئين.
ورغم العملية العسكرية، دعا النظام السوري اللاجئين إلى العودة إلى المناطق التي تمت استعادتها.
وتسيطر القوات النظامية حاليا على أكثر من 61 بالمئة من سوريا، مقارنة مع 17 بالمئة فقط أوائل عام 2017، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفر ما يزيد على 5.6 مليون سوري من البلاد، وقالت الخارجية السورية إن كثيرا من النازحين داخليا عادوا بالفعل إلى ديارهم، داعية اللاجئين إلى أن يحذو حذوهم.
لكن الكثير من السوريين لا يمكنهم العودة لأن منازلهم دمرت جراء القتال، أو خوفا من التجنيد في الجيش.
من جهة أخرى ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" أن جيش الاحتلال لا يستبعد اقتحام الحدود مع سورية ، في حال تبين أن قوات إيرانية وعناصر تابعة لـ"حزب الله" والمليشيات الطائفية تتمركز في المناطق التي ستسيطر عليها قوات النظام السوري في جنوب سورية ومنطقة الجولان قريباً.
وخلال مشاركتها في البرنامج الإخباري الذي بثته القناة الليلة الماضية، قالت المراسلة العسكرية كرميلا منشه إن الجيش الإسرائيلي يقوم حالياً بعدة إجراءات، ويستخدم الكثير من الإمكانية لمراقبة ما يحدث في الجنوب السوري، للتأكد من أن القوات الإيرانية وعناصر "حزب الله" لن تستقر في الجنوب السوري، وتحديداً في محيط الحدود مع فلسطين المحتلة.
ونقلت منشه عن مصادر رفيعة في الجيش الإسرائيلي قولها إن هناك أدلة على أن عناصر تابعة لـ"حزب الله" توجد حالياً في مناطق قريبة جداً مع الحدود مع إسرائيل، ما يستدعي توجيه إنذار لقوات الأسد بأن إسرائيل مستعدة للتدخل لمنع هذه العناصر من مواصلة التمركز في المنطقة.
من ناحية ثانية، أشارت المراسلة ذاتها إلى أن الجيش الإسرائيلي عمد للاستعداد قانونياً من أجل تبرير قراره بعدم السماح للاجئين السوريين الفارين من قوات الأسد باجتياز الحدود مع فلسطين.
أضافت: "الجيش بات يستخدم مصطلح "الفارين" وليس "اللاجئين"، من أجل توفير مسوغ قضائي يعفي إسرائيل من الالتزام بفتح الحدود أمامهم".
يذكر أن كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، تعهّدا بعدم السماح للاجئين السوريين باجتياز الحدود في حال أقدمت قوات الأسد على ارتكاب مجازر في البلدات والقرى المجاورة، التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية المسلحة.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن كلاً من روسيا وإسرائيل قد اتفقتا على السماح لقوات النظام السوري باستعادة الجنوب السوري، مقابل تعهد روسيا بأن تتمركز القوات الإيرانية وعناصر "حزب الله" على مسافة 60 كلم عن الحدود السورية الفلسطينية.
يذكر أن قناة "كان" نقلت عن محافل عسكرية إسرائيلية توقعاتها بأنه في حال استعاد نظام الأسد المنطقة الحدودية، من دون السماح للقوات الإيرانية وعناصر "حزب الله" بالتمركز فيها، فإن "تحولاً إيجابياً سيطرأ على البيئة الأمنية".