
عقب جلسة ماراثونية استمرت إحدى عشرة ساعة من التاسعة صباح أمس حتى الثامنة مساء ، انتهى الاستجواب المقدم من النائبين المستجوبين مبارك الحجرف والحميدي السبيعي ، إلى وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الخدمات خالد الروضان ، بتقديم طلب وقعه عشرة نواب لطرح الثقة في الوزير الروضان ، وسيتم التصويت عليه في جلسة خاصة تعقد الأربعاء ٢٧ الجاري ، كما أعلن ذلك رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم .
وكانت الجلسة قد شهدت سجالا ساخنا بين وزير التجارة ومستجوبيه ، حيث رد الوزير على الاتهامات الموجهة إليه ، مؤكدا أنه رغم ما يحيط بالعديد من محاور الاستجواب من شبهات دستورية ، إلا أنه آثر أن يناقشه وألا يتعلل بهذه الحجة الدستورية القوية وذلك حرصا منه على مصلحة الكويت.
وقال الروضان : «ان رغبتي في الرد على كل التساؤلات لا تنبثق من حدود مسؤوليتي السياسية فحسب ، بل من حرصي على مصلحة الكويت أيضا ، وهو حرص ليس له حدود وكذلك إنصافا لأخوة محترمين عملوا بكل شرف ونزاهة وإخلاص وجد اجتهاد للقيام بمهام مسؤولياتهما الجسيمة».
وأبدى الوزير استغرابه من كل هذا التهجم والتجريح من قبل النائبين المستجوبين في مرافعتهما من ظلم شديد ، مؤكدا انه سيبقى متمسكا بأصول الحوار الراقي ، ومتطلعا إلى أن يبقى الاستجواب في إطار سماحة الكويت وأخلاق أهلها.
وتابع : «ان ما أعربت عنه من شكر صادق للنائبين مقدمي الاستجواب لا يمنعني من إبداء عتبي على كل من ساعد في صياغة الاستجواب ، لأنهم آثروا المغالاة في النقد إلى درجة التجريح حيث يجمل الاختصار والتلميح كما أنهم اختاروا الإيجاز إلى درجة الغموض».
وأشار إلى اتهام المستجوبين له عن طريق استخدام مفردات جارحة ، مثل «متجاوز ومخالف ومتمادي في السعي لكسب الولاء عن طريق التنفيع وانتهاك حرمة المال العام» وغيرها.
وشدد على أن الاستجواب أداة دستورية ضرورية ومشروعة لا ريب فيها وجدال ، غير «أن هذه المشروعية الدستورية على الرغم من سموها سرعان ما تضعف سلطتها وحضانتها إذا ما تعسف المستجوب في استخدام حق الاستجواب».
وقال «إن الحق لا يبقى حقا مشروعا إذا تم توظيفه في غير محله وبعيدا عن مقتضيات المصلحة العامة» ، معربا عن اعتقاده بأن هذا الاستجواب يعتمد على كلام مرسل لا سند يدعمه ولا رقم يعززه».
أضاف أن هذا الاستجواب «من قبيل محاكمة النوايا ولا يرقى إلى معالجة القضايا ، وهو يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطن الكويتي بالديمقراطية ومؤسساتها».
وبين الوزير الروضان أنه بعد مرور سنتين ونصف من استلامه مهام منصبه الوزاري، أصبح الآن أكثر حماسا وترقبا لهذه المساءلة السياسية دون لبس حتى يبين حقيقة الموقف وسلامة العمل وتحقيق الإنجازات.
وقال «إنه لشرف كبير أن أتساءل من أجل الشعب ومصالحه ، والاستجواب لا يعدو كونه ممارسة سياسية مشروعة لا جزع منها ولا خلاف حولها ، طالما خلصت فيها النوايا واستهدفت الصالح العام».
وأكد حرصه على تطوير العمل منذ استلامه مهام منصبه ، لافتا إلى قيام «التجارة» بتأسيس شركات الكترونية ، والذي اختصر الوقت الى جانب استبدال المعاملات الورقية بالالكترونية ، متجاوزا بذلك الإجراءات البيروقراطية التي عفى عليها الزمن.
وأشار إلى ارتقاء بورصة الكويت إلى مؤشرات عالمية حيث دخلت استثمارات أجنبية جديدة إلى البلاد ، فضلا عن دخول أكثر من 20 ألف شركة كويتية جديدة إلى السوق تقوم بتمويل وتدريب واحتضان أكثر من 3 آلاف مبادر كويتي.
وتطرق إلى «وجود العديد من الملاحظات المغلوطة في الاستجواب ، نتيجة عدم خضوع الكثير من القرارات التي اتخذتها الأجهزة التابعة له للمجاملات وكان همها الوحيد مصلحة البلاد».
وأشار إلى حرصه على التواصل الدائم مع قطاع الشباب والالتقاء بهم بشكل دوري والانفتاح المباشر على أفكارهم ، سعيا منه لإعادة ثقة الناس في المؤسسة والنظام العام وقدرته على تحقيق الرخاء للجميع.
وشدد على ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية التنفيذية ، قائلا إن «العمل البرلماني والحكومي صنوان لا يفترقان وهدفهما الإبحار بالوطن إلى شاطئ الأمان».
ودعا الوزير الروضان إلى ضرورة انسجام الأداء البرلماني والحكومي في إطار تكاملي إيجابي ب، عيدا عن التشكيك والأنانية وتصيد الأخطاء.
وأكد «أن الاستجواب ينبغي الا يكون كيديا او شخصانيا وان يستهدف الحقيقة وليس شخص الوزير» ، مشيرا الى قرار المحكمة الدستورية بهذا الشأن في الطلب المقيد برقم (8 لسنة 2004) في شأن حكم المادتين (100) و(101) في الدستور.
وأكد وزير التجارة أن تعاقد البنك الدولي تم قبل أن يتولى الوزارة في ٢٠١٤ ، أما التجديد للعقد فتم بدون أي تكلفة إضافية، مطالبًا بتحويل الموضوع إلى لجنة حماية الأموال العامة للتحقيق فيه.
أضاف أنه بالنسبة لموضوع الممارستين المخالفتين في تنظيم جائزة صاحب السمو للتميز الصناعي ، فقد تم في ١٧ مارس تشكيل لجنة تحقيق ووقف العمل بالممارستين.
ولفت إلى أنه في أول أسبوع تسلم فيه الوزارة أصدر قرارًا بحظر تعامل كل الجهات التابعة مع شركة سنيار تحديدًا.
وعرض الوزير إحصائية عن أعداد المستشارين الكويتيين وغير الكويتيين ، مؤكدًا أنه لا يحارب الكفاءات الوطنية.
ورفض الروضان أي تشكيك في ذمته المالية أو إثارة الشبهات حول أمانة أدائه ، قائلا : «دخلت الوزارة بثوب نظيف ، وسأخرج منها بثوب نظيف» .
من ناحيته أبدى النائب الحميدي السبيعي استياءه لما اسماه ب»التجاوزات والمخالفات» الحاصلة في الجهات التابعة لوزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الخدمات خالد الروضان ، و»إخفاقها» على حد وصفه في محاسبة الشركات سواء المخالفة للقوانين أو التي تمارس الاحتيال والنصب بحق المواطنين.
ووجه انتقاده للوزير على «العبث والمخالفات بكل من ملف التعيينات بالوظائف القيادية الإشرافية بتلك الهيئات ، وعدم سحب التراخيص المنتهية للشركات منذ سنوات عدة وإعطائها مساحة من الأراضي مقابل قيمة بسيطة».
ورأى أن وزارة التجارة «لم تحقق أية إنجازات على أرض الواقع، فالكويت حسب قوله «آخر دولة خليجية تطبق الرخصة الالكترونية وهي ليست إنجاز يحسب للوزير بل هي متطلبات دولية» ، منتقدا في الوقت ذاته ما اعتبره «تأخر الوزير في الرد على الأسئلة البرلمانية لمدة خمسة أشهر».
وانتقد قيام الوزير «بتعيين عدد من الوافدين في مكتبه بوظيفة مستشارين ووظائف أخرى برواتب عالية تحت بند الاستعانة بالخدمات ، على الرغم من وجود كفاءات وخبرات من الكويتيين يبحثون عن فرص عمل» عارضا مستندات لهؤلاء الوافدين تبين أن مؤهلاتهم العلمية بدرجة مقبول ودون مستوى الطموح.
وأشار إلى وقوع العديد من الحوادث المرورية الجسيمة في طريق (الوفرة) بسبب ما اعتبره خروج الشاحنات من «دراكيل منتهية ترخيصها لسنوات عدة» ، ومنح ترخيص في منطقة النويصيب لمخزن صلبوخ دون أخذ موافقة المجلس البلدي معربا عن استغرابه لعدم اتخاذ الوزير أي إجراء تجاه هذه المخالفات لهذه (الدراكيل).
وفي ملف النصب العقاري تساءل النائب لماذا تشجع الوزارة المواطنين على شراء العقارات في المعارض العقارية في ظل ما يراه بأنها «غير قادرة على ضبط احتيال الشركات والتأخير المبالغ به في التسليم».
بدوره انتقد النائب مبارك الحجرف الدور السلبي لوزارة التجارة والصناعة في إقامة المعارض العقارية دون توفير الأمن الكافي للمشتري الأمر الذي أدى على حد قوله إلى تعرض العديد من المواطنين إلى النصب العقاري من قبل الشركات.
ورأى الحجرف ان ما قاله الوزير بأن المعارض العقارية آمنة «غير صحيح» وبصفته رئيسا للجنة الشكاوى والعرائض البرلمانية تلقى العديد من الشكاوى لحالات تعرضت للنصب العقاري.
وألقى باللائمة على (التجارة) لمخالفتها القرار الوزاري المنظم للمعارض العقارية لعدم تحققها من ملكية بعض الشركات للأراضي وخلو تلك الأراضي من الرهونات إضافة إلى عدم مراجعتها لوزارة المالية للتأكد ما إذا كانت الشركة مديونة لدى الدولة.
وذكر ان وزارة (التجارة) نظمت العقارات ودعت المواطنين إلى الشراء في حين ان الشركات «باعت الوهم على الكويتيين» على حد وصفه ، مبينا ان المخططات ليس لها اعتماد من بلدية الكويت ما يؤكد «الدور المفقود للوزارة وعدم اتخاذها لأي إجراء بحق الشركات».
وأشار إلى بيع إحدى الشركات شاليهات للمواطنين دون اعتماد مخططات الشركة من قبل بلدية الكويت إضافة إلى عدم تبعية الأراضي لملكية الشركة.
وأبدى استياءه لتجاوز (التجارة) «في تقاعسها عن أداء دورها على هذا النحو إلى عدم وضع آلية لتعويض الحالات المتضررة إلا عدد قليل من الحالات وعدم الوصول إلى حل جذري يضمن لهم استرداد أموالهم».
وبين انه بعد التصعيد النيابي على الوزارة قامت بإيقاف تنظيم المعارض العقارية بعد أن «ضربت الوثيقة العقارية وجعلت الاستثمار في الكويت غير آمن» مشددا على ان دور (التجارة) يفترض أن يكون وقائيا وليس علاجيا.
وبشأن «التجاوزات الإدارية والمالية والتعدي على المال العام في الهيئة العامة للصناعة» اتهم (هيئة الصناعة) بأنها «السبب الرئيسي وراء نفوق الأسماك في الكويت» لعدم التزامها بقانون الهيئة العامة للبيئة الذي الزمها بإنشاء مصانع لمعالجة مخلفات المصانع مشيرا إلى انها «لم تخط أي خطوة بهذا الاتجاه فالمخلفات مازالت ترمى في (جون الكويت)».
وأضاف ان (هيئة الصناعة) قامت على حد قوله بتوزيع القسائم الصناعية وفق المخططات فقط وليس توزيعا فعليا متهما إياها أيضا بأنها «أحد أسباب ارتفاع أسعار القسائم الصناعية في الكويت حتى أصبحت البلاد بيئة طاردة للصناعات ومحاربة لطموحات الشباب».
وتطرق الى ما اسماه مخالفات الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهي تكرار إعطاء الصندوق التسهيلات المالية لنفس المبادرين لأكثر من مرة وذلك يعد تجاوزا على القانون.
ووصف حق الملكية الفكرية على المشاريع في (صندوق المشروعات) بأنه «مفقود» وإدارة الصندوق ب»المخترقة» متهما إياها بتسريب الأفكار المبتكرة للمقربين منهم.
وحذر الحجرف الوزير الروضان من الاقتراب من المتفرقات من الأراضي التي تملكها الدولة في منطقتي الشويخ والري ، مبينا انه إذا كانت هناك نية للدولة لبيع هذه الأراضي وتطويرها فيجب أن تباع بمزاد علني ويتم إيداع أموالها في خزينة الدولة.