
طهران - واشنطن - «وكالات» : على الرغم من ضبابية الموقف ، بشأن التصعيد الحاصل حاليا بين الولايات المتحدة وإيران ، في ظل إشارات متضاربة أرسلها البيت الأبيض الأمريكي خلال الأيام الأخيرة ، بعضها يوحي باقتراب المواجهة مع طهران ، وبعضها الآخر يستبعد مثل هذه المواجهة ، ووسط عدة تقارير إعلامية أميركية تحدثت عن خلافات في صفوف إدارة ترامب بشأن درجة الضغط على طهران ، فإن هناك تطورات جديدة خلال الساعات الأخيرة تنذر بارتفاع احتمالات المواجهة بين الطرفين .
فقد حضّت إدارة الطيران الفدرالية في الولايات المتحدة شركات الطيران الأميركية ، التي تحلّق رحلاتها فوق الخليج على توخّي الحذر ، «نظرا لزيادة الأنشطة العسكرية وارتفاع منسوب التوترات السياسية في المنطقة».
ويأتي التحذير الذي يشمل كذلك الأجواء فوق خليج عمان ، على وقع ازدياد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وجاء في التحذير الذي صدر ليل الخميس الجمعة أن ارتفاع منسوب التوترات في المنطقة ، «يشكل خطرا متزايدا غير متعمّد على عمليات الطيران المدني الأميركية ، نظرا لاحتمال حدوث أمر غير محسوب أو لبس ما».
وحذّرت الهيئة كذلك من أن الطائرات التي تحلّق في المنطقة ، قد تواجه «تشويشا غير متعمد في نظام تحديد المواقع والاتصالات، وهو أمر قد يترافق مع تحذير ضئيل أو يحصل دون تحذير».
وأرسلت واشنطن مجموعةً بحريّة ضاربة مؤلفة من حاملة طائرات وقطع أخرى ، إضافة إلى قاذفات «بي- 52» لمواجهة ما اعتبرت أنه تهديد وشيك من إيران.
وأمرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الموظفين بسحب الدبلوماسيين الأميركيين غير الأساسيين من العراق، مشيرة إلى وجود تهديدات من جماعات عراقية مسلحة مدعومة من إيران.
وتعرّض مسؤولو البيت الأبيض والبنتاغون لضغوط لعرض الأسباب التي دفعتهم لتعزيز تواجدهم العسكري في المنطقة وتشديد خطابهم عى مدى الأسبوعين الماضيين.
ووفق تقارير إعلامية أميركية، يضغط مستشار ترمب للأمن القومي جون بولتون ، لاتّخاذ موقف متشدد حيال إيران، لكن آخرين في الإدارة يعارضون ذلك.
وأشارت الدول المشاركة في التحالف الأميركي في العراق في وقت سابق هذا الأسبوع إلى أن مستوى التهديد لم يرتفع بشكل كبير ، بينما طالب أعضاء في الكونغرس بالاطلاع على المعلومات التي تقف خلف استعداد الإدارة الواضح للدخول في نزاع محتمل.
في المقابل قلّل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت من احتمالات اندلاع حرب جديدة في المنطقة ، قائلا إنّ طهران «لا تريد» الحرب كما أنّ كل الاطراف تدرك انه لا يمكن لاحد أن يواجه بلاده.
وتصاعد التوتر أخيرا بين طهران وواشنطن التي نشرت حاملة طائرات وقاذفات بي-52 في الخليج الاسبوع الماضي بحجة «تهديدات» مصدرها إيران.
وقال ظريف لوكالة الأنباء الرسمية «ارنا» في ختام زيارته للصين «إننا متأكدون ... لن نكون هناك حرب لأننا لا نريد حربا ، ولا أحد لديه أوهام أن بوسعه مواجهة إيران في المنطقة».
وتابع أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد حربا، لكن الناس من حول يدفعونه باتجاه الحرب ، بذريعة جعل اميركا أقوى بمواجهة إيران .
وبلغت العلاقات الاميركية الإيرانية أدنى مستوياتها العام الفائت ، إثر انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015 بين طهران والقوى الدولية الكبرى و، ينص على تخفيف العقوبات الدولية على الجمهورية الإسلامية مقابل وضع قيود على برنامجها النووي.
في سياق ذي صلة كشفت مصادر، لوكالة «أسوشييتد برس»، أمس السبت، أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، نقل رسالة إلى المسؤولين في بغداد، خلال زيارته الأخيرة للعاصمة العراقية، وسط التوتر بين بلاده وإيران، مفادها: «إذا لن تقفوا بجانبنا، فقفوا على الحياد».
وتؤكد الرسالة التي نقلها مسؤولان في الحكومة العراقية إلى «أسوشييتد برس»، بحسب ما أوردت الوكالة في تقرير، على موقف العراق الدقيق: حكومته متحالفة مع جانبين كثيري الخصام بشكل متزايد.
وقال المسؤولان العراقيان، إنّ بومبيو نقل إلى بغداد معلومات مخابراتية تلقتها الولايات المتحدة، حول تهديد للقوات الأميركية في العراق، لكنّها أبقتها غامضة.
ولم يحدّد بومبيو طبيعة التهديد، بحسب ما ذكر المسؤولان اللذان تحدّثا لـ»أسوشييتد برس»، شريطة عدم الكشف عن هويتهما.
وأشارا إلى أن بومبيو أبلغ المسؤولين العراقيين، أنّ واشنطن لا تتوقع منهم أن يقفوا إلى جانب الولايات المتحدة في أي مواجهة مع إيران، لكن يجب عليهم ألا يقفوا ضد أميركا؛ وبعبارة أخرى أن يقف العراق جانباً.
في المقابل نقلت الوكالة عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنّ بومبيو أبلغ العراقيين أنّ الولايات المتحدة لها «حق أصيل في الدفاع عن النفس» ، وأنها ستستخدمه في حالة مهاجمة أفراد أو منشآت أو مصالح أميركية، من قبل إيران أو وكلائها، في العراق أو في أي مكان آخر.
وذكر ثلاثة مسؤولين أميركيين تحدثوا لـ»أسوشييتد برس» شريطة عدم الكشف عن هويتهم، كونهم غير مخوّل لهم علناً مناقشة الاجتماعات الخاصة في بغداد، أنّ بومبيو لا يفكر في أي ضربات وقائية على إيران، أو استخدام الأراضي العراقية لشنّ عمليات عسكرية ضدها.
وأوضح المسؤولون الأميركيون، أنّ رسالة بومبيو كان مفادها أنّ الولايات المتحدة تريد تجنّب الصراع، ولكنّها سترد أو تدافع عن نفسها إذا لزم الأمر.
وكشف جنرال في وزارة الدفاع العراقية، لـ»أسوشييتد برس»، أنّ العراق يتخذ إجراءات أمنية احترازية في ضوء المعلومات المتعلّقة بالتهديدات ضد المصالح الأميركية، على الرغم من أنّ هذه الإجراءات لم تصل إلى أعلى المستويات.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، كونه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنّ «القوات العراقية قلقة من إمكانية استهداف القوات الأميركية من قبل فصائل موالية لإيران». وأضاف أنّ «أي هجوم على القوات الأميركية، قد يأتي كرد انتقامي إذا نفذت الولايات المتحدة عملية عسكرية ضد إيران».
وباتت العلاقات بين واشنطن وطهران أكثر توتراً في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هذا الشهر، محاولة وقف صادرات إيران النفطية تماماً، وتعزيز الوجود الأميركي في الخليج رداً على ما قال إنّها تهديدات إيرانية.
وكانت واشنطن سحبت هذا الأسبوع، بعض موظفيها الدبلوماسيين من سفارتها ببغداد في أعقاب هجمات، في مطلع الأسبوع، على أربع ناقلات نفطية في الخليج.
في غضون ذلك قالت وكالة أنباء البحرين إن المملكة المتحالفة مع الولايات المتحدة حذرت مواطنيها يوم السبت من السفر إلى العراق وإيران وطالبت مواطنيها في البلدين بالعودة «فورا» لسلامتهم.
ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية البحرينية قولها «أهابت وزارة خارجية مملكة البحرين بالمواطنين الكرام ، عدم السفر إلى كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية العراق في الوقت الراهن، نظرا للأوضاع غير المستقرة التي تشهدها المنطقة والتطورات الخطيرة والتهديدات القائمة».