
لا تزال تتوالى «توابع» زلزال جلسة مجلس الأمة الأخيرة، التي عقدت الثلاثاء الماضي ، وأدت خلالها الحكومة اليمين الدستورية أمام المجلس ، منذرة بالمزيد من تصاعد التأزيم السياسي وتعقد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
في هذا الإطار اعتبر النائب خالد العتيبي أن جلسة الثلاثاء «شهدت تجاوزات خطيرة تمثل انتهاكا للدستور»، مؤكدا بطلان قراراتها فيما يتعلق «بإعلان خلو مقعد د.بدرالداهوم، وأداء الحكومة للقسم، وتأجيل استجوابات رئيس الحكومة».
وأوضح العتيبي أن «هذه الأحداث والتجاوزات لن تمر»، معتبرا أن «الجلسة القادمة للمجلس ستكون جلسة حق ونصرة للدستور».
أضاف أن «التجاوزات بدأت بمنع د. بدر الداهوم من دخول المجلس في ذلك اليوم، مبينا أنه منذ تاريخ صدور حكم شطب الداهوم وحتى تاريخ الجلسة كان الداهوم يدخل المجلس ويعقد اجتماعات بمكتبه دون أن يمنعه أحد «فلماذا يمنع في ذلك اليوم من دخول المجلس؟ «.
واعتبر أن «منع الداهوم من دخول المجلس يوم الجلسة انتهاك صريح للدستور وعدم تطبيق للمادة 50 التي تنظم إعلان خلو المقعد، كما لم يتم التصويت عليه بما يخالف الدستور».
وقال: إن «وجود قوات الشرطة على مقربة من المجلس مخالف لنص المادة 118، بهدف حدوث احتكاك مع رجال الأمن وحرس المجلس حتى يظهر النواب بمظهر المؤزمين ومن يخالفون القانون»، مضيفا «نحن أحرص على رجال الأمن من رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء».
من جهة أخرى، اعتبر العتيبي أن طلب تأجيل استجوابات رئيس مجلس الوزراء انتهاك للدستور كما أن قسم الحكومة في قاعة شبه خالية من النواب أمر مخز بالنسبة لها»، متسائلا: «أريد أن أعرف أي نص دستوري استند إليه الرئيسان بهذا الإجراء؟»، مضيفا» لنفرض أن رئيس الوزراء قام بعمل يستحق الاستجواب أو جاء بكارثة على المال العام أو على البلد وهو مسؤول عنها فكيف نناقشه فيه؟ هل بعد سنتين أو سنة ونصف؟ وعلى أي دستور استندا الرئيسان لتمرير هذا الطلب»؟
وشدد على أن «هذا الامر لن يمر، وتلك القرارات باطلة ولا أثر لها، مضيفا « أمامنا الآن خياران لا ثالث لهما، فإما أن نقف موقف الوطنيين المدافعين عن هذا الدستور الذي أقسمنا على احترامه وثقتي كبيرة في هذا المجال بعدد كبير من النواب وهم على قدر الثقة، أو نقبل بانتهاك الدستور ووأده أمام أعيننا دون أن نحرك ساكنا».
وقال العتيبي : «صحيح أننا فقدنا فارسا من فرسان المجلس ولكن العشم في بقية الفرسان للوقوف مع الحق، وخسرنا جولة نعم ولكن هناك جولات، وجولة الباطل مرة وجولة الحق مرات، وبإذن الله ستكون الجلسة القادمة جلسة حق ونصرة الدستور وإن غدا لناظره قريب».
من جهته أكد النائب مهند الساير أن الجلسة القادمة ستكون حاسمة في تاريخ الكويت، مشددا على أن التجاوزات التي شهدتها جلسة الثلاثاء الماضي لن تمر مرور الكرام.
وقال الساير إن ما ترتب على جلسة الثلاثاء الماضي من قرارات، يثبت صحة قراره قبل إعلان الانتخابات بعدم التصويت لصالح رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في انتخابات الرئاسة.
أضاف: «إن ما نشهده اليوم من أحداث وتجاوزات على الدستور وعلى الأمة، لم تشهدها حتى التجاوزات التي حصلت في سنة 1985، واليوم نقف أمامكم بأحداث تاريخية وقرارات سيئة منها تحصين رئيس الوزراء لمدة تتجاوز عام ونصف حتى على الاستجوابات المزمع تقديمه وهذا الأمر لم يحصل في السابق ولن يحدث بإذن الله».
واعتبر أن ما حصل في جلسة الثلاثاء قرارات منعدمة ويجب ألا تمر مرور الكرام، مبينا أن الأخطاء التي ارتكبها رئيس مجلس الأمة وأهمها عدم عرض الاستجواب في أول بنود الجلسة دليل على رغبة الرئيس بالتجاوز في حالة مرور الجلسة وإعلان تأجيل استجوابات رئيس الوزراء.
ولفت إلى أنه في البداية كان الإعلان عبر وسائل رسمية منها وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، عن أن طلب سمو رئيس مجلس الوزراء بتأجيل الاستجواب حصل على موافقة 29 عضوا.
وبين أن تأجيل استجواب النائبين محمد المطير وحمدان العازمي يفترض أن يعرض في بداية الجلسة، وفقا لنصوص المواد من 140 إلى 142 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولم يكن يحق تأجيله على جدول الأعمال، مؤكدا أن النقطة الأهم هي عدم جواز تحصين رئيس الوزراء من الاستجوابات المستقبلية.
وشدد على أن هذا الأمر غير قابل للنقاش، بدليل أن الخبراء الدستوريين لم يتجرأ أحد منهم على تبرير هذا الموقف، مستغربا أن يمتلك مجموعة من النواب تعطيل الحقوق الدستورية لبقية النواب.
وقال: «استجوابنا القائم الذي تقدمنا به أنا والنائبان د. حسن جوهر ومهلهل المضف، والذي يفترض أن يدرج في الجلسة القادمة لن نقبل ولن نتنازل عن أن يكون موجودا، وهذا حق دستوري منحني إياه المشرع ولا يملك كائن من كان أن يمنعني من ممارسة حقوقي».
ورفض الساير تحويل المؤسسة التشريعية والرقابية إلى مؤسسة تخدم بعض المصالح وتتجرد من أدواتها الدستورية، مؤكدا أن رئيس الوزراء وأي وزير لن يحصن.
وقال: «لن يستطيع رئيس المجلس أن يقدم هذه الخدمات الجليلة للسلطة التنفيذية، ونحن تقدمنا بأكثر من نصيحة وكنا مخلصين من أجل هذا الوطن وقلنا إن من يعمل سيحصل على يد التعاون ولكنهم اعتقدوا أنهم بممارساتهم واتفاقاتهم سيتجاوزون هذه المرحلة ويكونون محصنين».
وحذر من أن التجاوزات لو تم القبول بها فستصبح أساسا يتم القياس عليه في مجالس مستقبلية وهذا غير مقبول.
وقال «رسالتنا الأخيرة لهم إذا كانوا يرون الديمقراطية أداء لتحقيق أهوائهم، فنحن نراها صمام الأمان ولن نتنازل عنها».
بدوره طالب النائب مساعد العارضي بإدارج الاستجواب الذي تقدم به إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، على جدول أعمال أول جلسة تالية، داعيا رئيس الوزراء إلى صعود المنصة.
وقال العارضي: «تقدمت بعد جلسة الثلاثاء الماضي باستجواب إلى رئيس الوزراء، وتفاجأت بعدم ادراجه على جدول أعمال أول جلسة تالية».
أضاف أن «المادة 135 من اللائحة واضحة، وأوجبت على رئيس مجلس الأمة أن يبلغ رئيس مجلس الوزراء بالاستجواب، ويدرجه على جدول أعمال أول جلسة تالية».
وأوضح العارضي إنه «بالنسبة لأحداث جلسة الثلاثاء وتأجيل الاستجوابات الموجودة على جدول الأعمال أو التالية، فالمادة 135 من اللائحة أعطت للوزير المستجوب الحق في طلب الأجل لمدة أسبوعين ، وإذا كان يحتاج مدة إضافية فالقرار يكون للمجلس أن يمدد له لمدة مماثلة لا تتجاوز الأسبوعين».
ولفت إلى انه «وفقا للائحة إذا كان المستجوَب يرغب بأكثر من هذه المدة يجب أن يكون بقرار من غالبية أعضاء المجلس، كما أن المادة 110 من اللائحة حددت أن أي قرار يصدر بغالبية من أعضاء المجلس يجب أن يكون بالتصويت نداء بالاسم».
واعتبر العارضي أن ما حدث في الجلسة الماضية «تفريغ للدستور من محتواه، كما أنه بالنسبة لتأجيل الاستجوابات القادمة فهذا الأمر بحثت عنه في الدستور واللائحة ولم أجد أي مادة تنص عليه».
وقال: «إذا كانت هناك مادة غير واضحة في الدستور أو اللائحة ولا نعرفها فأوضحوها لنا واعرضوها لكي نرى على ماذا استندتم؟».
أضاف : «طالما هناك تجاوز على الدستور واللائحة فلا تؤجلوا الاستجوابات لمدة سنتين بل أجلوها 4 سنوات، وأجلوا حتى استجوابات الوزراء ما دمتم حتى الأسئلة البرلمانية لا تجيبون عليها».
و أشار إلى استغرابه ممن أقسموا خلال الجلسة على احترام الدستور،ثم يصوتون على مخالفته، مؤكدا ان « التاريخ سيكتب ويدون ما حصل في عهد الحكومة الحالية.
في سياق ذي صلة أعلن النائب د. عبد العزيز الصقعبي عن تقدمه باقتراح بقانون لتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بإضافة بعض الفقرات للمادة 28 من اللائحة تقضي بتمكين أعضاء مجلس الأمة من تقييم ومحاسبة وإعفاء رئيس مجلس الأمة من منصبه.
وقال الصقعبي إن المقترح ينص على أن يقدم طلب مكتوب بهذا الخصوص من ثلث أعضاء مجلس الأمة والتصويت عليه نداء بالاسم وبأغلبية الأعضاء، على ألا يتم تقديم هذا الطلب إلا مرة واحدة في دور الانعقاد حتى ينال المشروع أهمية وجدية.
وأوضح أن هذا الاقتراح ليس شخصانيا ولا يسيء لأحد بل هو من أجل ترسيخ مبدأ ثابت، وحتى يكون هناك استقرار برلماني، وحتى يتحرر مجلس الأمة من قيود ورقابة الرئاسة، مضيفا ان «التعديل يخضع أي رئيس لمجلس الأمة اليوم أو في المستقبل للرقابة الشعبية الماثلة بتوجه أغلب نواب الأمة.»
وزاد متسائلا: «كيف أن أعلى هرم في السلطة التنفيذية يمكن محاسبته وتقييم أدائه، بل حتى إعلان عدم التعاون معه، وفي المقابل نجد أن رئيس السلطة التشريعية لا سلطان عليه ولا أحد يحاسبه أو يقيم أداءه».
وقال الصقعبي إن «المشهد السياسي خلال الأيام الأخيرة كان مؤسفا ومحزنا ومليئاً بالشحن والاحتقان والصراعات الشخصية التي عطلت العمل البرلماني».
واعتبر أن «جزءا أساسيا من هذا الشحن والاحتقان يتعلق باستخدام رئيس مجلس الأمة صلاحياته الدستورية في تمرير مشاريع وقوانين غير لائحية، مثل ما حصل في الجلسة الأخيرة من تعد صارخ على اللائحة وتعطيل أداة الاستجواب».
وأكد أن أداة الاستجواب هي أهم أداة رقابية برلمانية لدى النائب، وتعطيلها مخالفة صريحة للائحة الداخلية لمجلس الأمة».
وذكر أنه « وفقا للمادة 30 من اللائحة الداخلية فإن دور رئيس مجلس الأمة هو تطبيق اللوائح والقوانين وليس تفسيرها وتأويلها، موضحا أن «من يملك حق تعيين الرئيس هم النواب وهم من يملكون حق المحاسبة والتقييم وحتى الإعفاء والعزل».
وبين أن « هذه الممارسة البرلمانية الديمقراطية موجودة في كثير من البرلمانات العربية والأجنبية، ومؤخرا شهدنا الكثير من المحاولات في عدد من البرلمانات كالبرلمان التونسي والمغربي والجزائري بل وحتى في الكونجرس الأميركي».