
ركز «الموجز الاقتصادي» الذي أصدره بنك الكويت الوطني أمس، على ملف «السكان والعمل» في البلاد، وأوضح التقرير أنه بعد أن شهد التعداد السكاني للكويت في عام 2020 أعلى معدل تراجع على أساس سنوي منذ نحو 30 عاماً «-2.2 في المئة»، انخفض عدد السكان مجدداً بنسبة 0.9 في المئة منذ بداية العام وحتى النصف الأول من عام 2021 ليصل إلى 4.62 مليون نسمة. ويعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى استمرار انخفاض أعداد الوافدين، في حين استمر عدد المواطنين الكويتيين في التزايد. وفي واقع الأمر، أدى استمرار تطبيق سياسات توطين الوظائف «التكويت»، وضعف البيئة الاقتصادية بسبب الجائحة إلى إجبار الشركات على تسريح الموظفين، مما دفع الآلاف من الأسر الوافدة إلى مغادرة البلاد.
وفقاً لأحدث البيانات الديموغرافية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، انخفض عدد سكان الكويت بنسبة 0.9 في المئة في النصف الأول من عام 2021 إلى 4.62 مليون بعد انخفاض نسبته 2.2 في المئة سنوياً في عام 2020. ويرجع ذلك إلى انخفاض أعداد الوافدين «-1.8 في المئة» بينما شهد تعداد المواطنين الكويتيين نمواً متواضعاً «+0.9 في المئة». وتراجعت نسبة الوافدين لإجمالي عدد السكان إلى 68.2 في المئة، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ عشر سنوات.
وقد أظهرت البيانات مغادرة أكثر من 56 ألف وافد البلاد في النصف الأول من عام 2021، مما أدى إلى زيادة العدد الإجمالي إلى حوالي 190 ألف منذ بداية الجائحة وبدء تنفيذ اجراءات الإغلاق والتدابير الاحترازية في أوائل عام 2020.
أضاف : يستمر تباطؤ وتيرة نمو أعداد المواطنين الكويتيين ممن تقل أعمارهم عن 15 عام، إذ وصل إلى 0.1 في المئة منذ بداية العام وحتى النصف الأول من عام 2021 مقابل 0.6 في المئة في العام الماضي و1.0 في المئة في عام 2018. وعلى الرغم من هذا التراجع، إلا ان تلك الشريحة السكانية التي يبلغ عددها حوالي 493 ألف مواطن تمثل أكثر من ثلث السكان من المواطنين الكويتيين. الأمر الذي قد يفرض المزيد من الضغوط على سوق العمل في المستقبل. وفي ذات الوقت، ظل نمو عدد المواطنين في سن العمل فوق سن 15 عاماً عند مستويات قوية تقدر بحوالي 2.4 في المئة، على أساس سنوي، في النصف الأول من عام 2021.
ولفت التقرير إلى أنه بعد انخفاض إجمالي عدد الوظائف بنسبة 4.2 في المئة على أساس سنوي في عام 2020، تراجعت مجدداً بنسبة 1.7 في المئة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2021. ويعزى ذلك الى نمو توظيف المواطنين الكويتيين بوتيرة متواضعة وانخفاض وظائف العمالة الوافدة. وتراجع نمو معدلات توظيف المواطنين الكويتيين من 2.1 في المئة في عام 2020 إلى 1.3 في المئة في النصف الأول من عام 2020 مدفوعاً بصفة رئيسية بانخفاض التوظيف في القطاع الخاص «-1.5 في المئة أو حوالي 940 مواطن». إلا ان القطاع العام حافظ على وتيرة التوظيف «+ 1.8 في المئة أو حوالي 6200 مواطن» فيما يعزى إلى حد ما إلى جهود التكويت. وسيؤدي ذلك النوع من التوظيف إلى زيادة الضغط على الميزانية إذ تمثل فاتورة الأجور وحدها حوالي 60 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي.
في المقابل، انخفض توظيف الوافدين بنسبة 2.2 في المئة في النصف الأول من عام 2021 بعد انخفاض بنسبة 5.2 في المئة في عام 2020 على خلفية تراجع انشطة التوظيف في كل من القطاعين العام «-2.2 في المئة» والخاص «-2.8 في المئة». إلا أن وظائف العمالة المنزلية كانت أقل تأثراً نظراً لانخفاضها بنسبة 1.1 في المئة فقط في النصف الأول من عام 2021. وفي واقع الأمر، سمحت الحكومة ببدء عودة العمالة المنزلية إلى البلاد بمجرد استئناف الرحلات الجوية. وباستثناء العمالة المنزلية، انخفضت اعداد العمالة الوافدة بنسبة 2.7 في المئة نتيجة لتراجع أنشطة توظيف القطاع الخاص «-2.8 في المئة مقابل -7 في المئة في عام 2020».
وقال التقرير إن فقدان الوظائف وارتفاع تكاليف المعيشة أجبرا بعض العمالة الوافدة على إعادة عائلاتهم إلى أوطانهم. واستمر عدد عائلات العمالة الوافدة في التراجع، إذ استمر على نفس وتيرة العام السابق بانخفاضه بنسبة 0.4 في المئة في النصف الأول من عام 2021.
ومستقبلاً، فإنه على الرغم من إمكانية عودة بعض الوافدين العالقين خارج الكويت مع استئناف الرحلات الجوية، إلا انه من المتوقع بصفة عامة مغادرة المزيد من العمالة الوافدة، على خلفية استمرار تداعيات الجائحة وجهود التكويت في دفع الشركات إلى تسريح موظفيها في ظل ضعف البيئة الاقتصادية.