
«وكالات» : مع بلوغ التوتر أوجه بين روسيا والولايات المتحدة، على خلفية العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية، أكد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الروسية أن الحوار بين بلاده وواشنطن حول الاستقرار الاستراتيجي «جُمّد» رسمياً.
وقال فلاديمير يرماكوف مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح في الوزارة لوكالة «تاس» الروسية إن الاتصالات أو الحوار بين البلدين يمكن أن تستأنف بمجرد إكمال «بلاده العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا.
أتى هذا الموقف ليضاف إلى تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بوقت سابق لقناة العربية، معتبراً أن دول حلف شمال الأطلسي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وضعت نفسها في حرب ضد بلاده.
كما دعا واشنطن والناتو على السواء إلى وقف إغداق الأسلحة على كييف.
يذكر أنه منذ انطلاق العملية الروسية على أراضي الجارة الغربية في 24 فبراير الماضي، أكدت موسكو أنها ماضية بها حتى تحقيق أهدافها، ألا وهي إزالة أي خطر قد يهدد أمنها، فضلا عن حماية المواطنين الروس في الشرق الأوكراني.
كما اتهمت مراراً الغرب وواشنطن، بعدم أخذ مخاوفها الأمنية بعين الاعتبار خلال جولات الحوار السابقة، قبل انطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
من ناحيتها اتهمت وزارة الدفاع الأمريكية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بممارسة «فساد أخلاقي» في أوكرانيا.
وبدا المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي متأثرا أثناء تساؤله عن أي «أخلاق» يمكنها تبرير الفظائع التي ترتكبها روسيا.
في غضون ذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة إنه لا يزال مستعدا لإجراء محادثات سلام مع بوتين.
لكنه حذر من إمكانية انهيار المحادثات مع استمرار العدوان الروسي.
أضاف، في تصريحات لوسائل إعلام بولندية، أنه يريد لقاء الرئيس الروسي لأن هناك «رجلا واحدا يقرر كل شيء» في روسيا.
وقال إن الدمار الذي خلفته القوات الروسية في المناطق المحتلة يقوض الآثار التي كان من المأمول أن تنتج عن أي مناقشات بين الجانبين. وأضاف أنه «بعد بوتشا وماريوبول يريد الناس هناك قتلهم القوات الروسية. وعندما نكون في مثل هذا الموقف، يكون من الصعب التحدث عن أي شيء».
وأعلنت أوكرانيا الخميس الماضي أنها تسعى إلى اعتقال عشرة ضباط روس متهمين في جرائم حرب في بوتشا - إحدى ضواحي كييف حيث قُتل 400 شخص على الأقل.
وقال جون كيربي: «لا أعتقد أننا قدرنا بشكل صحيح الدرجة التي قد يصل إليها بوتين من العنف والقسوة».
ورفض كيربي المبررات التي ساقها بوتين لغزو أوكرانيا - وهي أنه يحمي الروس والأوكرانيين من النازية - قائلا: «من الصعب أن يتوافق هذا الخطاب مع ما يفعله مع الأبرياء داخل أوكرانيا، إطلاق النار في الرأس، وتقييد الأيدي خلف الظهر، وقتل النساء والحوامل، وقصف المستشفيات».
وقال جويل غانتر، مراسل بي بي سي في كييف، إن هناك أدلة تتوالى في الظهور على أن روسيا قامت بالتهجير القسري لأعداد كبيرة من المدنيين عبر حدودها منذ أن بدأت غزوها للبلاد في فبراير الماضي.
وقالت مسؤولة أوكرانية ل «بي بي سي» إن روسيا حاولت مبادلة أسرى مدنيين أوكرانيين بأسرى حرب روس، وهو ما يحظره اتفاق جنيف.
وأكدت روسيا إن قواتها شنت غارة جوية على العاصمة الأوكرانية أثناء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة. ولقيت الصحفية فيرا هايرش مصرعها في ذلك الهجوم - الأول من نوعه في حوالي أسبوعين - بعد أن ضرب صاروخ المبنى السكني الذي كانت تقيم فيه.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها نشرت «أسلحة جوية عالية الدقة بعيدة المدى لاستهداف مصنع صواريخ في كييف».
وبعد حوالي شهرين من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من الكونغرس مساعدات عسكرية واقتصادية وإنسانية لأوكرانيا بأكثر من 33 مليار دولار في إطار تكثيف الدعم الأمريكي لكييف.
لكن البت في أمر هذه الحزمة من المساعدات تأجل بسبب الخلاف حول أولويات محلية أمريكية، لكن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أعربت عن أملها في أن تُمرر المساعدات الأمريكية لأوكرانيا «في أقرب وقت ممكن».
وفي كييف، قال زيلينسكي إن تمرير هذه الحزمة من المساعدات الأمريكية «دليل ملموس» على أن الحرية يمكنها أن تدافع عن نفسها ضد الاضطهاد.
وفي سياق متصل، قالت المملكة المتحدة إنها سوف ترسل 8000 من قواتها العسكرية للتدريب في شرق أوروبا لإظهار قوة الغرب في مواجهة العدوان الروسي.
من جهة أخرى لا يزال وضع المدنيين في مدينة ماريوبول جنوب شرق أوكرانيا، مجمداً منذ أسابيع، عقب فشل عدة محاولات من أجل إجلاء آلاف العالقين، لاسيما في مصنع آزوفستال للصلب، المحاصر من قبل القوات الروسية.
فقد اتهم مستشار رئيس مكتب الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك الجانب الروسي أمس السبت، برفض كل المقترحات التي طرحت من أجل فتح ممر إنساني في ماريوبول، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية.
وقال «نناشد باستمرار قادة العالم لمساعدتنا في إقناع الجانب الروسي بضرورة فتح ممر إنساني».
كما أضاف أن بعض القادة السياسيين يتواصلون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر قنواتهم الشخصية، ويحثونه على القيام بذلك لأسباب إنسانية، إلا أنه أردف قائلا «لكن للأسف لا يوجد رد من الجانب الروسي».
في المقابل، اتهم دينيس بوشيلين، رئيس «جمهورية دونيتسك» الانفصالية، الموالي لموسكو، المقاتلين الأوكران داخل أزوفستال بالاحتماء بالمدنيين ومنع خروجهم.
يشار إلى أن مجمع آزوفستال المترامي الأطراف، الذي دمر جزء كبير منه إثر القصف الروسي، يعد آخر جيب تتحصن فيه المقاومة الأوكرانية المنظمة في ماريوبول، حيث يقدر أن يضم نحو 2000 جندي أوكراني و1000 مدني في مخابئ تحت المبنى المدمر.
وكانت روسيا أعلنت قبل أيام وقفا لإطلاق النار من أجل السماح بخروج المدنيين إلى أي جهة يريدون. كما أكدت أنها ستسمح أيضا بخروج الجنود والمقاتلين ومن تصفهم بالمرتزقة، شرط أن يرموا سلاحهم، ويعلنوا استسلامهم.
إلا أن السلطات الأوكرانية عادت ونفت حصول أي وقف لإطلاق النار، فيما تقاذف الطرفان تحميل المسؤوليات والاتهامات.