
بيروت – "وكالات" : لم تنته مشكلات لبنان وأزماته بانتهاء الانتخابات التشريعية، بل إنها مرشحة للتفاقم، ما لم تتوصل الأحزاب والكتل السياسية إلى توافق يأخذ البلاد إلى مسار هادئ، ويقودها إلى مخرج آمن مما هي فيه، خصوصا في ظل ما أفرزته نتائج الاقتراع من عدم وجود كتلة نيابية تحوز الأغلبية في البرلمان، وباستطاعتها تشكيل الحكومة المقبلة.
ولم تفلح دعوة رئيس البرلمان نبيه بري، أمس الأول الثلاثاء، إلى أن "تهدأ الرؤوس الحامية"، في تهدئة الأوضاع، ما يشي بأزمة عميقة مُرتقَبَة، وخصوصاً على المستوى الحكومي، مع ادعاء كل فريق حصده الغالبية في البرلمان المنتخب، ودخول البلاد فترة تصريف أعمالٍ يُرجَّح أن تكونَ طويلة.
وفي ظلِّ الخلاف الحادّ على شكل الحكومة، أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي بات يملك كتلة نيابية وازنة في البرلمان، أنّ تكتله لن يشارك في حكومة وحدة وطنية، فأتاه الردّ السريع من رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" "حزب الله" النائب محمد رعد، الذي قالها بنبرة حاسمة: "إذا كنتم لا تريدون حكومة وطنية فأنتم تقودون لبنان إلى الهاوية وإياكم أن تكونوا وقود حرب أهلية"، وأضاف: "عليكم التعاون معنا، وإلّا فإنّ مصيركم العزلة".
من جهته، قال رئيس "التيار الوطني الحر"، النائب جبران باسيل، إنّ "خبرية التكنوقراط في الحكومة باي باي، فهناك شرعية شعبية يجب الاعتراف بها بغضّ النظر أين سنكون".
ويترافق النزاع الحكومي مع صراع الغريمَيْن "القوات" و"التيار" على الكتلة النيابية الكبرى في البرلمان اللبناني المنتخب، إذ يؤكد كل طرف حصوله على الأغلبية، في ظل فوضى أحجام نيابية لها أيضاً انعكاساتها حكومياً، ولا سيما عند دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، وفق خبراء دستوريين.
وتنتهي ولاية مجلس النواب الحالي تنتهي في 21 مايو الجاري، وبذلك تعتبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مستقيلة، وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، يجب على المجلس النيابي المنتخب حديثاً أن يجتمع خلال 15 يوماً من بداية ولايته لينتخب هيئة مكتب المجلس المؤلفة من رئيس ونائب رئيس وأمينَي سر وثلاثة مفوّضين.
وطبقا للمادة الثانية من النظام الداخلي، يجتمع مجلس النواب بناءً على دعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته لانتخاب هيئة مكتب المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تجديد انتخابه، وذلك في مهلة أقصاها 15 يوماً من بدء ولايته، ويقوم بأمانة السر أصغر عضوين سناً من الحاضرين، وفي حال تعذُّر حضور أكبر الأعضاء سناً، يرأس الجلسة أكبر الأعضاء سناً من الحاضرين، مع الإشارة إلى أن الأكبر سناً في المجلس المنتخب هو رئيس البرلمان نبيه بري "84 سنة".
وعملاً بالمادة الـ 44 من الدستور، "ينتخب المجلس أولاً ولمدة ولايته الرئيس ونائب الرئيس كلّاً منهما على حدة بالاقتراع السرّي وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي دورة ثانية تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يُكتفى فيها بالغالبية النسبية وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً".
ووسط الخلاف الحاصل بين القوى السياسية، الذي قد يترجم عدم الاتفاق على تسمية رئيس حكومة وتشكيلها، سنكون أمام مسلسل شبيه بمرحلة رئيس الوزراء الأسبق حسان دياب، لتدخل البلاد لأشهرٍ في فترة تصريف الأعمال تترافق مع فوضى كبيرة، وموافقات استثنائية تخترعها السلطة السياسية.