
"وكالات" : استشهد شاب فلسطيني، مساء أمس الخميس، بعد تنفيذه عملية إطلاق نار قرب مستوطنة كدوميم في قلقيلية، شماليّ الضفة الغربية، أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة آخر بجروح.
وأكدت وسائل إعلامية إسرائيلية أن المنفذ أطلق النار على مستوطنين اثنين، أحدهما حارس أمن، في موقعين قريبين من مستوطنة كدوميم، قبل أن تقتله قوات الاحتلال، بعد أن انسحب إلى إحدى المزارع القريبة.
ودوّت صفارات الإنذار في المستوطنة بعد سماع أصوات إطلاق النار، فيما طالبت قيادة الجبهة الداخلية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي سكان المستوطنة بالبقاء في المنازل وعدم مغادرتها "حتى إشعار آخر".
وفور وقوع العملية، أغلق جيش الاحتلال طريق نابلس قلقيلية أمام حركة السير، وسط وجود مكثف لقوات من الشرطة والجيش.
ويوم الثلاثاء الماضي، أصيب 7 إسرائيليين على الأقل، 3 منهم بحالة خطرة، في عملية دهس وطعن بشارع "بنحاس روزان"، شماليّ مدينة تل أبيب، فيما استشهد المنفذ.
وتأتي عملية إطلاق النار الجديدة بعد شنّ قوات الاحتلال عدواناً واسعاً على جنين ومخيمها، خلّف 12 شهيداً، إضافة إلى إصابة أكثر من 100 بجروح.
من جهة أخرى بدأت عائلات فلسطينية تعود إلى أنقاض منازلها في جنين، بعد تانسحاب الجيش الإسرائيلي منها.
وتقول المواطنة الفلسطينية فاتنة الغول : "كنا مضطرين إلى الفرار، كي لا أموت أنا وبناتي"، هكذا تحدثت وهي تنتحب بينما تلتفت إلى أنقاضٍ كانت ذات يوم منزلا لها.
كانت الجرّافة قد وصلت بالفعل وبدأت في إزالة الأنقاض من الشارع، الذي كانت تسدّه الأنقاض حتى ذلك الوقت.
واضطرت فاتنة وتسع نساء أخريات، من أسرتها وجيرانها، إلى مغادرة منازلهن، التي دمّرتها غارات بطائرات مُسيّرة ومعارك بين قوات الجيش الإسرائيلي من جهة ومسلحين فلسطينيين من جهة أخرى.
ووصف الجيش الإسرائيلي تلك العملية بأنها جاءت "لمكافحة الإرهاب"، قائلا إنها استهدفت مخازن ومنشآت لتصنيع أسلحة تعود لجماعات مسلحة في المنطقة.
لكن وزارة الخارجية الفلسطينية شجبت تلك العملية، واصفة إياها بأنها "حرب مفتوحة ضد أهالي جنين".
وفي صباح يوم الاثنين، اقتحم المئات من عناصر الجيش الإسرائيلي مخيم جنين للاجئين، مدعومين بغطاء جوي من غارات الطائرات المسيّرة.
ويعيش في مخيّم جنين، الذي لا تزيد مساحته على نصف كيلو متر مربّع، نحو 24 ألف نسمة.
وأدى اقتحام المخيّم إلى اندلاع اشتباكات مسلحة مكثفة مع مسلحين فلسطينيين في داخل المخيم .
وقال مسؤولون من وزارة الصحة الفلسطينية إن 12 فلسطينيا، بينهم أربعة أطفال، لقوا مصرعهم، فيما أصيب أكثر من 100 آخرين في غضون يومين من اقتحام المخيم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن واحدا من جنوده لقي مصرعه، بينما كانت قواته تشرع في الانسحاب من المخيم مساء الثلاثاء.
تقول فاتنة: "بيتي تعرض للدمار التام. كل شيء تحطم واحترق. كل شيء تضرر".
وقالت مستشفيات محلية عديدة لبي بي سي، إنها كانت تكافح من أجل التعامل مع تبعات هذا الاقتحام لمخيم جنين.
وفي يوم الأربعاء، شيّع آلاف الأهالي جثامين القتلى إلى مثواهم الأخير. وكان من بين هؤلاء القتلى ثمانية على الأقل ينتمون إلى فصائل فلسطينية مسلحة.
وأُطلقت أعيرة نارية في الهواء في وداع هؤلاء المقاتلين.
ويلقي كثير من سكان مخيم جنين باللائمة على السلطة الفلسطينية، التي تدير شؤون الفلسطينيين بالضفة الغربية، لأنها لم توفر لهم الحماية في أثناء عملية اقتحام المخيم.
وأظهرت مقاطع فيديو متداوَلة عبر الإنترنت، وقائع طرْد اثنين من ممثلي السلطة الفلسطينية من جنازة، بعد أن تعرّضا لانتقادات من قِبل جموع المشيّعين.
ويقول سُكان في مخيم جنين إن قوات تابعة للسلطة الفلسطينية سمحت لمركبات الجيش الإسرائيلي بدخول المدينة.
وتلقي فاتنة الغول باللائمة على السلطة الفلسطينية متهمة إياها بالتخاذل، قائلة "هذا هو وطننا. إننا نعيش في خوف، لقد تُركنا وحدنا نتصدّى لحمايته".
ومن جهته، لا يتفق محافظ جنين، أكرم الرجوب، مع أصحاب هذه الانتقادات.
يقول الرجوب: "ثمة اتفاقيات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. والسلطة الفلسطينية من جهتها لم تخالف تلك الاتفاقيات، وقد قامت عناصر الأمن بوظيفتها أثناء العملية العسكرية طبقا لتعليمات القيادة الفلسطينية".
وقال مقاتل ينتمي لجماعة فلسطينية مسلحة إن القوات الإسرائيلية نجحت في تدمير العديد من منشآتها، بما في ذلك وحدة تخزين تحتوي على مواد متفجرة.
على أن حجم العملية في داخل مدينة مكتظة بالسكان ومخيم للاجئين جرّ انتقادات من مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.