
لم تكد الحكومة تتنفس الصعداء، إثر عبور أحد أعضائها "وزير الأشغال العامة، وزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان" بسلام، استجوابه الذي قدمه إليه النائب حمدان العازمي، وناقشه مجلس الأمة في جلسة الثلاثاء الماضي، حتى وجدت نفسها أمام مأزق أكبر، من خلال الاستجواب الذي قدمه النائب مهلهل المضف أمس الخميس، إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف، فيما أشارت أنباء أمس أيضا إلى اعتزام النائب حمدان العازمي، تقديم آخر إلى سمو الرئيس، عقب انتهاء استجواب المضف.
هذه التطورات الأخيرة رأت فيها مصادر نيابية، إرباكا لأوراق السلطتين معا، وليس فقط السلطة التنفيذية، وتهديدا صريحا لحالة التوافق والانسجام التي سادت العلاقة بينهما، منذ بداية الفصل التشريعي الحالي، وهو ما ينذر بعودة أجواء التصعيد والتأزيم مجددا بين المجلس والحكومة، من دون أن تستبعد الوصول إلى خيار حل مجلس الأمة، أو استقالة الحكومة.
يذكر أن الاستجواب الذي قدمه النائب مهلهل المضف أمس إلى رئيس مجلس الوزراء، يتضمن ثلاثة محاور، تتعلق بما أسماه "التراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد"، و"تخبط السياسات العامة للحكومة"، و"التهرب من الإجابة على الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها".
وأكد المضف أن الدستور الكويتي تميز وانفرد بين دول المنطقة، بأنه دستور يحاسب ويراقب، ما جعل لمجلس الأمة مكانة متقدمة ومحترمة بين برلمانات العالم.
جاء ذلك في بيان صحافي على حسابه الشخصي "x"، عقب تقديمه صحيفة الاستجواب رسمياً إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف.
وأوضح المضف أن" الأدوات الدستورية من سؤال برلماني أو تشكيل لجان تحقيق أو تقديم استجوابات، كانت وستبقى أدوات، الهدف منها حماية الدستور وحماية مصالح الأمة من أي تعدي أو تهاون، وهذه مبادئ ثابته لا تدور مع دوران الكراسي.
أضاف : "لذلك، محاولة فرض واقع بأن حماية الدستور وتفعيل الأدوات الدستورية من سؤال برلماني أو استجواب تتعارض مع التشريع، فهذه بدعة سياسية وهوى حكومي ضال وفاسد".
واعتبر المضف أنه "ولا أسوأ من هذه البدعة السياسية إلا استغلال حاجات المواطنين وتطلعاتهم لتكون سبب لتخذيل النائب عن حماية الدستور وتفعيل الأدوات الدستورية، خصوصاً بعدما اتضح بشكل جلي تراجع سمو رئيس مجلس الوزراء عن مضامين خطاب تصحيح المسار التاريخي، وعدم احترامه لأدوات النائب الدستورية برفض الإجابة عن جميع الأسئلة البرلمانية رغم كل التحذيرات التي نقلت له"
أضاف : "أمام هذا التراجع وهذا التعدي، تقدمت اليوم باستجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف، مضيفا : " وتبقى التشريعات هي النتيجة التي نسعى لها ويبقى الدستور هو الضمان لوجودها واستمرارها، ولا أجد وصفا للعلاقة بين ترابط التشريع وحماية الدستور، إلا أن أقول: إن كان التشريع هو المطر الذي يغيث، فإن الدستور هو السحاب الذي يحمله، وكله بأمر الله عز وجل".
واختتم المهلهل تصريحه بالقول : من حق الجميع النصح أو حتى النقد، ولا خير فينا إن لم نسمعها، لكن لقسمي أمام الله حق أكبر وأثقل، مضيفا : أتعهد بأن يكون هذا الاستجواب دستوريا بمضمونه واضحاً بحجته منصفاً بدليله، وأن يكون استجواباً يليق بقاعة عبد الله السالم وبالشعب الكويتي، وبكل شخص وضع ثقته في وحملني الأمانة.
على صعيد ردود الفعل النيابية تجاه هذا الاستجواب، شدد النائب عبد الله الأنبعي على أن الاستجواب حق كفله الدستور الكويتي، لكل نائب من نواب الأمة، داعيا سمو رئيس مجلس الوزراء إلى صعود المنصة، وتفنيد محاور الاستجواب، ولفت إلى أن حل الملفات العالقة هو مسؤولية رئيس وأعضاء الحكومة.
من جهتها قالت النائبة د. جنان بوشهري عن استجواب المضف: نتطلع للهدف الدستوري من الرقابة والجانب السياسي في تصحيح المسار، مشيرة إلى أنه خلال السنوات الماضية تمت شيطنة أداة الاستجواب واعتبارها شرارة للأزمات السياسية ، وشددت على أن الاستجواب واجب وطني ملزم به النائب، متى ما رأى أن المساءلة أصبحت ضرورة رقابية.
واعتبر النائب عبد الهادي العجمي، أن سمو رئيس الوزراء الآن أمام طريقين، إما أن يتبع سياسة العهد السابق فيبحث عن مخارج الإحالة للدستورية أوالتشريعية أوالسرية، وعندها سنعلم جميعاً أن الاستجواب نجح في إثبات بطلان فكرة العهد الجديد، أويعتلي المنصة ليكون تحت الرقابة الشعبية.
في السياق نفسه رأت الحركة التقدمية الكويتية أن استجواب النائب مهلهل المضف لرئيس الوزراء مستحق، لتحريك حالة الجمود التي تعاني منها الإدارة السياسية للدولة ولمواجهة ضغط الأطراف السلطوية المتصارعة المعطّل بضغط نيابي وشعبي
وذكرت الحركة في بيان أن الاستجواب سيتيح مواجهة ضغط الأطراف السلطوية المتصارعة، المعطّل للانفراج السياسي والإصلاح الديموقراطي بضغط نيابي وشعبي يدفع باتجاه تحقيقهما، وتفعيل أداة السؤال البرلماني كواحد من أبسط أدوات الرقابة الدستورية.