«وكالات»: باتت جبهة لبنان مرشحة للاشتعال، في أي وقت, وتوسيع نطاق المواجهة مع إسرائيل، وجر المنطقة كلها إلى حرب إقليمية تشمل المنطقة كلها.
يأتي ذلك في أعقاب مقتل 12 شخصاً نتيجة سقوط صاروخ أمس الأول السبت، على ملعب لكرة القدم، في قرية مجدل شمس الواقعة في هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل، فيما برز اسم القرية إعلامياً، بوصف ما جرى قد يكون الشرارة لاندلاع مواجهة أوسع بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، الذي اتهم الحزب بالمسؤولية عن إطلاق الصاروخ، وهو ما نفاه الأخير. لكن تل أبيب بدأت بالفعل مساء أمسن هجومها المضاد، ضد جنوب لبنان.
وتزداد المخاطر بدخول إيران على الخط، وتحذيرها إسرائيل من مغبة الهجوم على لبنان.
وشيّعت القرية أمس الأحد قتلاها، وجلّهم من اليافعين والأطفال، بينما طرد الأهالي وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، ولم يسمحوا لهم بالوصول والمشاركة في تشييع القتلى. وحث الأهالي حكومة الاحتلال على عدم استغلال ما جرى لصالح أجندتها السياسية.
من جانبها، اتهمت وزارة خارجية النظام السوري إسرائيل بالمسؤولية عن الحادث. وقالت في بيان لها أمس الأحد: «في إطار محاولاته لتصعيد الأوضاع في منطقتنا، وتوسيع دائرة عدوانه عليها، اقترف كيان الاحتلال الإسرائيلي السبت، جريمة بشعة في مدينة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، ثم قام بتحميل وزر جريمته للمقاومة الوطنية اللبنانية».
واستنكر البيان محاولات الاحتلال الإسرائيلي «المفضوحة لاختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانه، كما تحمله المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير للوضع في المنطقة».
وختمت بالقول: «إن شعبنا في الجولان السوري المحتل، والذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية».
ومع تصاعد حدّة التهديدات الإسرائيلية، حول نية لرد قوي بعد اتهام حزب الله في لبنان باستهداف بلدة مجدل شمس، جاء الرد الإيراني.
فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان أمس الأحد، أن بلاده تحذر إسرائيل من أي مجازفة جديدة في لبنان.
أضاف أن إيران تحذر إسرائيل من أي مغامرات عسكرية جديدة في لبنان مما قد يؤدي إلى «تداعيات غير متوقعة».
وأكد أن أي خطوة تنمّ عن «جهل إسرائيلي» قد تؤدي إلى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة، وفق قوله، مشددا على أن إسرائيل ستتحمل مسؤولية التداعيات غير المتوقعة وردود الفعل على تصرف «أحمق كهذا»، بحسب تعبيره.
واتهمت إسرائيل جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران بالمسؤولية عن الضربة وتوعدت بتكبيدها ثمنا باهظا.
في حين نفت الجماعة أي مسؤولية لها عن الهجوم.
أتى هذا التحذير بعدما أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، في مؤتمر صحافي، أن الصاروخ «إيراني الصنع».
أضاف أن الجيش حدد نوع الصاروخ الذي ضرب ملعبا لكرة القدم في البلدة بأنه «إيراني الصنع» من «طراز فلق-1»، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
وقال إن الصاروخ من نوع فلق-1 صنع في إيران، وهو صاروخ برأس حربي «يحمل» 50 كلغ من المتفجرات، بحسب قوله.
ولفت إلى أن النتائج الجنائية في الموقع تشير إلى هذا الصاروخ. فلق-1، وتستخدمه فقط جماعة حزب الله، مؤكداً أن هي من نفذت الهجوم.
ونوهت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن حزب الله كان قد ذكر في بيان أمس الأول السبت، أنه أطلق صاروخا واحدا من طراز فلق باتجاه قاعدة عسكرية إسرائيلية تقع شمالي مجدل شمس، إلا أن الحزب نفى تماماً.
ردا على ذلك، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أمس الأحد، الدخول بما أسماها المرحلة التالية من الحرب شمالاً.
أضاف أثناء زيارته لمكان الهجوم أن قواته باتت ترفع جاهزيتها إلى المرحلة التالية من القتال في الشمال، موضحاً أنها تعرف تحديدا من أين أطلقت القذيفة الصاروخية على مجدل شمس.
كما أكد أن القذيفة الصاروخية التي استهدفت مجدل شمس حملت رأسا حربية تزن 53 كيلوغراما.
وشدد على أن جيشه يعرف كيف يشن الغارات بعيدا جدا عن إسرائيل، معلناً العمل بكل الوسائل لإعادة سكان كل الشمال في الجليل والجولان، في إشارة منه إلى آلاف النازحين ممن تركو مناطق شمال إسرائيل هرباً من التصعيد مع حزب الله منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل 9 أشهر.
ومنذ الهجوم، يتبادل الطرفان إطلاق النار على الحدود بينما ضربت إسرائيل أهدافاً في قلب لبنان على ما أعلن الجيش.
في حين انهالت التحذيرات الدولية من خطورة التصعيد وإمكانبة تحوّله إلى حرب شاملة شديدة الخطورة، وسط دعوات لضبط النفس.
في سياق متصل، شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأحد، على أنه لا يريد رؤية تصعيد في الصراع بعد الهجوم الصاروخي على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، واتهمت حزب الله بالمسؤولية عنه.
وقال بلينكن إن واشنطن تجري محادثات مع إسرائيل حول هجوم الجولان، وإن المؤشرات تدل على أن حزب الله هو من أطلق الصاروخ، وفق رويترز.
أضاف خلال مؤتمر صحافي في طوكيو: «أشدد على حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها وإصرارنا على ضمان أنهم قادرون على فعل ذلك»، مردفاً: «لكننا أيضاً لا نريد رؤية تصاعد الصراع. لا نريد رؤيته يمتد».
فيما ذكر أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب غزة من شأنه الإسهام في تهدئة الوضع على حدود إسرائيل مع لبنان.
وختم قائلاً: «من المهم للغاية أن نساعد في تهدئة الصراع، ليس لتجنب تصاعده ولتجنب امتداده فحسب، وإنما لتهدئته لأنكم لديكم الكثير من الناس في البلدين، في إسرائيل ولبنان، نزحوا من ديارهم».
ومجدل شمس هي إحدى القرى السورية الواقعة في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967، ويبلغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، في حين أن إجمالي من بقي من السوريين في الجولان يقدّر عددهم اليوم بنحو 23 ألف نسمة، يتوزعون على خمس قرى، هي بقعاثا ومسعدة وعين قنية، والغجر، ومجدل شمس، إضافة إلى إقدام الاحتلال بعد عام 1967 على تهجير سكان قرية سحيتا إلى مسعدة بعد تدميرها وتحويلها إلى معسكر.