
«وكالات»: عقب 13 عاما من اندلاع الثورة السورية، في العام 2011، وبعد 12 يوما من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي دشنتها فصائل المعارضة المسلحة، سقط نظام حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً، والذي هرب فجر أمس الأحد، إلى جهة غير معلومة، وأفاد مصدر في الكرملين مساء أمس، بأن بشار وأفراد عائلته وصلوا إلى العاصمة الروسية موسكو، وقدمت لهم روسيا حق اللجوء.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: بعد مفاوضات بين بشار الأسد وعدد من المنخرطين في النزاع المسلح على الأراضي السورية، قرر الأسد الاستقالة من منصبه الرئاسي ومغادرة
وقالت الوزارة إن القواعد العسكرية الروسية في سوريا وضعت في حالة تأهب قصوى، لكن لا يوجد تهديد خطير لها في الوقت الحالي، وإن موسكو على اتصال بجميع المعارضة السورية المسلحة، وحثت جميع الأطراف على تفادي أي أعمال عنف.
وأفاد موقع» فلايت رادار» لتتبع الطائرات بأن طائرة سورية يشتبه في أنها تقل بشار الأسد غادرت مطار دمشق، قبل دخول المعارضة إلى العاصمة دمشق فجر الأحد.
وكانت الطائرة قد حلقت في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، لكنها بعد ذلك غيرت مسارها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي من خريطة الرادار.
وكشف ضابطان كبيران بالجيش السوري، أن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة.
من جهة أخرى أعلنت المعارضة السورية، أنه تم إطلاق سراح جميع المعتقلين. وكانت فصائلها السلحة قد أكدت سيطرتها الكاملة على مدينة حمص المهمة بعد يوم واحد فحسب من القتال، وعقب سيطرتها على مدينتي حلب وحماة الرئيسيتين في شمال غربي سوريا. وأطلق مقاتلو الفصائل أعيرة نارية في الهواء للاحتفال، ومزق شبان صورا للرئيس السوري الذي انهارت سيطرته على البلاد مع الانسحاب الصادم للجيش على مدى أسبوع.
وذكر شهود أن الآلاف من السوريين في سيارات وعلى الأقدام تجمعوا في ساحة رئيسية في دمشق وهتفوا للحرية. وقالت قوات الفصائل «نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا». وصيدنايا سجن عسكري كبير على مشارف دمشق حيث كانت الحكومة السورية تحتجز الآلاف.
وقال القائد بإدارة العمليات بالمعارضة السورية المسلحة أحمد الشرع - في كلمة من ساحة الجامع الأموي بدمشق- إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد نشر الطائفية، واليوم سوريا للسوريين جميعا.
أضاف أن النصر الذي تحقق بإسقاط النظام هو «نصر لكل السوريين»
وظهر الجولاني وهو يدخل المسجد الأموي بدمشق وسط عدد من المسلحين بعد أن سيطرت عليه المعارضة.
ونشرت فصائل المعارضة على قناة تلغرام مقطع فيديو للجولاني، وهو يسجد ويقبّل الأرض في مساحة خضراء يظهر بمحاذاتها طريق رئيسي، معنونة المقطع بـ القائد أحمد الشرع يسجد لله شكرا فور وصوله دمشق.
وقال الجولاني إنه لا مجال للعودة إلى الوراء وأن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011، داعيا مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، ومؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسليمها رسميا ، بعد إعلان المعارضة إسقاط الرئيس بشار الأسد.
وكانت صحيفة «إيكونوميست» البريطانية تحدثت عن أن الرئيس الأسد لم يُرَ منذ أيام، مشيرة إلى أنه يرغب في القتال، بيد أنه لا أحد يريد القتال من أجله. ويتماشى حديث الصحيفة مع تصريحات أخيرة لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قال فيها إن حلفاء الأسد المتمثلين في إيران وحزب الله وروسيا غير مستعدين لتقديم الدعم الذي حصل عليه الأسد سابقا.
إلى ذلك توالت أمس ردود الفعل الدولية على إسقاط المعارضة لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
أممياً، أبدى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون الأحد «أملاً حذراً» بعد سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، قائلاً إنها «لحظة فاصلة» أنهت حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود.
وأكدت الحكومة العراقية، دعمها الجهود الدولية والإقليمية الساعية لفتح حوار يشمل الساحة السورية بكلّ أطيافها واتجاهاتها، ووفق مصلحة الشعب السوري، مشددة على أهمية عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، أو دعم جهة لصالح أخرى.
ومنذ بداية الثورة في سورية في الـ 27 من نوفمبر المنصرم، يعمل العراق على ضبط حدوده مع سورية، وتعزيزها بقوات إضافية، وتفقد صباح أمس الأول السبت، وفد عراقي عسكري رفيع الحدود للاطلاع على الاستعدادات، إذ وصل رئيس أركان الجيش العراقي، عبد الأمير رشيد يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة قيس المحمداوي، الى منفذ القائم لتفقد الشريط الحدودي، بحسب.
من ناحيتها أعلنت طهران الأحد أنّها ستعتمد «المقاربات الملائمة» حيال التطورات في سورية بما يتوافق مع سلوك «الأطراف الفاعلين» في دمشق.
بدورها دعت مصر جميع الأطراف فيها إلى بدء «عملية سياسية متكاملة وشاملة»، تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي، واستعادة وضع سورية الإقليمي والدولي، مشددة على ضرورة صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات.
وأكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، أن الأردن سيقدم كل إسناد ممكن للشعب السوري في جهود إعادة بناء وطنه ومؤسساته ونظامه السياسي، وبما يضمن أمن سورية وسيادتها وحريتها والعيش الحر الكريم لكل مواطنيها.
كما أكدت دولة قطر ضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية ووحدة الدولة في سورية بما يحول دون انزلاقها نحو الفوضى.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، إن فرنسا «ترحب بسقوط نظام بشار الأسد» بعد «أكثر من 13 عاماً من القمع العنيف ضد الشعب» السوري. وأضاف في بيان: «فيما لم يتوقّف نظام بشار الأسد عن تحريض السوريين بعضهم على بعض، وفيما سورية مقسمة ومشرذمة، حان وقت الوحدة»، لافتاً إلى أن باريس «تحض جميع السوريين على الوحدة والمصالحة ونبذ كل أشكال التطرف».
دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك جميع الأطراف في سورية إلى حماية الأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
وعلى صعيد الموقف الأمريكي، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو، في مؤتمر حوار المنامة الأمني بالعاصمة البحرينية، إن الولايات المتحدة ستُبقي على وجودها في شرق سورية وستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش». وفي تصريحات بعد ساعات من إعلان مقاتلي المعارضة إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، دعا شابيرو جميع الأطراف إلى حماية المدنيين، وبخاصة الأقليات، والتزام المعايير الدولية.
من جهته نفى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان تواصل بلاده مع النظام السوري قبل سقوطه، وقال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مد يده لنظام بشار الأسد، لكنه رفض وفشلت جهود التواصل معه.
وأبدى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون الأحد «أملاً حذراً» بعد سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، قائلاً إنها «لحظة فاصلة» أنهت حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود. وقال بيدرسن في بيان: «يمثل اليوم لحظة فاصلة في تاريخ سورية، وهي الأمة التي تحمّلت ما يقرب من 14 عاماً من المعاناة المستمرة والخسارة التي لا توصف»، معرباً عن «تضامنه مع كل من تحملوا وطأة الموت والدمار والاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان التي لا تعد ولا تحصى».
أضاف: «لقد ترك هذا الفصل المظلم آثاراً عميقة، لكننا نتطلع اليوم بأمل حذر إلى فتح فصل جديد، فصل السلام والمصالحة والكرامة والإدماج لجميع السوريين». ولفت بيدرسون إلى أن «التحديات التي تنتظرنا هائلة ونحن نسمع من ينتابه القلق والتوجس. ومع ذلك، فهذه لحظةٌ لاحتضان إمكانية التجديد. إن صمود الشعب السوري يفضي إلى مسار نحو سورية موحدة وسلمية».
وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، اليوم الأحد، إن رئيس النظام السوري بشار الأسد «فرّ من بلاده» بعدما فقد دعم حليفته روسيا. وكتب ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال إنّ «الأسد رحل»، مضيفاً: «إن حاميته، روسيا التي يرأسها فلاديمير بوتين، لم تعد تكترث لحمايته بعد الآن».