
"وكالات": سلمت حركة «حماس» صباح أمس "السبت"، ردها إلى الوسطاء بشأن المقترح الذي قُدم لها عبرهم من قبل المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، حول وقف إطلاق نار يمتد لمدة 60 يوماً.
وذكرت مصادر مقربة من الحركة، أن «حماس» أجرت اتصالات مكثفة، وعقدت لقاءات مع قيادات من فصائل فلسطينية في قطر وخارجها من عواصم أخرى منها بيروت، بهدف تشكيل موقف فلسطيني موحد.
وبينت المصادر أن الرد يمكن أن يوصف بالنسبة لقيادة «حماس» والفصائل بأنه إيجابي، رغم أنه حمل بعض الملاحظات التي يجب أن تكون مقرونة به من أجل إنجاح تنفيذه، رغم كل السلبيات التي حملها المقترح بانحياز واضح للاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت المصادر إلى أن جميع الملاحظات التي تم إبداؤها على المقترح كانت بإجماع فصائلي، مرجحةً أن يتم القبول بها في حال كان هناك إرادة أميركية صادقة للضغط على إسرائيل.
وكشفت أن إحدى الملاحظات في الرد تهدف إلى منع تسليم المختطفين الإسرائيليين على مدار يومين فقط في الأسبوع الأول كما تحدده ورقة ويتكوف، بل سيكون على مراحل كما جرى في الصفقة الماضية لضمان سريان الاتفاق كاملاً على مدار شهرين، وهي المدة المحددة بـ 60 يوماً.
وتقول مصادر أخرى من الحركة إن الرد لم يكن سلبياً أو إيجابياً، وإنما حمل ملاحظات محددة وواضحة على ما قُدّم، بهدف أن يلبي أي اتفاق الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
وأكدت أن ما قدم للحركة بمثابة تراجع عن كل ما تم الاتفاق عليه مسبقاً.
وبينت أن الملاحظات تتعلق بضمانات وقف الحرب غير الواضحة في الورقة المقدمة، وحتى بالتزام استمرار وقف إطلاق النار خلال المدة المحددة بـ 60 يوماً، إلى جانب واقع إدخال المساعدات الإنسانية الذي تحاول الورقة المقترحة ربطه بأشياء طُلب من الحركة تنفيذها، وقضية الأثمان التي ستُدفع مقابل الإفراج عن المختطفين الإسرائيليين.
وقالت المصادر إن المقترح يحمل الكثير من «الأفخاخ»، والكثير من شروطه تعقّد المشهد بالنسبة للفلسطينيين، مشيرةً إلى أن العديد من المعضلات كانت واضحة في نص ما قُدم، ومن بينها أنه لا يضع مدة الستين يوماً ملزمة بشكل واضح لاتفاق وقف إطلاق النار، ويضعها فضفاضة من دون إلزام إسرائيل بها، أو حتى تمديدها في حال نجاحها، وهذا يعني السماح لإسرائيل بشكل أوضح بالعودة لتنفيذ هجمات بغزة على الطريقة اللبنانية كلما أرادت ذلك، بعد اليوم السابع، وهو الموعد المحدد لتسليم من تبقى من المختطفين، ثم استئناف الحرب بشكل كامل بعد الستين يوماً.
كما يحدد المقترح عدداً محدداً من دون أي معايير متفق عليها بشأن تبادل الأسرى، من خلال إطلاق سراح 125 أسيراً من المحكوميات المؤبدة والعالية فقط، وهو رقم لا يناسب عدد من سيفرج عنهم من الأحياء والقتلى الإسرائيليين، ولا يصل حتى إلى المعايير التي تم استخدامها في مرحلة وقف إطلاق النار السابقة.
وأكدت مصادر سياسية إسرائيلية أن نص الاتفاق لا يحدد إنهاء الحرب، ولا خط الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، كما أنه لا يسمح بحرية إدخال المساعدات الإنسانية.
وتقول المصادر من «حماس» إن المقترح يضع كل الاعتبارات الإسرائيلية وشروط حكومة نتنياهو لأي اتفاق، في حين لا يضمن للفلسطينيين شيئاً، ويريد من الحركة فقط أن تسلم الأسرى من دون مقابل واضح.
وينص الاتفاق الجديد على أن وقف إطلاق النار سيستمر لمدة 60 يوماً، على أن يضمن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التزام الأطراف خلال الفترة المتفق عليها، وأن يتم إطلاق 5 مختطفين إسرائيليين و9 جثث في اليوم الأول، ومثلهم في اليوم السابع.
ويشترط الاتفاق إدخال المساعدات الإنسانية من خلال اتفاق يتم التوافق عليه بين الجانبين، ويتم توزيعها فقط عبر قنوات متفق عليها مثل الأمم المتحدة والهلال الأحمر؛ ما يعني أنه لن يتم إدخال أي بضائع للقطاع الخاص.
من جهة أخرى، وفي أكثر من تقرير وتصريح، اتفقت عدة مؤسسات أممية ودولية على خطورة وكارثية الأوضاع الإنسانية والصحية في غزة.
ففي تقرير صادم جديد، أعلنت الأمم المتحدة أنّ قطاع غزة هو "أكثر بقاع الأرض جوعاً"، في ظلّ حصار خانق تفرضه إسرائيل، ومنعٍ شبه كامل لدخول المساعدات. التقرير يسلّط الضوء على كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدّد حياة مئات الآلاف، خاصّة الأطفال والنساء.
وأكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، أمس السبت، أن "المجاعة في قطاع غزة يمكن وقفها، والأمر يتطلب إرادة سياسية، ولا نطلب مستحيلاً". وفي منشور على حسابه عبر منصة إكس، قال لازاريني إن المساعدات المرسلة لغزة حالياً تستهزئ بحجم المأساة الجماعية التي تتكشف أمام أعيننا. وفي معرض وصفه للمأساة الإنسانية بغزة، قال إنّ "900 شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال الأسبوعين الماضيين، ما يمثل ما يزيد قليلاً عن 10% فقط من الاحتياجات اليومية لفلسطيني القطاع".
وقالت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط، حنان بلخي، إن "أطفال غزة يموتون جراء الجوع والمجاعة اللذين وصلا إلى مستويات مرتفعة للغاية، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق، حيث تحدث وفيات بين الكبار والصغار بسبب نقص الغذاء والدواء". جاء ذلك في مقابلة مع وكالة الأناضول بجنيف، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة بنسختها الـ78، تحدثت فيها بلخي عن الأوضاع في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية مستمرة منذ أكثر من 20 شهراً. وأشارت بلخي إلى أن البنية التحتية الحيوية للصحة دمرت بالكامل في القطاع.
في سياق ذي صلة، أفادت شبكة "سي إن إن" الأميركية، في تقرير بثته أمس السبت، بأن أكثر من 80% من قطاع غزة بات تحت أوامر الإخلاء أو التدمير، وبأن الاحتلال الإسرائيلي يحشر السكان في رقعة أرض تتقلص باستمرار.