
"وكالات": قوبل الموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة، خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة، باستخدامها الولايات حق النقض "فيتو" ضد مشروع قرار لإيقاف إطلاق النار في غزة، وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية من دون قيود إلى القطاع المحاصر، بتنديد فلسطيني وعربي ودولي واسع، ووصفه بأنه "عار على الإنسانية"، وتحذير من أنه يمثل "تشجيعا مباشرا على استمرار حرب الإبادة الجماعية"، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية وعلى المقدسات في القدس، والتأكيد على أن هذه السياسة الأمريكية، " لن تحقق الأمن والاستقرار لأحد".
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، عن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة القول إن "السبيل الوحيد لينعم الجميع بالأمن والاستقرار، هو وقف المجازر اليومية التي يذهب ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء، وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة، لوقف المجاعة التي يشاهدها العالم أجمع في غزة، وأن يحصل شعبنا الفلسطيني على حقوقه كاملة في الحرية والاستقلال، وفق ما أقرته الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية."
وشدد أبو ردينة على أن المطلوب الآن هو إجبار الاحتلال الإسرائيلي على إيقاف حربه الإجرامية واعتداءاته في الضفة الغربية، بما فيها القدس والضغط عليه للامتثال لقرارات الشرعية الدولية ورغبة المجتمع الدولي بأكمله في إيقاف حرب الإبادة، "عوضا عن استخدام الفيتو الذي تحدى جميع أعضاء مجلس الأمن الذين يمثلون العالم بأسره".
وبين أن "استخدم الفيتو في مجلس الأمن الدولي سوف يشجع الاحتلال على الاستمرار بعدوانه، وجرائمه التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا".
وكان مشروع القرار - المقدم من الدول العشر غير الدائمة العضوية بالمجلس – قد حظي بموافقة 14 عضوا من أعضاء المجلس، مقابل اعتراض الولايات المتحدة.
وطالب مشروع القرار المجلس بالإفراج فورا ومن دون شروط وبشكل كريم عن جميع الأسرى المحتجزين من حماس وغيرها من الجماعات الأخرى.
كما طالب بالرفع الفوري ومن دون شروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتوزيعها بصورة آمنة بلا عوائق على نطاق واسع بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني عبر أنحاء قطاع غزة.
وناشد مشروع القرار باستعادة جميع الخدمات الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني المتمثلة في "الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال" ومع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأعرب نص مسودة القرار عن القلق البالغ بشأن الوضع الإنساني الكارثي بما في ذلك خطر المجاعة، كما ورد في تقرير التنصيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
وانتقد السفير الباكستاني عاصم افتخار أحمد بشدة الفيتو الأمريكي، معتبراً إياه "ضوءاً أخضر لإبادة" الفلسطينيين في غزة، و"وصمة عار أخلاقية في ضمير" مجلس الأمن الدولي.
بدوره، قال نظيره الجزائري، عمار بن جامع، إن "الصمت لا يدافع عن الموتى، ولا يمسك بأيدي المحتضرين، ولا يواجه تداعيات الظلم".
أما السفير السلوفيني صموئيل زبوغار، فقال إنه "في الوقت الذي تُختبر فيه الإنسانية على الهواء مباشرة في غزة، فإن مشروع القرار هذا وُلد من رحم شعورنا المشترك بالمسؤولية. مسؤولية تجاه المدنيين في غزة" وتجاه الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع الفلسطيني، و"مسؤولية أمام التاريخ"، مضيفاً "كفى، كفى"!.
من جهتهما أعرب سفيرا فرنسا وبريطانيا عن "أسفهما" لنتيجة التصويت، في حين ألقى السفير الصيني فو كونغ باللوم مباشرة على الولايات المتحدة، داعياً إياها إلى "التخلّي عن الحسابات السياسية، وتبنّي موقف عادل ومسؤول".
وهذا أول فيتو تستخدمه واشنطن في مجلس الأمن الدولي منذ عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي.
وقبيل التصويت على النصّ، قالت المندوبة الأمريكية دوروثي شيا إن "من شأن هذا القرار أن يقوّض الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصّل إلى وقف إطلاق نار يعكس الواقع على الأرض، ويشجّع حماس. كذلك فإن هذا القرار يرسي مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس".
وأضافت "النصّ غير مقبول بسبب ما ينص عليه، وغير مقبول كذلك بسبب ما لا ينصّ عليه"، مشددة على حقّ إسرائيل في "الدفاع عن نفسها".
وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، الثلاثاء: "لا يمكنكم أن تشهدوا الغضب في مجلس الأمن.. وتقبلوا أن تكونوا عاجزين، عليكم أن تتحركوا"، مشيراً إلى الخطاب الذي ألقاه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر ودعا فيه إلى "منع الإبادة" في غزة.
وحذّر من أنه في حال استخدام الفيتو، سيكون الضغط "على من يمنعون مجلس الأمن من تحمل مسؤولياته"، مضيفاً "سيحاسبنا التاريخ جميعاً على ما فعلناه لوقف هذه الجريمة ضد الشعب الفلسطيني".
وأدانت حركة حماس الفلسطينية بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو، الأربعاء، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.
وقالت الحركة في بيان على منصة تلغرام إن "الفيتو الأمريكي يجسد انحياز الإدارة الأمريكية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية، ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة".
من جهة أخرى، وللعام الثاني على التوالي، تغيب شعيرة الأضحية عن قطاع غزة، بعدما حولت إسرائيل مزارع المواشي إلى أطلال وقتلت ما تبقى من الثروة الحيوانية بالتجويع أو بالقصف، خلال الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين منذ 20 شهرا.
ويعد غياب الأضاحي واحدة من أبرز تجليات الحصار والمجاعة التي يعاني منها الفلسطينيون في قطاع غزة، نتيجة منع إدخال المواشي، وشح الأعلاف، والاستهداف المتكرر للمزارع والمنشآت البيطرية.
وتعرضت معظم مزارع المواشي في القطاع إلى دمار كلي أو جزئي بفعل القصف الإسرائيلي، فيما نفق آلاف رؤوس الماشية نتيجة التجويع الإسرائيلي الممنهج أو الإصابة أو غياب العلاج البيطري.
إلى ذلك أعلنت السلطات الصحية في غزة أمس الخميس استشهاد 70 فلسطينيا في غارات الاحتلال الإسرائيلي المكثفة التي تستهدف مناطق متفرقة من القطاع، فيما أصيب 189 آخرون بجروح متفاوتة نقلوا على إثرها إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
وذكرت السلطات الصحية في بيان أن حصيلة عدوان الاحتلال على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023،ارتفعت بذلك إلى 54677 شهيدا و125530 مصابا.