
مع حلول ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص أمس الأربعاء، تمضي دولة الكويت ومنظمة الأمم المتحدة قدما في طريقهما، نحو تعزيز التعاون الوثيق، ومضاعفة الجهد في مناهضة جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين بكل أشكالها، من جهة وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها، من جهة أخرى.
في هذا السياق، جددت وزارة الخارجية تأكيدها التزام دولة الكويت الراسخ بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص، باعتبارها انتهاكا صارخا لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
وأكدت «الخارجية» في بيان لها أمس، حرص دولة الكويت على تعزيز جهودها الوطنية والدولية لمنع هذه الجريمة، وحماية الضحايا واتخاذ كل التدابير الوقائية والتشريعية اللازمة، انطلاقا من مسؤولياتها القانونية والحقوقية.
من ناحيته، أكد وزير العدل رئيس اللجنة الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين المستشار ناصر السميط، أن حماية الإنسان من جرائم الاتجار لم تعد خيارا بل مسؤولية وطنية تستدعي عملا مؤسسيا مشتركا على مدار العام.
وقال المستشار السميط: إن دولة الكويت ممثلة باللجنة الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين تتبنى نهجا متكاملا، يجمع بين الوقاية والتشريع والرعاية ويستند إلى مبادئ الشفافية والمحاسبة.
ولفت إلى استمرار دولة الكويت في تطوير أدواتها لمواجهة هذه الجريمة بأساليب عصرية، تواكب التحولات الدولية وتحديات الفضاء الرقمي.
وشدد على أهمية الشراكة المجتمعية والإعلام المسؤول، معتبرا أن الوعي العام هو خط الدفاع الأول، وأن النجاحات الحقيقية «تقاس بمدى قدرتنا على الوقاية قبل وقوع الضرر».
وأكد الثقة بأن الجهود الوطنية المتضافرة والمتناغمة مع المعايير الدولية، ستثمر بيئة آمنة تصان فيها الحقوق ويحترم فيها الإنسان دون تمييز.
بدوره، أكد الديوان الوطني لحقوق الإنسان، حرصه على مواصلة دوره الفاعل في نشر ثقافة حقوق الإنسان والوعي المجتمعي، في الجوانب المتعلقة بها، مشيرا إلى أن جريمة الإتجار بالأشخاص تمثل واحدة من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان في العديد من دول العالم.
وأوضح الديوان في بيان صحفي، أن هذه المناسبة تشكل فرصة لتسليط الضوء على أوضاع ضحايا هذه الجريمة الذين يتعرضون للاستغلال في صور متعددة، منها العمل القسري أو التسول المنظم أو التجنيد القسري.
ودعا الديوان إلى مواصلة دعم الجهود الوطنية والمبادرات الحكومية والمجتمعية في هذا المجال، مؤكدا أهمية تعزيز النهج الوقائي وتكامل الأدوار بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، بما يساهم في حماية حقوق الإنسان وتعزيز مكانة دولة الكويت في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي.
وتشكل جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين تهديدا عالميا، فهي من أخطر الجرائم التي ترتكب عبر الحدود الدولية، في صورة جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية، تتغذى عليها شبكات إجرامية منظمة، حيث يتم التعامل مع الإنسان على أنه مجرد سلعة مادية لجني الأرباح.
وفي هذا الشأن قامت الأمم المتحدة ممثلة بأجهزتها المعنية بإبرام العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، أبرزها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 2000 اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والبروتوكولين المقترنين بها والمكملين لها، أولهما لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، لاسيما النساء والأطفال، والثاني لمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
ويشير النظام القانوني الكويتي إلى انضمام دولة الكويت في سنة 2006 إلى هذه الاتفاقية والبروتوكولين المقترنين بها والمكملين لها، كما قامت في سنة 2013 باتخاذ التدابير التشريعية الجزائية الملائمة لمواجهة هذه الجرائم، عبر إقرارها قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
وبادرت دولة الكويت في سنة 2018 بإنشاء لجنة وطنية لمنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، تتلخص رؤيتها بكويت خالية من الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومناهضته، وبناء مجتمع واع بمخاطر هذه الظاهرة والسعي نحو القضاء عليها.
كما وقعت دولة الكويت في سنة 2023 إعلان نوايا مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، في شأن توفير إطار للتعاون والتفاهم فيما يتعلق بمسائل منع وقمع ومعاقبة جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
وتلاها في سنة 2024 توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين، تهدف إلى تبادل الآراء الفنية والاستشارية والتشاور حيال التجارب الدولية المتعلقة بتطبيق النظم والاستراتيجيات ذات الصلة بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص.
وبهذه المناسبة أعرب المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في دول مجلس التعاون الخليجي، القاضي الدكتور حاتم علي، عن اعتزازه وتقديره للشراكة الممتدة مع دولة الكويت ممثلة بلجنتها الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين ووزارتها وجهاتها المعنية منذ عقود من الزمن، في تحدي الاتجار بالبشر، سواء بمكافحته أو الوقاية منه أو رعاية وحماية ضحاياه.
ونوه الدكتور علي في تصريح لـ «كونا»، بالجهود التي تبذلها دولة الكويت للنهوض بهذا الملف الوطني، عبر بناء وتطوير قدرات العاملين في الوزارات والجهات الأعضاء في اللجنة الوطنية، بالإضافة إلى وضع الأطر القانونية والتشريعية ووضع أسس منظومة الإحالة الوطني.
أضاف: «عملنا معا على تطوير التشريع الكويتي لمكافحة الاتجار بالأشخاص والهجرة غير الشرعية، حتى أصبحت الأطر القانونية والتشريعية لدولة الكويت على أرقى المستويات والمعايير الدولية للأمم المتحدة، كما عملنا أيضا على وضع أسس منظومة الإحالة الوطني للتعاون في تنسيق وكشف وفحص الحالات المشتبه بأنها اتجار بالأشخاص، وإحالتها إلى الجهات الأمنية والقضائية المعنية، كما عملنا معا على وضع معايير الحماية والرعاية الصحية والاجتماعية والقانونية لضحايا الاتجار بالبشر».
وقال «لدينا اتفاق شراكة وتعاون موقع رسميا مع اللجنة الوطنية ونعمل الآن على وضع برنامج عمل منسق ومنهجي للسنوات المقبلة، تتمكن عبره دولة الكويت ليس فقط من تطوير منظومتها الوطنية، إنما أن تصبح نموذجا في الارتقاء بالمنظومة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية ورعاية ضحاياه».
بدوره قال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لدى البلاد مازن أبوالحسن، إن شعار هذا العام «الاتجار بالأشخاص جريمة منظمة - ضعوا حدا للاستغلال»، يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتفكيك الشبكات الإجرامية وضمان الدعم الشامل للناجين.
ورأى أبوالحسن أن دولة الكويت أظهرت التزاما راسخا بمكافحة الاتجار بالأشخاص، عبر نهج متعدد الجوانب إذ سنت تشريعات شاملة، مثل القانون «رقم 91 لسنة 2013» في شأن مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، الذي يوفر إطارا قانونيا متينا للتصدي لهذه الجرائم عن طريق تجريم جميع أشكال الاتجار بالأشخاص كما ينص على عقوبات صارمة للمخالفين.
وأفاد بأن دولة الكويت قامت فيما يتعلق بدعم الضحايا بإنشاء مراكز ايواء أحدثها مركز ايواء العمالة الوافدة للرجال، إذ يتم تقديم مساعدة شاملة لضحايا الاتجار، بما في ذلك الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي وخدمات إعادة الإدماج.
وأكد أبوالحسن أهمية بذل جهود مستدامة بالتعاون مع دولة الكويت، لمواصلة تعزيز الأطر القانونية وتوسيع خدمات دعم الضحايا، وتعزيز الوعي العام لمواكبة تطور شبكات الاتجار بالأشخاص.