
«وكالات»: كشفت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة وجّهت خلال الساعات الماضية، تحذيرات إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، من مغبة الإقدام على تنفيذ خطة احتلال كامل قطاع غزة، وذلك عبر قنوات دبلوماسية مباشرة، مشددة على «رفض مصر التام لأي عمليات موسعة أو اجتياح بري شامل لقطاع غزة، يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي المصري، ويضع معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 في مهب الريح».
وذكرت المصادر أن القاهرة تعتبر أن أي عملية عسكرية إسرائيلية بهذا الحجم، لا يمكن إلا أن تُفهم على أنها محاولة لفرض أمر واقع جديد في غزة، وهي خطوة «لن تمر من دون رد دبلوماسي مصري حازم، وقد تتبعها مراجعات على مستويات عدة، بما في ذلك الاتفاقيات الثنائية مع تل أبيب».
وتخشى مصر، التي تشترك بحدود برية مع قطاع غزة عبر معبر رفح، من أن تؤدي عملية عسكرية واسعة إلى نزوح آلاف الفلسطينيين باتجاه أراضيها، في ظل تقارير إسرائيلية وغربية عن سيناريوهات تهجير محتملة، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع وتعتبره خطاً أحمر.
ويرى مراقبون أن تنفيذ خطة بنيامين نتنياهو القاضية باحتلال غزة، يعني عملياً شن حملة عسكرية شاملة على المناطق المكتظة بالسكان في جنوب غزة، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني منذ بداية الحرب، وأن «القضاء على حماس» بهذه الطريقة لن يقتصر على البنية العسكرية للحركة، بل سيمتد حتماً إلى المدنيين، ما يعني تهجيراً واسع النطاق، أو إبادة جماعية أعنف من التي تُرتكب حالياً.
وفي حال حدوث موجة نزوح كبرى، فإن أقرب وجهة جغرافية محتملة للفارين من القصف ستكون الحدود المصرية، وهو ما يضع الدولة المصرية أمام اختبار جيوسياسي وإنساني بالغ الحساسية، يرتبط مباشرة بأمنها القومي، وتركيبتها السكانية، والتزاماتها الإقليمية. وتخشى القاهرة من أن تؤدي أي عملية عسكرية واسعة النطاق في مناطق رفح وخانيونس إلى دفع سكان هذه المناطق نحو معبر رفح، في وقت لم تُفعّل فيه أي آلية دولية لمنع هذا السيناريو أو التعامل معه في حال وقوعه.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن أمس الثلاثاء، أن إسرائيل يجب أن تُكمل «هزيمة «حركة «حماس» لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة، وذلك غداة تقارير لوسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن الجيش قد يحتل كامل القطاع.
وقال نتنياهو خلال زيارة منشأة تدريب عسكرية: «من الضروري إتمام هزيمة العدو في غزة، لتحرير جميع رهائننا، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل بعد الآن»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
ومن المتوقع أن يجتمع نتنياهو مع قادة الأمن في القدس لإصدار أوامر جديدة، بالتزامن مع اجتماع لمجلس الأمن الدولي يعقد في نيويورك لتسليط الضوء على معاناة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وأفادت «القناة الـ12» الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء سيجتمع مع رئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع. كما نقلت عن مسؤولين كبار في مكتب نتنياهو قولهم إن من بين القرارات التي ستعلن إعادة احتلال كامل لقطاع غزة.
وبحسب تقرير بثته إذاعة «كان» العامة، «يريد نتنياهو من الجيش الإسرائيلي أن يسيطر على كامل غزة».
أضاف التقرير: «أكد عدد من أعضاء الحكومة الذين تحدثوا مع رئيس الوزراء أنه قرر توسيع المعركة لتشمل المناطق التي قد يكون الرهائن محتجزين فيها».
وأعلنت صحيفة «معاريف» اليومية الخاصة أن «القرار قد اتُخذ. نحن في طريقنا لغزو كامل لغزة».
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، أن «هزيمة حماس في غزة مع خلق الظروف لعودة الرهائن، هما الهدفان الرئيسيان للحرب، وعلينا القيام بكل ما يلزم لتحقيقهما».
ولاقت الخطة التي يتم التداول بها في الإعلام، ردّ فعل غاضباً من حكومة «حماس» في غزة التي أكدت أنها لن تغيّر موقفها بشأن محادثات وقف إطلاق النار.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» حسام بدران، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الكرة في ملعب الاحتلال والجانب الأميركي. للأسف الجانب الأميركي يواصل دعم الاحتلال، وهذا فعلياً يؤخر إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى».
عالمياً، تدفع المنظمات الإنسانية للسماح بإدخال الغذاء إلى الفلسطينيين المهدّدين بـ«مجاعة جماعية»، فيما أعلنت عواصم غربية عن خطط للاعتراف بدولة فلسطين، رغم معارضة شديدة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويحاول حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم، استغلال الحرب لإعادة احتلال غزة وتشديد السيطرة على الضفة الغربية.
في نيويورك، يجري العمل على تنظيم اجتماع لمجلس الأمن الدولي للتركيز على مصير الرهائن بدلاً من المجاعة التي تلوح في الأفق، والتي يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي فيها ادعاء مبالغاً فيه.