
«وكالات»: اتسعت مساحة الغضب العالمي ضد الإجرام الذي يمارسه الكيان الصهيوني، في قطاع غزة، عقب إقدام جيش الاحتلال مساء أمس الأول الأحد،على اغتيال خمسة من صحافيي قناة «الجزيرة» في غارة إسرائيلية استهدفت خيمة للصحافيين قرب مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وسط مطالبات بتحقيق مستقل يضمن عدم إفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب.. والشهداء هم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصورون إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومساعد المصور محمد نوفل، والصحافي في منصة ساحات محمد الخالدي، الذي استشهد صباح أمس متأثراً بجراحه. وقد استهدفت الغارة منطقة معروفة بأنها مركز للنشاط الإعلامي الميداني في المدينة، حيث كان الصحافيون يتابعون التطورات الميدانية في ظل القصف الإسرائيلي المكثف.
جيش الاحتلال أقر رسمياً بتنفيذ الغارة، لكنه برر استهداف الشريف باتهامه بأنه «إرهابي» و»قائد خلية في حركة حماس» و»ينتحل صفة صحافي»، وزعم أنه كان مسؤولاً عن «هجمات صاروخية على المدنيين الإسرائيليين». هذه الاتهامات، التي لم يقدم الجيش أي أدلة ملموسة لدعمها، رُفضت من قبل قناة «الجزيرة» ومنظمات حماية الصحافيين التي وصفتها بأنها ذريعة لتبرير اغتيال أنس الشريف.
توقيت العملية جاء بعد ساعات من مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عرض فيه خطته العسكرية للسيطرة على ما تبقى من مدينة غزة والمخيمات الوسطى، تمهيداً لاحتلال القطاع بالكامل. بينما رأى مراقبون فلسطينيون وصحافيون أن استهداف خيمة الصحافيين في هذا التوقيت، يعكس نية إسرائيل القضاء على ما تبقى من الأصوات الميدانية التي تنقل وقائع الحرب للعالم.
في سياق متصل، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الاستهداف المتعمّد للصحافيين لا يحجب الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، معتبراً أن هذا الاستهداف يثبت أن الجرائم في القطاع تفوق التصوّر وسط عجز دولي عن وقف المأساة.
كما أدانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين عملية اغتيال الصحافيين في غزة، ووصفتها بأنها «جريمة بشعة» و»استهداف مقصود لإسكات الحقيقة». المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قال إن العملية تمت «مع سبق الإصرار والترصد» وهي جزء من خطة لتغطية «المذابح الماضية والقادمة».
شبكة الجزيرة أصدرت بياناً حملت فيه الجيش الإسرائيلي والحكومة المسؤولية الكاملة، واعتبرت الاغتيال «هجوماً متعمداً على حرية الصحافة». المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير إيرين خان اعتبرت أن اتهام الصحافيين بالإرهاب هو «استراتيجية لقمع الحقيقة»، ودعت إلى محاسبة المسؤولين.
من جهتها، نددت منظمة «مراسلون بلا حدود» «بشدة وغضب بالاغتيال المُقرّ به» لأنس الشريف، الذي استشهد مع 5 صحافيين آخرين. وقالت المنظمة المدافعة عن الصحافة، في بيان، إن «أنس الشريف، أحد أشهر الصحافيين في قطاع غزة، كان صوت المعاناة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة»، داعيةً إلى «تحرّك حازم من الأسرة الدولية لوقف الجيش الإسرائيلي».
من جهة أخرى، قُتل 18 فلسطينياً على الأقل، بينهم أفراد من عائلة واحدة، وأُصيب آخرون جراء غارات جوية مكثفة شنها الجيش الإسرائيلي، فجر أمس «الإثنين»، على مناطق متفرقة من قطاع غزة، حسبما أعلنت مصادر طبية في غزة لـ«وكالة الأنباء الألمانية».
وقالت المصادر إن «7 أشخاص قُتلوا في قصف منزل غرب مدينة خان يونس جنوب القطاع، في حين قُتل 3 آخرون جراء استهداف خيمة لنازحين في شارع (اللبابيدي) بمدينة غزة».
ووصف بعض سكان مدينة غزة الليلة قبل الماضية بأنها كانت إحدى أسوأ الليالي منذ أسابيع، مما أثار مخاوف من استعدادات عسكرية لشن هجوم أعمق على مدينتهم التي تقول حركة «حماس» إنها تؤوي حالياً نحو مليون شخص بعد نزوح السكان من الأطراف الشمالية للقطاع. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت نيران المدفعية على مسلحين من «حماس» في المنطقة. ولم تظهر على الأرض أي مؤشرات على توغل القوات في عمق مدينة غزة ضمن الهجوم الإسرائيلي الذي تمت الموافقة عليه في الآونة الأخيرة، والذي من غير المتوقع أن يبدأ خلال الأسابيع المقبلة. وقال عمرو صلاح (25 عاماً): «الوضع كان وكأنه الحرب بتبلش من جديد». وأضاف لـ«رويترز» عبر تطبيق دردشة: «قذايف من الدبابات على الدور، كذا دار انضربت، والطيارات كمان عملت أحزمة نارية، صواريخ كتيرة على أماكن وطرق شرق غزة».
في السياق، أدى قصف منزل إلى مقتل أم وأب و6 من أطفالهما من عائلة «ارحيم» في حي الزيتون جنوب شرقي المدينة، كما دمرت القوات الإسرائيلية مباني سكنية في شرق مدينة غزة.
تأتي الغارات في إطار تصعيد عسكري واسع بدأ منذ الساعات الأولى من الصباح، تخلله قصف جوي ومدفعي عنيف على أحياء سكنية ومخيمات للنازحين، وفق «وكالة الأنباء الألمانية
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تسجيل خمس وفيات إضافية جرّاء سوء التغذية، في خلال 24 ساعة، من بينهم طفل. يأتي ذلك وسط حرب الإبادة التي تمضي بها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023، مع العلم أنّ هدنة هشّة كانت قد دخلت حيّز التنفيذ في 19 يناير 2025 قبل أن يُستأنَف العدوان في 18 مارس 2025، أي بعد أقل ّمن شهرَين على وقف إطلاق النار الذي تخلّلته خروقات إسرائيلية عديدة.
وأفادت وزارة الصحة، في تصريح صادر أمس، بأنّ العدد الإجمالي لضحايا التجويع وسوء التغذية من الفلسطينيين في قطاع غزة ارتفع إلى 222 شهيداً، من بينهم 101 طفل، وحذّرت من تسجيل مزيد من الوفيات في ظلّ تردّي الأوضاع الصحية في القطاع المحاصر.