
بيروت - «أ.ف.ب»: شيع لبنان امس رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العميد وسام الحسن وسط مشاركة شعبية في وسط بيروت في ساحة الشهداء، المكان الرمزي «لانتفاضة 14 آذار» 2005 التي دعت الى خروج الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين سنة من التواجد.
ودعت المعارضة اللبنانية التي تتهم دمشق باغتيال الحسن انصارها الى مشاركة حاشدة في تشييع الحسن الذي دفن في الساحة نفسها الى جانب رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
وكان اغتيال الحريري في فبراير 2005 نقطة انطلاق الانتفاضة الشعبية ضد الهيمنة السورية على لبنان في ذلك الوقت.
وقال النائب احمد فتفت من كتلة تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، لوكالة فرانس برس امس «نحن ذاهبون لنودع وسام الحسن، لكننا لا نريد ان نكون مضطرين لوداع البلد».
واضاف «نحن ذاهبون لننتفض على منطق القتل والغاء الآخر والتدمير الاقتصادي. نريد دولة حقيقية ولن نقبل بانصاف حلول تحت ترهيب السلاح».
وتابع «نريد ان ننقذ ما انجزناه في 2005، لان الحكومة الحالية وخصوصا حزب الله يقومون بتدمير هذه الانجازات: سياسيا واقتصاديا وامنيا عبر محاولة اعادة بشار الاسد الى لبنان».
وقال فتفت «نريد تكريس مفهوم الدولة»، مشيرا الى ان الهدف من التجمع «قطع الطريق امام سوريا حتى لا تعود بقوة واخراج الايراني من لبنان».
وطالبت المعارضة بعد اغتيال الحسن الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي بالاستقالة، محملة اياه «شخصيا مسؤولية دم» الحسن، بسبب «الدور الذي ارتضاه لنفسه».
ويرأس ميقاتي حكومة تضم اكثرية من حزب الله وحلفائه. وتطالب المعارضة بنزع سلاح حزب الله، القوة اللبنانية الوحيدة الى جانب الدولة التي تملك ترسانة كبيرة من السلاح، معتبرة ان الحزب يستخدم هذا السلاح لفرض ارادته على الحياة السياسية.
ومن دون ان يشيرا الى سوريا بالاسم، اكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة السبت، وجود رابط بين اغتيال الحسن وكشف فرع المعلومات قبل فترة مخططا للقيام بعمليات تفجير في لبنان اتهم به الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة والمسؤول الامني السوري علي مملوك.ولم تعلق سوريا حتى الآن على الاتهامات الموجهة اليها.
و تدفق الآلاف الى ساحة الشهداء في وسط بيروت للمشاركة في تشييع العميد الحسن الذي يعزى اليه الفضل على رأس جهاز فرع المعلومات في كشف شبكات تجسس لصالح اسرائيل ومجموعات اسلامية «ارهابية» ومخطط تفجيرات في لبنان اخيرا اتهمت السلطات اللبنانية مسؤولين سوريين بالتورط فيه.
وتشاهد على الطرق المؤدية الى وسط بيروت حافلات وسيارات الصقت عليها صور للضابط الكبير الراحل تتجه للمشاركة في التجمع الشعبي.
ورفعت في الساحة صور عملاقة للراحل على خلفية العلم اللبناني مع عبارة «شهيد الحقيقة والعدالة».
وشاهدت صحافية في وكالة فرانس برس المشاركين الذين وصلوا وهم يحملون اعلاما لبنانية واعلام تيار المستقبل الذي يرئسه سعد الحريري. بينما انتشرت القوى الامنية بكثافة في المكان.
وقالت الطالبة الجامعية منال شرقاوي التي وصلت الى ساحة الشهداء لفرانس برس «هذا اليوم يشبه تماما اليوم الذي استشهد فيه الرئيس الحريري. صحيح ان السوريين انسحبوا، لكن هناك لبنانيين يعملون لصالح سوريا. الحكومة مسؤولة عما يحصل، ونريدهم جميعا ان يرحلوا».
وحذر الزعيم المسيحي ميشال عون ابرز حلفاء حزب الله، امس من تحويل التشييع الى «معركة سياسية». وقال للصحافيين «لا نريد ان ننتقل من جريمة ارتكبت في حق اللبنانيين الى زرع النزاعات بين اللبنانيين انفسهم وافاقة العصبيات المذهبية».
واضاف «لن نترك التجاوزات تتفاعل وتعمل ردود فعل بسبب محاولة البعض استثمار الجريمة الجماعية وتحويلها الى معركة سياسية».
وحذر من «تداعيات سلبية» في حال تحويل التجمع «الى شغب»، ما قد يخرجه عن سيطرة القيمين على البلد.
واصيب امس شخصان بجروح في منطقة جبل محسن العلوية في مدينة طرابلس في شمال لبنان في اطلاق نار من منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية. وشهدت المنطقتان توترا خلال اليومين الماضيين على خلفية اغتيال الحسن، اصيب خلاله خمسة اشخاص بجروح.
كما قتل بعد ساعات من شيوع نبأ الاغتيال رجل دين سني عضو في حركة التوحيد الاسلامية القريبة من حزب الله الشيعي على ايدي مسلحين غاضبين في المدينة.
وشهدت الجمعة والسبت مناطق عدة في لبنان توترا وقطع طرق احتجاجا على اغتيال الحسن، وهو ضابط سني مقرب من سعد الحريري، ابرز زعماء المعارضة.
واسفر التفجير الذي وقع في الاشرفية بسيارة مفخخة بما بين «ستين الى سبعين كيلوغراما من الـ «تي ان تي»، بحسب ما ذكر مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، عن سقوط ثلاثة قتلى هم العميد الحسن الذي رقي الى لواء، ومرافقه المؤهل احمد صهيوني، وسيدة لبنانية.
كما ادى الى اصابة 126 شخصا بجروح، بحسب الحصيلة النهائية التي اوردتها الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
واقيمت مراسم «تكريم وتأبين» عسكرية للضابط الكبير في مقر المديرية العامة لقوى الامن الداخلي قبل ان ينقل الجثمان الى جامع محمد الامين في وسط العاصمة حيث تمت الصلاة عليه».
دوليا اشار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس الى تورط «محتمل» لدمشق في الاعتداء الذي قتل فيه وسام الحسن الذي يعد خصما للنظام السوري.
وقال فابيوس لمحطة اوروبا- 1 «هذا محتمل نحن لا نعرف بعد من يقف وراءه «الاعتداء» لكن كل شىء يشير الى محاولة توسيع المأساة السورية»، متهما الرئيس السوري بشار الاسد «بمحاولة توسيع دائرة الازمة» الى الدول المجاورة لسوريا.
واضاف فابيوس «اود ان اقول اننا ندين بكل الاوجه هذا الاعتداء المروع ونتضامن مع الشعب اللبناني ومع حكومته وفكر في الرئيس «ميشيل» سليمان ورئيس الوزراء «نجيب» ميقاتي».
وقال فابيوس «اعتقد ان هذا بالتاكيد امتداد لما يحدث في سوريا، وهو ما رحيل بشار الاسد اكثر ضرورة».
واضاف ان «مصلحة بشار الاسد حاليا هي نقل عدوى الازمة لتركيا والاردن ولبنان».
واشار فابيوس ايضا الى وجود حزب الله الشيعي في الازمة السورية.
وقال ان «حزب الله موجود في الحكومة اللبنانية ولم يلاحظ له حضور في الصراع السوري لكن منذ أيام قليلة هناك وجود لمقاتلي حزب الله في الصراع، كذلك الطائرة بدون طيار التي تم ارسالها الى اسرائيل».
وتابع فابيوس «يبدو ان هناك ارادة من حزب الله ومن ايران لاثبات وجودهم بشكل واضح بجانب نظام دمشق، لكننا لا يمكن ان نوافق على ذلك».