الجزائر - «كونا»: احتفل الجزائريون امس بالذكرى الـ58 لثورة التحرير التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد لأكثر من 132 سنة. وأقيمت الليلة قبل الماضية احتفالات في كل المدن والبلديات الجزائرية حيث خرج المواطنون والمسؤولون والقيادات العسكرية وفرق الكشافة الاسلامية الجزائرية الى الساحات العمومية لرفع العلم الوطني وعزف النشيد الرسمي وتواصلت امس. كما أقيمت عدة حفلات فنية وتظاهرات ثقافية وتاريخية تكريما لروح الشهداء يبرز نضالات الشعب الجزائري وتكشف جرائم الاستعمار الفرنسي ووحشية القمع الذي كان يمارسه ضد الجزائريين.
ففي الفاتح نوفمبر 1954 قررت مجموعة من قيادات الحركة الوطنية في الجزائر تتكون من 22 شخصا تأسيس جبهة التحرير الوطني وتفجير ثورة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي خاض خلالها الشعب الجزائري كفاحا مرير من اجل الحرية والاستقلال واحدة من اكبر الثورات التحرير في القرن العشرين. وحظيت هذه الثورة العظيمة بدعم عربي واسلامي كبير خاصة من شعب دولة الكويت التي أرسلت اليها جبهة التحرير الوطني ببعثات طلابية للدراسة في جامعاتها تمهيدا لمرحلة ما بعد الثورة. وتوجت هذه الثورة التي دفع خلالها الشعب الجزائري بمليون ونصف المليون من الشهداء بتحقيق مطلب الحرية ونيل الاستقلال في الخامس يوليو 1962. وبدأت الجزائر بعدها مرحلة البناء والتشييد والقضاء على الآثار الاستعمار الفرنسي بدءا بجمع رفات الشهداء واعادة دفنهم في مقابر ومعالجة معطوبي الحرب واطلاق برامج التربية والتعليم والقضاء على نسبة الأمية والصحة واعادة الأراضي الفلاحية الى الجزائريين بعدما استعمرها الفرنسيون. وحققت الجزائر خلال فترة قصية تقدما كبيرا على كل هذه الاصعدة وباتت قوة هامة في الاقتصاد الدولي مستغلة واردات النفط وانخفضت نسبة الامية الى اقل من 20 في المئة وبلغ عدد التلاميذ الى ثمانية ملايين تلميذ وأكثر من مليون طالب جامعي يدرسون في 96 جامعة. كما نجحت الجزائر في القضاء على ما يعرف بأمراض الفقر وخاضت الجزائر معركة التحديث حيث حققت سنة 2011 الاكتفاء الذاتي في بعض المواد الفلاحية وقلصت وارداتها من الغذاء والأدوية إلى اقل من 50 في المئة من احتياجاتها. ومنذ الاستقلال عززت الجزائر علاقاتها بالدول العربية وتبوأت على الصعيد الدولي مكانة هامة في المحافل الدولية ولعبت دورا بارز في مختلف القضايا العربية والاسلامية والافريقية والدولية. وعلى الصعيد السياسي نجحت الجزائر في تحقق الاستقرار السياسي وبناء مؤسسات الدولة برغم بعض الفترات الصعبة التي مرت بها خاصة في مرحلة التسعينات عندما اندلعت أزمة أمنية عنيفة عصفت بالجزائر لأكثر من عشر سنوات. واسترجعت الجزائر منذ اعتلاء الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة سدة الحكم الاستقرار والسلم بفضل سياسية الوئام المدني والمصالحة الوطنية التي انتهجها منذ عام 1999 والتي نجحت في اعادة السلم والاستقرار الى كل ربوع البلاد.