سيول - «ا. ف. ب»: فاجأت كوريا الشمالية المعروفة بتكتمها الشديد، اعداءها امس بعملية اطلاق ناجحة لصاروخ الى الفضاء، مخالفة بذلك جميع التوقعات ومحبطة تحاليل اجهزة الاستخبارات الاكثر تطورا في العالم.
وكانت وسائل الاعلام الكورية الجنوبية اوردت الثلاثاء ان بيونغ يانغ تواجه صعوبات مثل اشعال فتيل الاطلاق وذلك بالاستناد الى صور بالاقمار الاصطناعية عرضت على محللين عسكريين ودبلوماسيين.
والاسوأ من ذلك ان وكالة الانباء الكورية الجنوبية يونهاب ذكرت ان صاروخ الاطلاق من طراز اونها 3 والمؤلف من ثلاث طبقات تم انزاله واعيد الى مركز التجميع.
ولم تورد شبكات التلفزة والاذاعة التي نقلت عنها كل وسائل الاعلام في العالم اي معلومات اخرى، حتى ان بعضها المح الى امكان تفكيك الصاروخ.
وقال يانغ مو جي الاستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول «من الصعب طبعا التكهن بما يحصل على منصة الاطلاق من خلال الاطلاع فقط على صور بالاقمار الاصطناعية. لكن ما هو الخيار الثاني للعالم؟».
لكنه يبدو ان النظام الشيوعي قام بالتضليل عمدا. فقد قرر الاثنين تمديد المهلة لاسبوع حتى 29 ديسمبر بعد ان كانت بين 10 و22 منه، لاجراء تصليحات.
وقبل بضع ساعات على اشعال فتيل الاطلاق، اعتبر المعهد الاميركي الكوري في جامعة جونز هوبكنز استنادا الى صور بالاقمار الاصطناعية ان الاطلاق لن يتم على الارجح قبل عشرة ايام.
واقر المعهد في بيان نشر على موقعه «38 نورث» امس بانه «افترضنا ان الطبقة الاولى من الصاروخ ستنقل الى مركز التجميع لاجراء اعمال تصليح. من الواضح ان الامر لم يكن كذلك، لكن لا يمكننا ان نفسر ذلك بعد».
ومع ان الولايات المتحدة هي القوة العسكرية الاولى في العالم، لكنها لا تملك على ما يبدو وسيلة لاختراق الستار الحديدي في كوريا الشمالية.
وقال يانغ مو جين «انها الدولة الاكثر انغلاقا في العالم وسيظل بامكانها ان تفاجئنا على هذا النحو طالما الشمال معزول عن الاسرة الدولية والعلاقات الحدودية «بين الكوريتين» لا تزال باردة».
وتمكنت كوريا الشمالية من الاحتفاظ بالسرية التامة طيلة يومين بعد وفاة زعيمها كيم جونغ ايل في ديسمبر 2011، قبل الاعلان عنها دون تسرب الخبر ابدا.
ووجهت كوريا الجنوبية عندها انتقادات شديدة لاجهزة الاستخبارات التابعة لها على عدم كفاءتها المفترضة.
وحتى اليابان، القوة الاستعمارية السابقة التي لا تزال علاقاتها متوترة مع شبه الجزيرة الكورية، سبقتها احداث الاسبوع خصوصا وان الصاروخ حلق فوق اراضيها على ارتفاع عال جدا على الارجح.
واضطر وزير الدفاع الياباني ساتوشي موريموتو الى الاقرار خلال مؤتمر صحافي بان حكومته اكدت زوال الصاروخ من على منصة الاطلاق.
واعتبر يانغ مو جي ان «السبيل الوحيد ليتوقع ما ستقوم به كوريا الشمالية بشكل افضل هو بالتعاون معها لكن ذلك يبدو مستبعدا تمام على ضوء ما قامت به كوريا الشمالية اليوم». من جانبها اكدت كوريا الشمالية مجددا امس «حقها الشرعي» في اطلاق صواريخ لاغراض مدنية وقالت انها ستواصل برنامجها الفضائي على الرغم من عقوبات مجلس الامن الدولي الذي تعترض على سلطته في هذا المجال.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية بعيد اطلاق صاروخ اثار استياء الاسرة الدولية «لا يهم ما يقوله الآخرون، سنواصل حقنا الشرعي في اطلاق اقمار صناعية».
وشددت وكالة الانباء الكورية الشمالية الناطقة باسم بيونغ يانغ على الطابع «السلمي» للبرنامج الفضائي الكوري الشمالي الذي يندرج في اطار خطة عامة «للبناء الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة السكان».
وانتقد «القوى المعادية» لبيونغ يانغ التي تعارض «حق استخدام الفضاء لغايات سلمية الذي يعترف به القانون الدولي ويعكس رغبة الاسرة الدولية بالاجماع».
وتابع «لذلك هذه المسألة ليست من المجالات التي يمكن لمجلس الامن الدولي ان يقول بشأنها اي شىء».
واطلق الصاروخ من مركز سوهاي «شمال غرب كوريا الشمالية»، بحسب وكالة الانباء الكورية الشمالية.
واشارت اليابان وكوريا الجنوبية الى ان الطبقتين الاوليين من صاروخ الاطلاق اونها-3 سقطتا في البحر قبالة شواطئ شبه الجزيرة الكورية بينما سقطت الثالثة قبالة سواحل الفيليبين.
واضاف البلدان ان صاروخ الاطلاق هو من طراز تايبودونغ 2 الذي يتراوح مداه بين ستة وتسعة الاف كلم. وتمت تجربة الصاروخ في يوليو 2006 ثم في ابريل 2009 وفي ابريل 2012، وذلك بعد تجربة صاروخ اقصر مدى هو تايبودونغ 1 في العام 1998.
واعتبر ماساو اوكونجي الاستاذ الفخري في جامعة كيو في اليابان ان بيونغ يانغ باتت تملك «التكنولوجيا اللازمة لتوجيه راس نووي الى هدف محدد». وصرح اوكونجي لوكالة فرانس برس ان «كوريا الشمالية تمثل الان تهديدا لجيرانها وايضا تهديدا فعليا للولايات المتحدة».
وتدعي كوريا الشمالية في الدستور الجديد الذي نشر في مايو انها قوة نووية.
الا ان الخبراء يستبعدون ان تملك قوة بالستية يمكن الوثوق بها، وان امتلاكها لقوة نووية يمكن تثبيتها على صواريخ عابرة للقارات لا يزال يتطلب وقتا طويلا
وفي رد فعل اول، نددت الولايات المتحدة التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية بعملية الاطلاق معتبرا انها «استفزاز شديد».
وصرح المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي تومي فيتور في بيان «انه استفزاز شديد يهدد الامن الاقليمي وينتهك بشكل مباشر قراري مجلس الامن الدولي 1718 و1874.. ويقوض نظام منع انتشار الاسلحة النووية».
من جهته، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «قلقه للسلام والاستقرار في المنقطة» بعد العملية التي اعتبرها «انتهاكا فاضحا» لقرارات الامم المتحدة. و عقد مجلس الامن الدولي اجتماعا امس في نيويورك بناء على طلب من الولايات المتحدة واليابان. وتعهد دبلوماسي غربي باصدار «رد فعل قوي».
وبعد ان نددت الصين ضمنا باطلاق الصاروخ، اعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي «عن الاسف لاطلاق كوريا الشمالية الصاروخ وذلك على الرغم من المخاوف الكبيرة للاسرة الدولية».
ودعت الصين حليفتها كوريا الشمالية الى «احترام قرارات» الامم المتحدة. الا ان وكالة انباء الصين الجديدة استنكرت بشدة «الخطوات والتصريحات الحربية» الصادرة من جهات عدة، ودافعت عن حق بيونغ يانغ في اكتشاف الفضاء.
في المقابل، نددت اليابان بالعمل «الذي لا يمكن السكوت عنه» بينما استنكرت كوريا الجنوبية «بشدة» عملية الاطلاق منددة ب»استفزازات» الشمال.
كما استنكرت بريطانيا الاطلاق «بشدة»، واعرب وزير الخارجية وليام هيغ عن «الاسف لان كوريا الشمالية فضلت اعطاء الاولوية لعملية الاطلاق وليس لتحسين ظروف حياة المواطنين».
واعربت روسيا عن «اسفها الشديد» لعملية الاطلاق التي «لن تساهم في تعزيز الاستقرار وسيكون لها تاثير سلبي» على الوضع في المنطقة.
كما ندد الحلف الاطلسي «بشدة» باطلاق الصاروخ الذي اعتبره الامين العام للحلف انديرس فوغ راسموسن في بيان «انتهاكا مباشرا للقرارين 1718 و1874... ومن شانه تصعيد التوتر في المنطقة وزعزعة الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. ولوح الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ. وصرحت وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون في بيان ان «الاتحاد الاوروبي سينظر في رد مناسب، بالتشاور مع شركائه الاساسيين مع الالتزام بمشاورات مجلس الامن الدولي خصوصا لجهة فرض عقوبات جديدة اضافية».
اما الهند فاعربت عن «قلقها» من اطلاق الصاروخ «الذي يؤثر على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية».
وتواجه كوريا الشمالية امكان تشديد العقوبات الدولية المفروضة عليها، الا ان الصين هددت بشكل واضح بانها ستلجا الى حق الفيتو في مجلس الامن الدولي للحد من نطاق تلك العقوبات.