الأمم المتحدة - «كونا» - أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية مساء امس الاول عن قلقهم البالغ ازاء استمرار اسرائيل في سياسة الاستيطان ونصحوا تل أبيب بعدم اضاعة الوقت والجهد مؤكدين أن المجتمع الدولي لن يعترف بأي تغييرات على حدود ما قبل 1967 مع فلسطين.
وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت يرافقه زملاؤه الألماني والفرنسي والبرتغالي في بيان صحافي بعد الاجتماع الشهري المغلق بشأن الوضع في الشرق الأوسط «اننا نشعر بقلق بالغ ونعارض بشدة خطط اسرائيل لتوسيع البناء في المستوطنات في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وخاصة خطط تطوير المنطقة «اي 1»».
وحذر من أنه اذا ما نفذت هذه الخطط فانها «تعرض للخطر امكانية قيام دولة فلسطينية مجاورة ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة والقدس كعاصمة مستقبلية لكل من اسرائيل وفلسطين».
وتكررت هذه الرسالة في تصريحات صحافية أخرى من قبل أعضاء المجلس أفرادا ومجموعات فيما عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي اجراء ازاء الخطط الاسرائيلية بسبب تهديد الولايات المتحدة باستخدام حق النقض «فيتو».
وذكر السفير البريطاني غرانت أن الدول الأوروبية الأربع في المجلس أعربت أيضا عن «خيبة أمل عميقة» من اعلان اسرائيل يوم 17 ديسمبر بشأن الموافقة على بناء 1500 وحدة سكنية في منطقة القدس الشرقية واعلانها اليوم بناء 2610 وحدات سكنية في مستوطنة «جفعات هماتوس».
وتابع «اننا نشعر بالقلق أيضا ازاء تقارير عن بناء أكثر من 1000 وحدة سكنية اضافية وراء الخط الأخضر في مستوطنات «حوما» و«جفعات زئيف»» محذرا من ان اعلانات اسرائيل بتسريع بناء المستوطنات «يبعث برسالة سلبية تقوض الثقة حول استعدادها للتفاوض».
وأوضح أن التوسع المنهجي للمستوطنات يهدد بقاء الحل القائم على دولتين وهذا هو المفتاح لأمن اسرائيل على المدى الطويل مؤكدا أن «المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وتضر أي جهود دولية لاستئناف مفاوضات السلام وضمان التوصل الى حل الدولتين».
وشدد على أن «جميع النشاطات الاستيطانية بما في ذلك في القدس الشرقية يجب أن تتوقف فورا» داعيا الحكومة الاسرائيلية الى التراجع عن هذه الخطط».
واضاف «أذكر أننا لن نعترف بأي تغييرات على حدود ما قبل عام 1967 بما في ذلك ما يتعلق بالقدس غير تلك التي اتفق عليها الطرفان».
كما دعا اسرائيل الى تجنب أي خطوة تقوض الوضع المالي للسلطة الفلسطينية وتعيق القيادة الفلسطينية على استخدام وضعها الجديد داخل الأمم المتحدة بشكل بناء بهدف استئناف المفاوضات المباشرة.
غير أن غرانت أكد أن «المسؤولية تقع أيضا على عاتق المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن لتوفير اطار على وجه السرعة ذي مصداقية لاستئناف المحادثات المباشرة» مبديا «الاستعداد للمساهمة في تجديد جهود السلام جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة وأعضاء اللجنة الرباعية وغيرهم من أصحاب المصلحة الدولية والاقليمية».
وقال ان مجموعته «الدول الأوروبية الأربعة» تعتقد أن أمن اسرائيل وتحقيق حق الفلسطينيين في اقامة دولة ليست أهدافا متناقضة «بل على العكس فهي تعزز بعضها بعضا ولكن لن يتم تحقيقها في حين لايزال بناء المستوطنات مستمرا».
من جهته قال سفير الهند هارديب سينغ بوري محاطا بالسفراء الثمانية الذين يمثلون حركة عدم الانحياز في المجلس وبينهم المغرب ان مجموعته تدين «الاعلانات الأخيرة الاستفزازية من جانب اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال لبناء 3000 وحدة استيطانية على أراض فلسطينية مصادرة في منطقة القدس الشرقية المحتلة».
وذكر أنه «من المسلم به على نطاق واسع أن أنشطة الاستيطان الاسرائيلية تهدد احتمالات تحقيق حل الدولتين على أساس حدود ما قبل العام 1967» مضيفا أن حركة عدم الانحياز ستستمر في دعوة مجلس الأمن ليضطلع بمسؤوليته تجاه ميثاق الحفاظ على السلم والأمن الدوليين بما في ذلك ما يتعلق بالصراع الاسرائيلي - الفلسطيني.
وجاء في بيان صحافي مماثل من ممثلي مجموعة «ابسا» وهي الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا أن المجموعة «تعتقد أن لدى مجلس الأمن دورا أساسيا لا غنى عنه في عملية السلام».
وفي اشارة غير مباشرة الى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر دائما درع اسرائيل في المجلس قال أعضاء «ابسا» ان «مجلس الأمن يمكن أن يسهم من خلال الدعوة الى وقف كامل للنشاط الاستيطاني والدعوة لتنفيذ قراراته وتلقي تقارير منتظمة من قبل اللجنة الرباعية حول أي تقدم محرز» في هذا الصدد.
ودعا البيان الى وقف الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية مؤكدا أن هذه «ليست تنازلا من التقدم في مسار المفاوضات وانما واجب وفقا للقرارات المختلفة لمجلس الأمن والقانون الدولي».
وأدلى سفيرا روسيا والصين بتصريحات صحافية مماثلة ولكن بشكل منفصل فيما أكد السفير الروسي فيتالي تشوركين أن هناك حاجة ملحة لعقد اجتماع للجنة الرباعية التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا.
من جانبه اعلن الاتحاد الاوروبي انه «يعارض بشدة» مشاريع اسرائيل الاخيرة «المثيرة للقلق الشديد» لبناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية معتبرا ان ذلك سيقوض عملية السلام بشكل اضافي.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان خطط اسرائيل لبناء 2610 وحدة سكنية في مستوطنة جفعات هاماتوس الى جانب 1500 وحدة اعلنت عنها في تشرين الثاني/نوفمبر في رمات شلومو ستؤدي عمليا الى عزل بيت لحم عن القدس.
واضافت اشتون في بيان صباح الامس «اعارض بشدة هذا التوسيع الاستيطاني حول القدس الذي لا سابق له».
وتابعت ان «الاتحاد الاوروبي يعارض بشكل خاص فرض خطط تقوض بشكل خطير آفاق حل متفاوض عليه للنزاع عبر تهديد فرص اقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار واعلان القدس عاصمة مستقبلية لدولتين».
وقالت اشتون «في ضوء اهدافه للتوصل الى حل على اساس الدولتين، سيواصل الاتحاد الاوروبي مراقبة الوضع عن كثب وتطوراته ويتصرف بناء على ذلك».
ودعت اشتون مجددا الطرفين الى التحلي بالحس المطلوب بالقيادة لاعادة عملية السلام الى سكتها.
من جانبه اكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة امس ان اسرائيل «ستحاسب» على «جرائم» الاستيطان في الاراضي الفلسطينية.
وقال ابو ردينة لوكالة فرانس برس «على المستوطنين وحكومة اسرائيل ان يعلموا انهم سيحاسبون على جرائم» الاستيطان متوعدا بان «كل هذه المشاريع الاستيطانية الهستيرية لن يبقى منها حجر واحد في الضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين».
وتأتي تصريحات ابو ردينة بعد اعلان اسرائيل موافقتها على خطط جديدة لبناء 523 وحدة سكنية استيطانية في جنوب الضفة الغربية في خطوة اولى لانشاء مستوطنة ضخمة جديدة.
وقال ابو ردينة «على المستوطنين وحكومة اسرائيل ان يعلموا تماما ان حدود دولة فلسطين تم تحديدها على كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 بما فيها القدس الشرقية».
واكد ان «كل ما في داخل اراضي دولة فلسطين من مستوطنات غير شرعي وغير قانوني وعلى المستوطنين وحكومة اسرائيل ان يعلموا انهم سيحاسبون على هذه الجرائم».
وتابع ابو ردينة ان «كل هذه المشاريع الاستيطانية الهستيرية لن يبقى منها حجر واحد في الضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين لذلك على الحكومة اسرائيل التراجع فورا عن هذه المشاريع الاستيطانية».
من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لفرانس برس «لم يعد امامنا مجال الا دراسة الخيارات المتعلقة بمحاسبة ومساءلة اسرائيل وفق القانون الدولي وقد بدات هذه الدراسة».
واضاف «بدأنا الدراسة القانونية لذلك على ضوء الهجوم الاستيطاني على اراضي دولة فلسطين في تجمعات اي1 وجفعات حاميتوس وراموت شالوم «الاستيطانية» وغيرها والهادفة لكي لا تكون القدس الشرقية «...» عاصمة دولة فلسطين «
وتابع «نأمل من الولايات المتحدة الا تعترض تحركنا في مجلس الامن والا توفر الحماية لاسرائيل واستيطانها في اراضي دولة فلسطين المحتلة».
واكد ان «مشاوراتنا بدأت في مجلس الامن من خلال سفيرنا في الامم المتحدة رياض منصور».
من جانبها اعربت اسرائيل صباح الامس عن خشيتها من تعرضها لاجراءات عقابية دولية بسبب قرارات البناء الاستيطاني الاخيرة في الاراضي الفلسطينية.
وذكرت الاذاعة الاسرائيلية العامة ان اسرائيل «تخشى اتخاذ اجراءات عقابية او تشكيل منظومة لمراقبة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية».
ولفتت الى ان «اسرائيل تخشى ايضا احتمال التوجه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لطلب الحصول على رأي قانوني حول مخالفات البناء الاسرائيلية للقانون الدولي».
واشارت الى ان مسؤولين في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية الاسرائيلية يعدون تقارير قانونية للتصدي للتقرير الاممي الذي سيصدر في شهر مارس المقبل حول اعمال البناء الاستيطاني.
وبينت الاذاعة ان المسؤولين الاسرائيليين يستعدون ايضا للقيام بحملات اعلامية من اجل شرح الدوافع للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.