
عواصم – وكالات: توالت ردود الافعال الدولية على خطاب الرئيس السوري بشار الاسد امس الاول والذي طرح فيه رؤيته لحل الازمة في بلاده والتي راح ضحيتها اكثر من 60 الف قتيل حتى الآن، واعتبرت معظم العواصم الغربية هذا الخطاب مرفوض بالتزامن مع رفض المعارضة له فيما غردت ايران خارج السرب مرحبة به.
فمن جانبها أعربت فرنسا عن رفضها للخطاب مؤكدة ان رحيل الاسد «شرط اساسي» للانتقال السياسي في سوريا.
وذكرت الخارجية الفرنسية في بيان امس ان «خطاب الاسد انكار للواقع وتبرير لمواصلة قمع الشعب السوري» مطالبة برحيل بشار الاسد عن السلطة لافساح المجال لحل سياسي وتحول ديمقراطي يلبي تطلعات الشعب السوري.
واضافت ان هذه «التصريحات المخادعة تأتي بعد فترة قصيرة من نشر الامم المتحدة تقريرا يسلط الضوء على الانتهاكات التي يقوم بها النظام ومواصلته لحملة القمع والقتل ضد المدنيين» مؤكدة وقوفها الى جانب الائتلاف الوطني السوري ونضاله لتحرير سوريا من قبضة النظام.
وكان الرئيس السوري ألقى خطابا امس الاول هو الاول من نوعه منذ سبعة شهور أعلن فيه رفضه الحوار مع المعارضة السورية معتبرا ان قوات الامن والجيش النظامية تقاتل «حفنة من المجرمين والتكفيريين ومعظمهم من غير السوريين الارهابيين الذين يحملون فكر تنظيم القاعدة.
وفي واشنطن ردت الولايات المتحدة الامريكية على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد مؤكدة أنه لم يقدم شيئا لدفع الانتقال السياسي في سوريا.
واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في بيان أن «كلمة بشار الأسد محاولة أخرى من قبل النظام للتشبث بالسلطة ولم تقدم شيئا لرغبة الشعب السوري في الانتقال السياسي» مضيفة أن «مبادرته «الاسد» منفصلة عن الواقع وتقوض جهود الممثل الخاص المشترك الأخضر الإبراهيمي وستسمح فقط للنظام بمواصلة القمع الدموي تجاه الشعب السوري».
وأشارت نولاند إلى أن نظام الأسد قمع لما يقرب من عامين شعبه بوحشية «و حتى عندما تحدث الأسد اليوم عن الحوار يتعمد النظام اذكاء التوترات الطائفية والاستمرار في قتل شعبه من خلال مهاجمة المدن والقرى السنية في جبل اركد وجبل التركمان في محافظة اللاذقية».
وجددت نولاند دعوة الأسد الى التنحي عن السلطة لافساح المجال لحل سياسي وتحول ديمقراطي يلبي تطلعات الشعب السوري مؤكدة استمرار الولايات المتحدة في دعم جهود فريق العمل في جنيف للتوصل لحل سياسي والذي وافقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية والجمعية العامة للامم المتحدة.
وفى انقرة قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو «إن تصريحاته ما هي إلا تكرار لما يقوله طوال الوقت». وأضاف «يبدو وكأنه حبس نفسه في غرفة ولا يقرأ سوى تقارير المخابرات التي تقدم إليه».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إن «الوعود الجوفاء بالإصلاح لا تخدع أحدا». وقال في رسالة على تويتر «القتلى والعنف والقمع المتفشي في سوريا من صنعه».
وذكرت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إن الاتحاد «سيبحث بعناية ما إذا كان الخطاب يحمل أي جديد لكننا متمسكون بموقفنا وهو أن على الأسد أن يتنحى ويسمح بانتقال سياسي».
وفي اندونيسيا أكد الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو امس على ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الاسد فورا من أجل إحلال السلام في سوريا والحفاظ على التراث الثقافي فيها. وقال المتحدث باسم القصر الرئاسي الاندونيسي جوليان الدرين باشا أن ذلك جاء خلال اجتماع الرئيس الاندونيسي مع رجال دين من السعودية واندونيسيا وماليزيا في بلدة بوقور بالقرب من جاكرتا.
وأضاف أن «الرئيس يودويونو شدد على وجوب تنحي الأسد لأن سوريا تحتاج إلى زعيم جديد يحب شعبه كثيرا وهذا من شأنه تمهيد عملية إحلال السلام وتحسن الأوضاع في سوريا».
وذكر أن سوريا بحاجة إلى السلام لإنقاذ التراث الثقافي في البلاد قائلا «كما تعرفون أن سوريا هي واحدة من المراكز الثقافية الإسلامية في العالم والحروب قد تدمر التراث السوري في حال تدهور الأوضاع».
بالمقابل قالت وسائل إعلام إيرانية امس إن إيران ترحب بالخطاب الذي نقله التلفزيون للرئيس السوري بشار الأسد مشيرة إلى أنه رفض العنف وعرض «عملية سياسية شاملة» لإنهاء الصراع السوري.
وذكرت وسائل الإعلام أن الخطاب يكشف عن خطة سلام جديدة.
وتدعم إيران حكم الأسد منذ قيام الانتفاضة قبل نحو عامين وتعتبره جزءا مهما من محور المعارضة ضد اسرائيل. وتصف إيران الكثير من جماعات المعارضة السورية بأنها عناصر «إرهابية» تدعمها دول غربية وعربية.
وقال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في بيان نقلته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية «هذه الخطة ترفض العنف والإرهاب وأي تدخل خارجي في البلاد وترسم مستقبلا للبلاد... عبر عملية سياسية شاملة».
وحث صالحي العالم وقوى المنطقة على دعم محاولات إنهاء الأزمة من خلال «حل سوري».
وتسعى الجمهورية الإسلامية للحصول على الدعم الدولي لخطة من ست نقاط لحل الصراع. وتدعو الخطة إلى وقف العنف فورا وإجراء مفاوضات تشمل كل الاطراف لتشكيل حكومة انتقالية لكنها لا تدعو إلى تنحي الأسد.
وتنظر القوى الغربية والمعارضة السورية لطهران بريبة وتقول إنها تقدم دعما عسكريا وماليا كبيرا للحكومة السورية، اما المعارضة السورية فقد اعتبرت الخطاب إعلان جديد للحرب. وقال جورج صبرا نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض لرويترز «لا يوجد شيء له قيمة في هذا الخطاب. هو فقط تكرار ممل للأفكار والطروحات السابقة ولا تستحق أن تسمى مبادرة. هذا إعلان استمرار الحرب ضد الشعب السوري».
وأضاف «الرد المناسب هو استمرار المقاومة ضد هذا النظام المرفوض واستمرار عمليات الجيش السوري الحر لتحرير سوريا حتى تحرير الأراضي السورية شبرا شبرا».
وتابع «بشار الأسد هو من ماضي سوريا وعليه الرحيل قبل أن ننفذ انتقالا سياسيا».
وينظر الكثيرون إلى الكلمة على أنها رد فعل لجهود المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي الذي يلتقي مع مسؤولين أمريكيين وروس لتضييق هوة الخلافات بين واشنطن وموسكو حول خطة للسلام. والتقى الإبراهيمي أيضا مع الأسد في سوريا أواخر الشهر الماضي. وقالت رنا قباني وهي محللة سياسية تدعم المعارضة إن الإبراهيمي يجب أن يشعر بالخجل بعد خطاب الأسد الذي تضمن رفضا لجهوده الدبلوماسية باعتبارها تدخلا غير مقبول.
من جانبه قال «تيار بناء الدولة السورية» المعارض ان الخطوات التي قدمها الرئيس بشار الأسد في خطابه اليوم لحل الأزمة في سوريا غير كافية لتكون خريطة طريق أو برنامجا لحل سياسي ينهي الأزمة التي تمر بها البلاد.
واعتبر التيار في بيان ان الصورة التي عرضها الاسد لا تعبر عن كامل حقيقة مجريات الصراع الدائر في البلاد مؤكدا أن مراحل الحل السياسي التي قدمها ليست كافية لتكون الحل المناسب الذي ينقل البلاد من حالة الأزمة والاستبداد الى حالة الاستقرار والدولة الديمقراطية.
واكد التيار رفض السوريين استخدام الوسائل العنفية في الصراع السياسي القائم على مناهضة النظام موضحا ان ذلك عبر عنه الكثيرون من خلال مظاهراتهم التي عمت معظم المدن السورية في العام الماضي والذي سبقه. وشدد على ضرورة ان تثبت السلطة مصداقيتها بالسير باتجاه حل يرضي جميع السوريين والبدء فورا باطلاق سراح جميع المعتقلين السلميين والكف عن ملاحقة الناشطين السياسيين والمدنيين واطلاق الحريات السياسية لعموم السوريين بما يكفل اتاحة المجال لتشكيل القوى السياسية المعارضة والسماح بعودة الناشطين الذين هجروا البلاد خوفا من بطش السلطات الأمنية.