
عواصم – وكالات : حمّل وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس الاول المطالبين بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية استمرار العنف في سوريا، ودعا في الوقت نفسه المعارضين إلى الحوار على أساس خطة الرئيس السوري الأخيرة، مشيرا بالاسم لأول مرة إلى التنسيقيات.
وقال المعلم إن الأمريكيين والروس لم يتوصلوا إلى اتفاق خلال لقائهم الأخير في جنيف حول سوريا، بسبب عدم وجود «فهم مشترك للمرحلة الانتقالية الغامضة» التي يبحثون فيها.
وأضاف أن «الجانب الأمريكي يتمسك بأن المنطلق هو التغيير في النظام السياسي، بمعنى تنحي سيادة الرئيس، وأنهم يتجاهلون حقيقة أن قبطان السفينة عندما تهتز لن يكون أول من يغادر».
وتابع «طالما أن الجانب الأمريكي وأطراف المؤامرة، ومنهم بعض السوريين يتمسكون بهذا الشرط، فهذا يعني أنهم يريدون استمرار العنف وتدمير سوريا والسير بمؤامرة عليها».
ودعا المعلم إلى الحوار على أساس برنامج الحل السياسي الذي طرحه الرئيس السوري في السادس من /يناير، والذي يقوم على عقد مؤتمر حوار وطني بدعوة من الحكومة الحالية، يتم التوصل خلاله إلى ميثاق وطني يطرح على الاستفتاء.
وتشكل في مرحلة ثانية حكومة، وصفها المعلم بـ»الانتقالية»، تشرف على انتخابات برلمانية، ويلي هذه الانتخابات تشكيل حكومة جديدة على أساس دستور جديد.
وقال المعلم إن الأسد طرح برنامجه «لقطع الطريق على مبادرات من الخارج بدأت تهبط علينا بالمظلات»، كما أوضح أن الحكومة الحالية مكلفة بـ»المرحلة التحضيرية» التي ستسبق عقد المؤتمر الوطني والتي قدر أن تستغرق حوالي شهرين أو ثلاثة.
وأشار إلى أن الحكومة السورية التي كلفها الأسد بوضع «برنامج متكامل» للعناوين التي طرحها، عقدت اجتماعين، وشكلت لجنة وزارية مصغرة بدأت اتصالاتها «مع كل مكونات المجتمع السوري».
وأكد أن الحكومة ستقدم «لمن يشاء الاشتراك في الحوار الوطني «من الخارج» ضمانات بدخول سوريا ومغادرتها من دون أي مشكلة».
وأبدى عدم تشاؤمه، ودعا إلى الحوار مع «من حمل السلاح من أجل الإصلاح»، قائلا «الإصلاح آت وأبعد مما تطالب به، فتعال وشارك».
وأضاف «أخص بذلك التنسيقيات، جيل الشباب، لأن هذا البرنامج لهم. من حمل السلاح من أجل المال أقول له سامحك الله، أنت تدمر البلد من أجل حفنة دولارات، تعال شارك في بنائها. أما من حمل السلاح دفاعا عن عقيدة فليس في سوريا له مكان»، في إشارة إلى الإسلاميين المتطرفين.
وهي المرة الأولى التي يسمي فيها مسؤول سوري طرفا معارضا بالاسم ويدعوه إلى الحوار. والتنسيقيات من أبرز مكونات «الحراك الثوري» على الأرض، وهي تقوم بالتعبئة والترويج الإعلامي «للثورة»، وقد نشأت تنسيقية لكل منطقة تقريبا في سوريا، ولها أنشطة كثيرة على الأرض.
من جهة أخرى، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله في عمان للسناتور ماكين من تداعيات الأوضاع الخطيرة في سوريا على المنطقة و»حالة الفراغ الذي قد تستغله العناصر المتطرفة لتنفيذ أجنداتها».
بالمقابل بدأ قادة المعارضة السورية امس الاول محاولة ثانية لتشكيل حكومة انتقالية مما يضع مصداقية المعارضة على المحك مع انزلاق البلاد أكثر في أتون الحرب الأهلية.
ويمكن أن يساعد الاتفاق داخل الائتلاف الوطني -الذي يجمع المعارضة السورية- على تهدئة بواعث القلق الدولية تجاه احتمال تفكك سوريا على أسس عرقية وطائفية في حالة سقوط الرئيس السوري بشار الاسد.
وقد يسلط الفشل في المحادثات التي تعقد في احد فنادق اسطنبول الضوء على الانقسامات داخل الائتلاف الذي تشكل قبل شهرين في قطر بدعم من الغرب كما يمكن ان يقوض هذا الدعم.
وقال المعارض البارز وعضو الائتلاف كمال اللبواني ان الائتلاف بحاجة إلى اختيار رئيس وزراء على الاقل للحفاظ على مصداقيته كبديل ديمقراطي لأربعة عقود من حكم الاسد وأبيه الرئيس الراحل حافظ الاسد.
وقال اللبواني وهو واحد من الاقلية الليبرالية في الائتلاف الذي يهيمن عليه اسلاميون «الائتلاف هيئة تشريعية وهو بحاجة إلى كيان تنفيذي. وقعت أخطاء كثيرة والشعب في الداخل الذي يفترض أننا نمثله يشعر بالتهميش.»
ومع تصاعد الصراع بين السنة والشيعة بعد انتفاضات الربيع العربي التي اطاحت بحكام مستبدين في اربع دول فإن انهيار الدولة في سوريا قد يجر القوى المتنافسة في المنطقة إلى الصراع كما أنه قد يعزز الصعود السياسي للاسلاميين.
وادى صعود المسلحين الجهاديين خلال الاشهر القليلة الماضية كقوة مهيمنة في المعارضة المسلحة وامكانية إقدام الأغلبية السنية على رد فعل انتقامي ضد الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد إلى احجام القوى الدولية عن دعم المعارضة التي تزداد تشددا.
ومع تراجع الامال في التوصل إلى اتفاق لتنحي الاسد يتعين ان يكون اختيار اي رئيس للوزراء موضع قبول من جانب المعارضة التي تحقق مكاسب ميدانية على الرغم من القصف الجوي والمدفعي.
وكان تعيين حكومة انتقالية جزءا من الاتفاق الاصلي الذي تشكل على اساسه الائتلاف العام الماضي.
لكن مصادر مختلفة في المعارضة قالت إن بعض قادة المعارضة تزايد قلقهم خوفا من تأثير القوى الغربية على الوضع بما قد يؤدي إلى تشكيل حكومة يمكن ان تتفاوض مع الاسد وتترك الدولة القمعية التي تحكمها الاقلية كما هي.
وقالت مصادر بالمعارضة ان جماعة الاخوان المسلمين القوية -وهي القوة السياسية الوحيدة المنظمة في صفوف المعارضة- تعارض تشكيل حكومة في الوقت الحالي على الرغم من ان اعضاء مدعومين من العرب والغرب في الائتلاف يريدون تشكيل مثل هذه الحكومة.
وتشكل الائتلاف الذي يضم 70 عضوا بدعم غربي وخليجي في قطر في بداية ديسمبر. وبرز صراع القوى بسرعة بين اعضاء الائتلاف وهو ما انعكس في المحاولات الفاشلة لتشكيل حكومة انتقالية.
وقال اللبواني - السجين السياسي السابق - ان الحكومة الانتقالية لن تتفاوض على اي اتفاق يبقي الاسد في السلطة. وقال انه سيرشح رئيس الوزراء السابق رياض حجاب وهو ارفع مسؤول ينشق على الاسد منذ بداية الانتفاضة ليكون رئيس الوزراء الانتقالي القادم.
ورفض اللبواني المخاوف لدى المعارضة من ان حجاب كان يعمل لسنوات في خدمة نظام الاسد.
وقال «لا أعرف ما هي المشكلة. حجاب مؤهل وهو الان يخدم الثورة. لدينا بالفعل مئات من المنشقين في الجيش السوري الحر.»
ومن الممكن ان ينافس حجاب على المنصب اسعد مصطفى الذي فر من سوريا بعد ان كان وزيرا للزراعة تحت حكم حافظ الاسد.
لكن عضو الائتلاف عبد الاحد اصطيفو -وهو واحد من ثلاثة مسيحيين في الائتلاف- قال ان هناك امورا اكبر يجب حلها اولا.
وقال «تلقينا بالفعل الكثير من الوعود بأننا بمجرد أن نتحد سنحصل على دعم دولي. جاءنا القليل جدا وللاسف المجتمع الدولي ليس مستعدا لإنهاء نظام الأسد.»
واضاف «اذا شكلنا حكومة فعلينا ان نضمن اولا انها ستلقى الاعتراف الدولي وأنها ستحصل على ما يكفي من التمويل وانها ستتمكن من العمل في المناطق المحررة في سوريا
ميدانيا، تستمر أعمال العنف على وتيرتها التصعيدية في سوريا ويتشعب النزاع، إذ شهدت الساعات الماضية معارك دامية في منطقة حدودية مع تركيا بين معارضين للنظام السوري مسلحين ومقاتلين أكراد، في وقت دعت منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة إلى تحييد الأطفال عن هذا النزاع المدمر المستمر منذ 22 شهرا.
فقد قتل 33 شخصا، غالبيتهم من المقاتلين المعارضين للنظام السوري، في الاشتباكات الجارية منذ أكثر من 48 ساعة، بين مجموعات مسلحة ومقاتلين أكراد في منطقة راس العين الحدودية مع تركيا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت.
وقتل 93 شخصا في أعمال عنف السبت في مناطق مختلفة من سوريا، بينهم 11 طفلا و26 عنصرا من قوات النظام و18 مقاتلا معارضا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم 5 أفراد من عائلة واحدة في محافظة الرقة «شمال»، و6 أشخاص كانوا يشاركون في عرس في دمشق نتيجة القصف.
وقصف الطيران الحربي مدن وبلدات دوما والغوطة الشرقية في ريف دمشق، حيث قتل السبت 18 شخصا، هم 16 مدنيا ومقاتلان معارضان.
كما شهدت مناطق في حمص وادلب وحماة ودير الزور ودرعا وحلب غارات جوية.
ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المعارضة على الطريق الدولي بين بلدة حيش ومدينة خان شيخون الواقعة على بعد حوالى 25 كيلومترا من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في ادلب، التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون منذ تشرين الأول/اكتوبر.
كما اغتال مسلحون الشيخ خالد الهلال، عضو لجنة المصالحة الوطنية في محافظة درعا وثلاثة من مرافقيه على طريق الشهيب- تل أصفر.
وشكل النظام بعد اندلاع الحركة الاحتجاجية ضده لجاناً للمصالحة الوطنية في مختلف المناطق، في محاولة لاستيعاب الحركة المناهضة له.
ونددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في بيان السبت، بمقتل مدنيين في النزاع في سوريا، وخصوصا الأطفال الذين قتل العشرات منهم خلال الأسبوع الماضي، في عمليات قصف.
وجاء في البيان أن «سلسلة من التقارير الواردة من سوريا هذا الأسبوع تؤكد أن الأطفال يدفعون ثمنا باهظا» في النزاع الذي أوقع، بحسب الامم المتحدة، أكثر من 60 ألف قتيل منذ اندلاعه في منتصف /مارس 2011.
ونقل عن مديرة اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ماريا كاليفيس قولها إن «اليونيسف تدين الأحداث الأخيرة بأشد العبارات، وتكرر دعوة جميع الأطراف إلى ضمان حماية المدنيين، وخصوصا الأطفال، وتجنيبهم تأثيرات الصراع».