
عواصم - «وكالات» -- أعلنت سوريا ان طائرات حربية اسرائيلية شنت الليلة قبل الماضية غارة على أحد مراكز البحث العلمي بريف دمشق ما أدى الى مقتل اثنين واصابة خمسة اخرين ووقوع اضرار مادية كبيرة.
وذكر بيان صادر من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة ونقلته وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» «ان طائرات اسرائيلية قامت باختراق مجالنا الجوي فجر الأول امس وقامت بقصف احد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة «جمرايا» بريف دمشق» وأضاف البيان ان الطائرات الحربية الاسرائيلية قامت بالتسلل من منطقة شمال مرتفعات «جبل الشيخ» بارتفاع منخفض وتحت مستوى الرادارات وقامت بقصف الموقع ما تسبب بوقوع اضرار مادية كبيرة وتدمير المبنى واستشهاد اثنين من العاملين فى الموقع واصابة خمسة اخرين قبل ان ينسحب الطيران المعاد بنفس الطريقة التي تسلل بها.
ونفى البيان ماذكرته بعض وسائل الاعلام بأن تلك الطائرات قامت باستهداف قافلة كانت متجهة من سوريا الى لبنان.
هذا وقد توالت ردود الافعال الدولية المستهجنة لهذه الغارة ، ودانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية العدوان الاسرائيلي وندد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي في بيان صحافي امس بهذا الاعتداء الاسرائيلي السافر واعتبره انتهاكا واضحا لاراضي دولة عربية ولسيادتها وذلك بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي وخرقا للاتفاقيات والمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وطالب العربي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووضع حد لتمادي اسرائيل في اعتداءاتها على الدول العربية مؤكدا على أن صمت المجتمع الدولي عن قصف اسرائيل لمواقع سورية في الماضي شجعها على المضي في العدوان الجديد مستغلة تدهور الاوضاع السياسية والأمنية في سوريا للاقدام على هذا العمل الاجرامي.
وأكد على ضرورة تحميل اسرائيل المسؤولية الكاملة لنتائج عدوانها وحق سوريا في الدفاع عن أرضها وسيادتها والمطالبة بالتعويضات الكاملة الناجمة عن الخسائر المادية والبشرية التي تسبب فيها هذا العدوان.
من جانبها عبرت روسيا امس عن قلقها من أنباء عن وقوع هجوم جوي إسرائيلي داخل سوريا قرب العاصمة دمشق وقالت إن أي خطوة من هذا النوع إذا تأكد صحتها ستصل إلى حد تدخل عسكري غير مقبول في البلاد.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «إذا تأكدت صحة هذه المعلومات فإننا نتعامل بهذا مع هجمات غير مبررة على أهداف داخل أراضي دولة ذات سيادة وتمثل مخالفة صارخة لميثاق الأمم المتحدة وغير مقبولة بغض النظر عن مبررات دوافعها.»
وتحاول روسيا حماية الرئيس السوري بشار الأسد من الضغط الدولي لإنهاء الحرب التي يخوضها مع قوات المعارضة والتي دمرت البلاد على مدى 22 شهرا وأسفرت عن سقوط ما يقدر بنحو 60 ألف قتيل. وعارضت موسكو مرارا أي تدخل اجنبي في سوريا خاصة التدخل العسكري
من جانبه أدان حزب الله اللبناني امس الهجوم ووصفه بأنه محاولة لتقويض القدرات العسكرية العربية وتعهد بالوقوف الى جانب الرئيس السوري بشار الاسد.
وأعلن الحزب في بيان تضامنه الكامل مع سوريا.. قيادة وجيشا وشعبا.
وقالت مصادر لرويترز إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت قافلة على الحدود السورية اللبنانية مستهدفة على ما يبدو أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله في هجوم اعتبره البعض تحذيرا لدمشق من تسليح الجماعة اللبنانية المعادية لإسرائيل.
واتهم التلفزيون الحكومي السوري اسرائيل بقصف مركز ابحاث عسكري في جمرايا بين العاصمة والحدود القريبة لكن مقاتلين سوريين معارضين كذبوا ذلك وقالوا ان قواتهم هاجمت الموقع.
وقال دبلوماسي غربي «الهدف كان شاحنة محملة بالأسلحة متوجهة من سوريا إلى لبنان» مضيفا أن الشحنة تشتمل على ما يبدو صواريخ مضادة للدبابات. واتفق في تصريحاته مع اخرين قالوا ان حمولة القافلة ربما كانت تضم صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ طويلة المدى. واستبعدت مصادر عديدة وجود اسلحة كيماوية والتي اثارت اسرائيل مخاوف بشأنها.
وقالت مصادر دبلوماسية من ثلاث دول لرويترز ان من المعتقد ان هناك اسلحة كيماوية مخزنة في جمرايا وان من المحتمل ان القافلة كانت قرب الموقع حين تعرضت للهجوم. لكن لا توجد تلميحات الى ان العربات نفسها كانت تحمل اسلحة كيماوية.
وجاءت الغارة الليلية بعد تحذيرات من أن إسرائيل مستعدة للتحرك للحيلولة دون أن تؤدي الانتفاضة ضد الرئيس السوري إلى وصول أسلحة كيماوية أو صواريخ حديثة إلى حزب الله حليفه أو إلى أعدائه الإسلاميين.
وقال مصدر من مقاتلي المعارضة السورية المسلحة الذين يحاربون الأسد إن ضربة جوية وقعت عند الفجر تقريبا فجرت القافلة على طريق جبلي يبعد حوالي خمسة كيلومترات إلى الجنوب من طريق دمشق بيروت الدولي. وكانت الشاحنة محملة على ما يبدو بصواريخ متقدمة فنيا مضادة للدبابات ومضادة للطائرات لكنها لا تشتمل على أسلحة كيماوية.
وقال المصدر إن الطائرات «هاجمت شاحنات تحمل أسلحة متقدمة من النظام إلى حزب الله» مضيفا أن الهجوم وقع داخل سوريا رغم أن الحدود ليست واضحة بشكل جيد في المنطقة.
وقال التلفزيون الحكومي السوري ان شخصين قتلا في غارة عند الفجر على موقع عسكري في جمرايا في شريط اتساعه 25 كيلومترا بين دمشق والحدود اللبنانية. ووصفه بأنه «احد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس».
ولم يتحدث التلفزيون عن رد محدد لكنه قال ان «هذه الاعمال الاجرامية» لن تضعف سوريا ودورها ولن تثني السوريين عن مواصلة مساندة حركات المقاومة والقضايا العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لكن مصادر المقاومة السورية ومنها قائد في منطقة دمشق اتهموا السلطات بالكذب وقالوا ان الهجمات الوحيدة في جمرايا كانت هجمات بالمورتر من جانب مقاتلي المعارضة.
وقال مسؤول أمن إقليمي أيضا إن الهجوم استهدف أسلحة قدمها الجيش السوري لحزب الله حليف إيران المتحالفة مع سوريا أيضا.
وقال المصدر «هذا الهجوم بمثابة تحذير من إسرائيل لسوريا وحزب الله من الانخراط في نقل أسلحة حساسة.»
وتابع «الأسد يعرف أن بقاءه يعتمد على قدراته العسكرية وإنه لا يريد تحييد هذه القدرات على أيدي إسرائيل - وعليه فإن الرسالة هي أن عمليات نقل السلاح هذه ببساطة لا تستحق العناء سواء بالنسبة له أو بالنسبة لحزب الله.»
وفي ضوء السرية الرسمية التي تكتنف الحادث لم يؤيد التفاصيل القليلة سوى عدد من المصادر. وتحدث جميع من كان لديهم علم بالحادث- وهم من عدة بلدان- مشترطين عدم الكشف عن شخصياتهم.
ولم يصدر أي تعليق من الحكومة الإسرائيلية. وقال تلفزيون المنار التابع لحزب الله ان الطائرات الحربية الاسرائيلية شنت غارات استطلاعية فوق جنوب لبنان مساء الاربعاء بالقرب من الحدود السورية.
ورفضت الولايات المتحدة حليفة إسرائيل الإدلاء بأي تعليق. ونفى مصدر أمن لبناني تعرض أرض لبنان لأي هجوم رغم أن الجيش اللبناني أفاد أن طائرات إسرائيلية حلقت بشكل مكثف فوق أراضي لبنان طوال الليل بعد أيام من حوادث الاختراق الجوي المتكرر على نحو غير مألوف.
وتتفق هذه الضربة المزعومة مع سياسة إسرائيل الحالية القائمة على التحرك الاستباقي السري والعلني لكبح جماعة حزب الله المدعومة من إيران ولا تشير بالضرورة إلى تصعيد كبير للحرب في سوريا.
لكن الهجوم يشير مع هذا إلى ان اسرائيل ترى تهديدا في التآكل الذي حدث لحكم عائلة الأسد بعد 42 عاما في السلطة.
وكررت اسرائيل هذا الأسبوع مخاوف في الولايات المتحدة بشأن الأسلحة الكيماوية السورية إلا أن المسؤولين يقولون إن القلق الآني هو ان تؤدي الحرب الأهلية إلى وصول أسلحة قادرة على الحد من تفوق إسرائيل الهائل في القوة الجوية والدبابات إلى حزب الله الجماعة التي حاربت إسرائيل في عام 2006 ولا تزال تشكل تهديدا أكثر إلحاحا من تهديد سوريا وإيران اللتين تدعمان الجماعة.
وقال مسؤولون اسرائيليون انهم يخشون من ان يفقد الاسد قبضته على بعض الاسلحة الكيماوية بما فيها الموجودة في مناطق حول دمشق لصالح جماعات معارضة قد تكون معادية لاسرائيل. وقالت مصادر أمريكية واوروبية لرويترز انها تثق في انه لم تكن هناك اسلحة كيماوية في القافلة التي تعرضت لهجوم. وقد يكون الهجوم الذي وقع يوم الاربعاء انتهازا سريعا لفرصة سنحت. لكن تيارا من التصريحات الإسرائيلية بشأن سوريا في الأيام القليلة الماضية ربما كان يستهدف الحد من عنصر المفاجأة لدى العواصم العالمية.
وقال قائد القوات الجوية الإسرائيلية قبل ساعات من الهجوم إن قواته التي تمتلك مجموعة من القاذفات الحديثة وطائرات الهليكوبتر الهجومية وطائرات بدون طيار منخرطة في «حملة بين الحروب» خفية. وقال الميجر جنرال عمير إيشل أمام مؤتمر يوم الثلاثاء «هذه حملة يومية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع على مدار العام.» وتابع «نتحرك لتقليص التهديدات المباشرة ولتهيئة شروط أفضل نكون قادرين خلالها على كسب الحروب عند اندلاعها.»
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يستعد لتشكيل حكومة اتئلافية جديدة بعد الانتخابات في الاجتماع الأسبوعي لحكومته يوم الأحد إن إيران والاضطرابات في العالم العربي تعني أن إسرائيل يجب أن تكون قوية.
وقال «في الشرق والشمال والجنوب.. كل شيء يثور ويجب أن نكون مستعدين وأقوياء ومصممين على مواجهة كل التطورات المحتملة.»
ورفض إسرائيل التعليق يوم الأربعاء هو مسألة مألوفة في هذه الحالات. وعلى سبيل المثال لم تعترف اسرائيل قط بهجوم جوي على موقع نووي سوري مشتبه به في عام 2007 رغم تأكيد الولايات المتحدة انه حدث.
وربما ضمنت إسرائيل بعدم اعترافها بالهجوم عدم شعور الأسد بأنه ملزم بالرد. ولم تفعل سوريا شيئا يذكر على مدى 40 عاما سوى استخدام لغة حرب مع إسرائيل