
باريس - «وكالات»: دعا وزير الخارجية الليبي الحلفاء الغربيين والعرب امس الاول إلى تقديم يد العون لإحكام الرقابة على حدود بلاده لمنع المتمردين الإسلاميين المهزومين من القدوم من مالي مما يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في ليبيا.
وتخشى حكومة طرابلس التي تكافح بالفعل لفرض الأمن بعد عامين من الإطاحة بمعمر القذافي من أن يسعى مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة الى اللجوء لأراضيها الصحراوية الشاسعة بعدما يخرجهم هجوم تقوده فرنسا من مالي.
وبالفعل استغل العديد من الجماعات الإسلامية وجماعات انفصالية متمردة الفوضى المحيطة بالقتال في مالي والاطاحة بالقذافي وحكام مستبدين آخرين في انتفاضات الربيع العربي لبناء ترساناتها من الأسلحة والتحرك بحرية عبر الحدود غير المحمية في شمال أفريقيا وغربها.
وكان تدفق مقاتلين قبليين جرى تسليحهم أصلا في ليبيا أحد الأسباب التي أدت إلى أزمة مالي- حيث سيطرت جماعات متمردة على ثلثي شمال البلاد العام الماضي مما أثار مخاوف من أن يحولوا المنطقة إلى قاعدة تنطلق منها هجمات المتشددين.
وقال وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز بعد اجتماع في باريس مع مسؤولين من الدول التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي إنه لا بد من إغلاق الحدود لمنع المتشددين من العودة إلى ليبيا.
واستضافت فرنسا اجتماعا لوفود من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول عربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لبحث سب تحقيق الاستقرار في ليبيا ولكن لم يتقرر شيء ملموس على ما يبدو.
وقال عبد العزيز متحدثا لرويترز إنه حصل على تعهدات من فرنسا وبريطانيا وتركيا وبلدان أخرى بتقديم دعم فني ومعدات لكنه قال إنه لا بد من بذل المزيد لتأمين حدود بلاده البالغ طولها أربعة آلاف كيلومتر.
وتابع وزير الخارجية الليبي قائلا إن بلاده لا تستطيع إرسال أناس مدربين بدون تكنولوجيا متقدمة للاستطلاع أو بدون حراسة مناسبة للحدود حيث لن يكون تأمينهم ممكنا.
وأضاف أنه لا بد من الاتفاق لاحقا فيما بين طرابلس وتلك الدول على الخدمات التي يجب أن تدفع ثمنها ليبيبا وتلك التي يمكن أن تحصل عليها بالمجان.
وقال عبد العزيز إنه لم تتوافر أدلة بعد على أن المتمردين عبروا إلى ليبيا بالفعل عن طريق الجزائر.
ورفض كذلك تقديم تقديرات لتكلفة حماية الحدود. وأرست السعودية في عام 2009 عقدا قيمته مليار دولار لإقامة سياج من الأسلاك الشائكة على حدودها مع العراق البالغ طولها 900 كيلومتر.
وأدى قرار فرنسا التدخل في مالي إلى توترات في المنطقة حيث هدد إسلاميون متشددون بمهاجمة المصالح الفرنسية والغربية. وقتل مسلحون مرتبطون بالقاعدة 38 شخصا معظمهم رهائن أجانب الشهر الماضي عندما سيطروا على محطة للغاز في الجزائر انتقاما من التدخل الفرنسي. ودخل بعض المسلحين الجزائر من جنوب ليبيا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في الاجتماع في باريس «جميعنا مقتنعون بأن مسألة الأمن تخص كل هذه البلدان المجاورة». وأضاف «بمساعدة ليبيا على تحقيق الأمن فإننا نساعد على تحقيق أمننا».
وتشعر الدول الأوروبية التي من المقرر أن ترسل بعثة إلى ليبيا لإدارة الحدود بحلول بونيو بقلق ايضا على الأوضاع الأمنية داخل ليبيا.
وحثت تلك الدول رعاياها على مغادرة مدينة بنغازي في شرق ليبيا يوم 24 يناير بعد أن أشارت بريطانيا إلى تهديد «محدد ووشيك» للغربيين بعد هجوم الجزائر.
وأثارت مطالبة الغربيين بمغادرة ثاني كبرى المدن الليبية غضب الليبيين الذين يتطلعون إلى الفوز باستثمار أجنبي لإعادة بناء البنية التحتية المحطمة وإعطاء دفعة لصناعة النفط بعد الثورة.
وعلى صعيد غير بعيد استأنفت ليبيا امس الاول ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية بتسليم عبد الله السنوسي رئيس مخابرات الزعيم الراحل معمر القذافي للمحكمة قائلة انها قادرة على محاكمة مسؤولي نظام القذافي في ليبيا.
وقال قضاة المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي إنه يجب على ليبيا تسليم السنوسي لدوره المزعوم في تدبير أعمال انتقامية ضد المحتجين في انتفاضة 2011 التي أطاحت بالقذافي.
وأضاف القضاة أنهم سيقررون لاحقا كيفية الرد إذا استمرت ليبيا في احتجاز السنوسي. وللمحكمة سلطة إحالة الأمر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال المحامي الليبي أحمد الجهني الذي يعد همزة الوصل بين الحكومة الليبية والمحكمة الدولية إن ليبيا ستستمر في المطالبة بحقها في محاكمة السنوسي.
وقال الجهني لرويترز وهو يتصفح أوراق الاستئناف إن ليبيا أكملت يوم الثلاثاء الأوراق المطلوبة للاستئناف بعد أن أمرت المحكمة بتسليم السنوسي.
وأضاف أن ليبيا ستستمر في عملية الاستئناف كي تبرهن انها تريد أن تكون جزءا من المجتمع الدولي وأن ليبيا القديمة لم تكن لتكترث بالأمر.
وأمر قضاة المحكمة الدولية ليبيا الاسبوع الماضي بتسليم السنوسي والسماح له بمقابلة محاميه مما زاد من حدة خلاف بشأن الجهة التي يحق لها محاكمة كبار مساعدي الزعيم الراحل.