
عواصم – وكالات : قالت الشرطة الإسرائيلية امس إن صاروخا أطلق من قطاع غزة وانفجر خلال ساعات الصباح الأولى قرب مدينة عسقلان جنوب إسرائيل. ويأتي ذلك بعد وفاة الأسير الفلسطيني عرفات جرادات في السجون الإسرائيلية، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اتخاذ إجراءات واتهام إسرائيل بجر البلاد إلى الفوضى.
وأشارت الشرطة الإسرائيلية إلى أن الانفجار ألحق أضرارا مادية طفيفة دون إحداث أي إصابات، وقالت إن إطلاق الصاروخ يعد الأول من نوعه منذ العملية التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في نهاية العام الماضي في غزة، ولم يعلن أي نشطاء في غزة مسؤوليتهم بشكل فوري عن الهجوم.
وكان أربعة فلسطينيين قتلوا وأصيب قرابة 80 آخرين في حوادث إطلاق نار إسرائيلية تعتبرها الفصائل الفلسطينية خرقا لاتفاق التهدئة الذي بدأ سريانه يوم 21 نوفمبر الماضي برعاية مصرية.
وعقب تصعيد الاحتجاجات في الضفة الغربية على خلفية وفاة الأسير عرفات جرادات في السجون الإسرائيلية يوم السبت الماضي، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجتماعات أمس الاول مع قادة الأجهزة الأمنية، واتهم تل أبيب بجر البلاد للفوضى.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا» إن قرارات وإجراءات اتخذت في الاجتماعات الأمنية لحفظ الأمن في الأراضي الفلسطينية.
وحسب الوكالة، فإن عباس استمع لشرح من قادة الأمن بشأن الأوضاع الأمنية بالأراضي الفلسطينية والجهود المبذولة لضمان أمن الشعب الفلسطيني، و»أعطى تعليماته بحفظ أمن وأمان الوطن». واتهم الرئيس الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي بما وصفه بتوتير الأوضاع وجر المنطقة إلى مربع الفوضى، لافتا إلى أن «السياسة الأمنية الفلسطينية أثبتت نجاحها في عدم الانجرار وراء سياسات الاحتلال والحفاظ على أمن ومصالح شعبنا».
وأفاد المراسل بأن تصريح الرئيس الفلسطيني تزامن مع ظهور مسلح لعناصر كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، خلال تشييع جثمان الشهيد عرفات جرادات في بلدة سعير شمال شرق مدينة الخليل، وبيان لها حث على مقاومة الاحتلال.
وشارك آلاف الأشخاص أمس الاول في جنازة جرادات الذي اثارت وفاته في سجن إسرائيلي مخاوف في إسرائيل من اندلاع انتفاضة جديدة في أجواء من التوتر الشديد وسط هتافات تدعو إلى الثأر.
وأطلق مسلحون فلسطينيون ملثمون النار في الهواء اثناء الجنازة..
وقالت مصادر طبية إسرائيلية وفلسطينية إن الشرطة الإسرائيلية اطلقت الرصاص فأصابت خمسة شبان فلسطينيين بجروح اثناء مواجهات في بيت لحم وخارج سجن بالضفة الغربية. واضافت المصادر ان بين المصابين فتى عمره 15 عاما في حالة حرجة.
وزاد التوتر في الضفة الغربية بعد وفاة عرفات جردات يوم السبت وإضراب أربعة سجناء فلسطينيين آخرين عن الطعام بعد اشتباكات متكررة في الأيام القليلة الماضية بين القوات الاسرائيلية وفلسطينيين يقذفونها بالحجارة.
واتخذت القوات الإسرائيلية التي وضعت في حالة تأهب مواقع خارج قرية سعير مسقط رأس جردات على مسمع من دوي نيران أسلحة الملثمين الستة الذين كانوا يرتدون ملابس عسكرية.
وهتف المشيعون «بالروح والدم نفديك يا شهيد».
وفي مناطق اخرى بالضفة الغربية اصيب شبان فلسطينيون اخرون بطلقات مطاطية ومن استنشاق الغاز المسيل للدموع اثناء أحدث مواجهات في اسبوع من الاشتباكات. وقال أطباء إن بعضهم أصيبوا بأعيرة نارية لكن الجيش قال إنه لم يستخدم سوى أسلحة غير مميتة.
وأعادت تلك المشاهد إلى الأذهان الانتفاضة التي بدأت عام 2000 واستمرت سبعة أعوام بعد فشل محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وحذر وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلي افي ديختر من أن انتفاضة اخرى قد تندلع إذا أسفرت المواجهات مع المحتجين الفلسطينيين عن سقوط قتلى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات الفلسطييين رشقوا جنودا بالحجارة في مناطق عديدة بالضفة الغربية امس الاول. وردت القوات الإسرائيلية بإطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ولم ترد انباء عن وقوع اصابات خطيرة.
وقال ديختر للاذاعة الإسرائيلية «وقعت الانتفاضتان السابقتان نتيجة لسقوط عدد كبير من القتلى «اثناء احتجاجات».. يمثل سقوط قتلى وصفة مؤكدة تقريبا لتصعيد أعنف.»
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه لن يسمح باندلاع انتفاضة مسلحة ثالثة.
وقال ديختر إنه يجب على إسرائيل أن تتحسس خطاها عند التصدي لأي احتجاجات متهما الفلسطينيين بمحاولة الظهور في صورة الضحايا قبل زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمنطقة الشهر المقبل.
وكان أسرى حركة فتح دعوا الجماهير الفلسطينية إلى مواصلة التصعيد ضد الاحتلال الإسرائيلي «حتى لجمه عن أفعاله» في حين اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» المقاومة المسلحة الخيار الأمثل للرد على جرائم الاحتلال.
وناشد الأسرى كل الجماهير «عدم وقف الهبة الجماهيرية المشرفة بل تصعيدها أكثر فأكثر لأن الاحتلال لا يفهم لغة المفاوضات الهادئة حتى ننال حريتنا ونوقف جرائم الاحتلال العنصرية ضدنا»، مطالبين -في بيان من داخل السجون وزعه نادي الأسير الفلسطيني- القيادة الفلسطينية بدعم الهبة الجماهيرية الشعبية والغليان السائد في الشارع الفلسطيني.
ومن جهتها قالت حركة حماس -في بيان لها نشره المكتب الإعلامي للحركة في الذكرى السنوية التاسع عشرة لمجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل- إن «السبيل الأمثل للرّد على جرائم العدو الصهيوني وقطعان مغتصبيه هو التكاتف صفاً واحداً لتحقيق مصالحة وطنية شاملة خلف برنامج نضالي موحّد على أساس التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية».
وكانت الأمم المتحدة قد دعت إلى فتح تحقيق مستقل لكشف ملابسات استشهاد الأسير جرادات، محذرة من اندلاع موجات عنف جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطالب منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط روبرت سيري أمس الاول إثر تشاوره مع رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض بإجراء «تحقيق محايد لكشف ملابسات وفاة جرادات الذي توفي السبت في سجن إسرائيلي»، والذي تؤكد السلطة الفلسطينية أنه استشهد نتيجة «أعمال تعذيب». وعلى الصعيد الإسرائيلي، دعا مسؤولون السلطة الفلسطينية إلى السيطرة على المتظاهرين الفلسطينيين. وقال مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي «تتوقع إسرائيل من السلطة الفلسطينية أن تتصرف بمسؤولية وتمنع التحريض والعنف اللذين لن يؤديا إلا لتفاقم الوضع الحالي في نهاية المطاف.. العنف لا يقدم حلا». وقالت الإذاعة الإسرائيلية من جهتها إن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أجرى امس مشاورات أمنية مع المسؤولين الأمنيين بهدف احتواء الموقف على الساحة الفلسطينية.
من جانبها دعت الولايات المتحدة على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يدعى باتريك فانتريل إلى الهدوء، وقال «»نريد أن نوجه بذلك رسالة واضحة جدا إلى الطرفين مفادها أننا ندعو إلى ضبط النفس».