
القاهرة - «وكالات»: بدأت دعوات بعض القوى السياسية في مصر لـ«العصيان المدني» تتخذ منحى جديداً خلال الساعات الـ48 الماضية، حيث قامت جماعات مختلفة من المحتجين بإغلاق عدد من الطرق الحيوية والمنشآت الحكومية بالقاهرة، في الوقت الذي تجددت فيه أعمال العنف في ميدان التحرير، وفي مدينة بورسعيد، مما أسفر عن سقوط مئات الجرحى.
وبعد ساعات على انتشار قوات الشرطة، بصورة مكثفة غير مسبوقة، في ميدان التحرير، حيث عمدت على إعادة فتح الميدان أمام حركة المرور، عاد المعتصمون لإغلاق الميدان مرة أخرى مساء امس الاول، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الأمن، دون أن تتوافر على الفور أية أنباء عن سقوط ضحايا من الجانبين.
وأكدت وزارة الداخلية، في بيان أن مجموعة من الأشخاص قاموا بالتعدي على إحدى سيارات الترحيلات، تتبع قسم شرطة «المقطم»، أثناء مرورها بميدان «عبدالمنعم رياض»، حيث تم الاعتداء على أفراد الحراسة، وتهريب 3 متهمين كانوا بداخلها، ثم قادوا السيارة إلى ميدان التحرير، حيث أشعلوا فيها النيران.
ونقل البيان عن مصدر أمني مسؤول مناشدته «كافة القوى السياسة، ومعتصمي ميدان التحرير، الحفاظ على سلمية فعالياتهم السياسية، وتجنب أعمال العنف، حرصاً على سلامة الاملاك العامة والخاصة».
كما أشار التلفزيون المصري، على موقعه الرسمي «أخبار مصر»، إلى أن الاشتباكات بين قوات الأمن والمعتصمين بميدان التحرير، انتقلت إلى الشوارع المتفرعة من شارع «محمد محمود»، بعد تراجع الأمن إلى الشارع المؤدي إلى وزارة الداخلية، فيما تعالت أصوات أئمة المساجد القريبة، لدعوة الأمن والمعتصمين لوقف الاشتباكات.
كما قام مئات المحتجين، معظمهم من مشجعي النادي الأهلي «الألتراس»، بقطع الطريق المؤدي إلى مطار القاهرة، كما أغلقوا مقر البنك المركزي المصري، في منطقة وسط البلد، ومنعوا محافظ البنك والموظفين من الدخول إلى أماكن عملهم، مؤكدين الاستمرار في تصعيد تحركاتهم لحين النطق بالحكم في قضية «مجزرة بورسعيد».
من ناحية أخرى، قامت مجموعة من العاملين في قطاع الأمن باتحاد الإذاعة والتليفزيون، بإغلاق أبواب مبنى «ماسبيرو» مساء امس الاول، اعتراضا على أوضاعهم المالية، حيث استمر إغلاق مبنى التلفزيون الحكومي لعدة ساعات، إلى أن قام وزير الإعلام، صلاح عبدالمقصود، بعقد لقاء مع المحتجين، الذين طلبوا إعادة النظر بمستحقاتهم المالية.
وبعيداً عن القاهرة، أكد رئيس هيئة السكك الحديدية، حسين زكريا، توقف حركة القطارات على خط الوجه القبلي «الصعيد»، منذ وقت مبكر من صباح الأحد، ومازال حتى اللحظة، بسبب «تجمهر» عدد من المواطنين عند محطة «نجع حمادي»، مشيراً إلى أن سبب التجمهر هو نقص البنزين والسولار.
وفي مدينة «بورسعيد»، التي تشهد اضطرابات واسعة منذ ما يقرب من شهر، قال يحيى موسى المتحدث الاعلامي بوزارة الصحة والسكان امس إن خمسة أشخاص قتلوا في اشتباكات وقعت الاحد بين الشرطة ومتظاهرين في المدينة الساحلية.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية عن موسى قوله امس إن العدد ارتفع «إلى خمسة قتلى نتيجة اشتباكات أمس». وكانت أنباء سابقة تحدثت عن سقوط قتيل واحد.
ونقلت الوكالة عن حلمي العفني وكيل وزارة الصحة ببورسعيد قوله إن الاشتباكات أمام مديرية أمن المدينة والتي امتدت حتى الساعات الأولى من صباح الامس أسفرت أيضا عن «إصابة أكثر من 400 شخص آخرين».
ومن بين القتلى مجندان من قوات الأمن المركزي قالت وزارة الداخلية إنهما لقيا حتفهما اثر اصابتهما بطلقات نارية في الرقبة والرأس.
من جانبها نفت القوات المسلحة المصرية ما تردد عن وقوع اشتباكات بين قوات أمنية تتبع وزارة الداخلية وبين عناصر من الجيش في مدينة بورسعيد.
ونقل التلفزيون المصري عن المتحدث العسكري للقوات المسلحة نفيه وقوع اشتباكات وتبادل للنيران بين عناصر وزارة الداخلية وعناصر من الجيش، مشيرا إلى أن القوات المسلحة «رفضت تلك المعلومات شكلاً وموضوعاً».
من ناحية أخرى قال موسى المتحدث الاعلامي بوزارة الصحة والسكان أن اجمالي عددالجرحى في الاشتباكات التي وقعت أمس الاول في مدن بورسعيد والقاهرة والمنصورة بلغ 575 مصابا فيما يشير إلى إصابة 175 شخصا بجروح في القاهرة والمنصورة.
وتشهد بورسعيد توترات منذ أن قضت محكمة جنايات بورسعيد في 26 يناير الماضي بإحالة أوراق 21 متهما معظمهم من سكان المدينة إلى المفتي تمهيدا للحكم باعدامهم في جلسة النطق بالحكم المقرر عقدها يوم السبت المقبل. وتعقد المحكمة جلساتها في القاهرة.
واحتج آلاف على حكم المحكمة بعد صدوره وخاضوا معارك شوارع مع الشرطة في بورسعيد استمرت أياما وأسفرت عن مقتل أكثر من 40 من المحتجين.
ويبلغ اجمالي عدد المتهمين في القضية 73 متهما.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس الاول عن مصدر أمني بوزارة الداخلية قوله إن 39 من المتهمين المسجونين نقلوا من سجن بورسعيد.
وأشارت الوكالة الرسمية إلى أنه تم نقل المتهمين، الذين كانوا محتجزين في سجن بورسعيد «في سرية تامة»، إلى عدد من السجون الأخرى خارج المدينة، لتجنب تكرار أحداث يناير الماضي، التي أسفرت عن سقوط أكثر من 40 قتيلاً، وما يزيد على 800 جريح.
كما نقلت عن مصدر أمني قوله إن وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، قرر نقل سجن بورسعيد إلى خارج المدينة، بهدف «توفير جميع عوامل الأمن والسكينة للمواطنين»، في إشارة إلى سكان المباني المجاورة لموقع السجن الحالي، والذين سقط عدد منهم ضمن ضحايا أحداث العنف الأخيرة.
وقال شاهد من رويترز إن مئات من سكان بورسعيد تظاهروا أمام مبنى مديرية الأمن يوم الاحد فور انتشار أنباء نقل السجناء ورشقوا المبنى بالزجاجات الحارقة والحجارة مضيفا أن الشرطة ردت باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع ورد الحجارة التي قذفها المحتجون.