
عواصم – «وكالات»: أدانت الحكومة السورية قرار وزراء الخارجية العرب بمنح مقعد سوريا في جامعة الدول العربية إلى الائتلاف الوطني المعارض، الذي اتهمته بأنه «دأب على استدعاء التدخل العسكري بأي ثمن، ولو على حساب دم الأبرياء» من الشعب السوري، ووصفت القرار بأنه يمثل «خرقاً» لميثاق الجامعة العربية.
وذكرت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» امس، أن الجامعة العربية «اختارت منذ تدخلها في مسار الأزمة في سوريا، أن تكون طرفاً منحازاً لصالح جهات عربية وإقليمية ودولية، تستحضر التدخل العسكري الخارجي في الأزمة، وتعرقل أي حل سياسي يقوم على الحوار الوطني».
كما اتهمت الخارجية السورية تلك «الجهات» بأنها «تشجع وتمول أطرافاً في المعارضة، ومجموعات إرهابية متطرفة، تعمل على تأجيج الأزمة، من خلال عمليات قتل الأبرياء، وتخريب البنى التحتية، واستهداف الجيش العربي السوري، وقوى الأمن، وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد».
كما اعتبر البيان أن الجامعة العربية «باتت رهينة الموقف السياسي المنحاز لدول خليجية بعينها «قطر والسعودية»، وبالتالي لا يمكن أن تكون طرفاً يسهم في الوصول إلى حل سياسي حقيقي للأزمة في سوريا، يقوم على إرادة الغالبية العظمى من أبنائها».
وشددت وزارة الخارجية السورية على «موقفها الثابت والرافض لأن يكون للجامعة، في ظل سياساتها المنحازة والسلبية، أي دور أو تمثيل في أي خطة أو جهود دولية تسعى إلى حل سلمي للأزمة في سوريا».
وذكرت أن القرار، الذي صدر امس الاول عن مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، «يرسخ من جديد الدور القطري، الذي يطلق اليوم رصاصة الرحمة على شيء اسمه الجامعة العربية».
وأضافت أن القرار يؤشر أيضاً على أن «مشيخات المال والنفط والغاز، باتوا أدوات التحكم بالعمل العربي المشترك، وبالأمن القومي العربي، في سبيل حرف البوصلة عن العدو الحقيقي الذي يحتل الأرض، وتوجيهها نحو صراع مصطنع وهدام، يستهدف وحدة الصف العربي والإسلامي».
وتابع البيان أن «استهداف سوريا من تحت مظلة قرارات جامعة الدول العربية، يؤكد أن الأطراف العربية التي تتزعم هذا الجهد التخريبي، وفي طليعتها قطر والسعودية، تسعى من خلال القرار.. إلى حجب حقيقة ما تشهده سوريا من إرهاب منظم، وتحريض خارجي، يسعى إلى عرقلة حل الأزمة سلمياً».
وأشارت الخارجية السورية إلى أن القرار تضمن أيضاً «تقديم دعم عسكري للمجموعات الإرهابية، التي تسعى إلى سفك الدم السوري، وتدمير البنى التحتية، وهو ما يشكل أركان وعناصر جريمة العدوان، التي نصت عليها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة»، بحسب ما جاء في البيان.
وكان وزراء الخارجية العرب قرروا امس الاول السماح للدول العربية بتقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية التي تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد إذا رغبت في ذلك ووجهت الدعوة للائتلاف الوطني السوري المعارض لشغل مقعد سوريا في الجامعة.
وسبق ان شددت جامعة الدول العربية على أن تكون المساعدات للمعارضة السياسية السورية والجيش السوري الحر إنسانية ودبلوماسية فقط خلال الحرب الاهلية التي اودت بحياة زهاء 70 الف شخص.
لكن البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب شدد على «حق كل دولة وفق رغبتها «في» تقديم كافة وسائل الدفاع عن النفس بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر».
وتقود قطر مسعى ضد دمشق في الجامعة العربية لكن قرار الأربعاء لم يخرج بالاجماع. فلبنان والعراق والجزائر رفضت الموافقة على الأجزاء الخاصة بسوريا من البيان الختامي.
ويقول مسؤولون غربيون حاليون وسابقون ان المسؤولين القطريين واثرياء عربا من السعودية ودول اخرى يبرمون بالفعل صفقات أسلحة على الحدود السورية التركية مع مجموعات متباينة من جماعات المعارضة.
وقال الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مؤتمر صحفي ان الوزراء وجهوا دعوة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى تشكيل هيئة تنفيذية «لشغل مقعد سوريا في الجامعة ومنظماتها ومجالسها وأجهزتها للمشاركة في القمة العربية في الدوحة» يومي 26 و27 مارس الحالي.
واكد إن منح المعارضة مقعد سوريا في الجامعة سيكون معلقا إلى أن تشكل هذه المعارضة هيئة تنفيذية لشغل هذا المقعد.
وتابع أن ذلك سيكون «إلى حين إجراء انتخابات تفضي إلى تشكيل حكومة تتولى مسؤولية السلطة في سوريا».
وكانت الجامعة العربية علقت عضوية الحكومة السورية فيها عام 2011 احتجاجا على استخدام السلطات السورية القوة في التعامل مع «المحتجين السلميين».
ورحب وليد البني المتحدث باسم الائتلاف المعارض بالقرار وقال ان من الافضل ان يأتي متأخرا أفضل من الا يأتي على الاطلاق.
واعتبر القرار خطوة في طريق المطالبة بمقعد في الامم المتحدة وقال ان مثل هذه الخطوات المهمة ستؤدي في آخر الامر الى الاطاحة بالاسد ووضع نهاية لنظامه الوحشي.
وتم انتخاب معاذ الخطيب «52 عاما» الواعظ في المسجد الأموي بدمشق في نوفمبر الماضي لرئاسة الائتلاف المعارض. وحصل على تعهدات محدودة بمساعدة المعارضين من وزراء غربيين وعرب في روما في أواخر الشهر الماضي.
لكن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور سار في الاتجاه المعاكس في اجتماع يوم الأربعاء فدعا إلى إلغاء تعليق عضوية سوريا بجامعة الدول العربية للمساعدة في التوصل الى حل سياسي للصراع في البلاد.
وقال منصور في الاجتماع الوزاري بالجامعة «فلنعد سوريا إلى حضن جامعتها العربية ولنرفع تعليق مشاركتها في اجتماعاتنا» مضيفا «فالتواصل مع سوريا لإنقاذها واحتضانها من جديد ضروري من أجل الحل السياسي».
وقال لرويترز في وقت لاحق ان مقعد سوريا يجب الا يذهب للمعارضة. واضاف ان سوريا دولة وحكومة وفكرة ان يحل محلها مجموعة من المعارضين امر خطير جدا.
ويهيمن على حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ائتلاف يضم جماعة حزب الله وحلفاءها من الشيعة والمسيحيين الذين يؤيدون الأسد.
وقال ميقاتي الذي سعى لانتهاج سياسة النأي بالنفس عن الصراع في سوريا إن بلاده ستحترم أي قرار تتخذه جامعة الدول العربية بشأن سوريا.
لكن منصور انتقد الخطوات التي اتخذتها الجامعة ضد دمشق.
وقال منصور «عقدنا اجتماعات على مدى عامين واتخذنا قرارات تلو قرارات ظنا منا أننا بها سنوفر لسوريا الأمن والاستقرار بإزاحة نظام واستبداله بآخر.. غرقت سوريا بالدماء والدمار».