
عمان - «وكالات»: قال مسؤولون إن العاهل الأردني الملك عبد الله أعاد تكليف رئيس الوزراء عبد الله النسور امس الاول بتشكيل حكومة جديدة بعد التشاور مع أعضاء البرلمان الجديد الذي انتخب في يناير الماضي. جاءت مشاورات الملك مع البرلمان المنتخب حديثا في أعقاب تعديلات دستورية نقلت بعض سلطاته الي البرلمان استجابة لدعوات الاصلاح النابعة من الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي. وكان العاهل الأردني يختار في السابق رؤساء الحكومات دون التشاور مع البرلمان. ورشح غالبية أعضاء البرلمان النسور وهو اقتصادي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وفرنسا ولم تتلطخ سمعته بمزاعم الفساد. وسيتشاور النسور وهو ذو عقلية إصلاحية مع الكتل في البرلمان المؤلف من 150 مقعدا حول تشكيل حكومته الجديدة. ويتعارض هذا الحوار العلني مع تشكيل الحكومات في السابق الذي لم يكن للبرلمان أي دور فيه. وفي غضون ذلك ستستمر حكومة النسور الحالية كحكومة لتسيير الأعمال.
وأثنى العاهل الأردني في خطاب تكليف النسور بتشكيل الحكومة على أدائه في الأشهر الخمسة التي أمضاها في المنصب قائلا إنه كان مؤهلا لإدارة البلاد في ظل اضطرابات إقليمية وداخلية. وقال الملك عبد الله في خطاب التكليف «لقد عملت وفريقك الوزاري منذ أن كلفناك بتشكيل الحكومة منذ خمسة أشهر بكل تفان ووعي وجلد من أجل تنفيذ المسؤوليات التي عهدت إليكم بها في كتاب التكليف والتي عبرت عن جملة من الأولويات الوطنية والإجراءات الضرورية لمواجهة تحديات صعبة».
وأرهق الاقتصاد الأردني الذي يعاني من أزمة بفيض اللاجئين الهاربين من حرب أهلية عمرها عامان في سوريا جارته الشمالية. وتستضيف المملكة أكثر من 350 ألف لاجئ سوري أي حوالي خمسة بالمئة من سكان الأردن مما يزيد من الضغوط على موارده من المياه والكهرباء. وخنقت الحرب التجارة عبر الحدود وتهدد بإشعال مزيد من الاضطراب في الشرق الأوسط المضطرب بالفعل. واتخذ النسور قرارا في نوفمبر الماضي برفع أسعار الوقود مما اشعل اضطرابات استمرت بضعة أيام لاسيما في المناطق الريفية والعشائرية التي تضررت من إلغاء الدعم. وقال النسور إن تحولا من نظام الدعم الواسع الي نظام للدعم النقدي يستهدف الفقراء سيوفر المزيد من الدعم الفعال وهو الخيار الوحيد لتجنب أزمة مالية أدت إلى ارتفاع العجز في موازنة البلاد الي اكثر من 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشاد ساسة مستقلون بجرأته في اتخاذ خطوات صعبة اوصى بها صندوق النقد الدولي في تحد لرفض شعبي وهو ما سمح للمملكة بالحصول على تمويل بقيمة ملياري دولار. وذلك التمويل مشروط بخطة للميزانية تتضمن تقليص الدعم على الوقود وزيادة أسعار الكهرباء. وقالت مصادر في وزارة المالية إن المملكة تكافح لخفض عجز الميزانية بمقدار الثلث تقريبا ليصبح 5.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من 7.9 في المئة في عام 2012.
وعين النسور- وهو سياسي مخضرم- خدم طويلا كعضو في البرلمان وشغل مناصب رفيعة في الحكومات المتعاقبة- رئيسا للحكومة في أكتوبر تشرين الأول بعد أن حل العاهل الأردني البرلمان في منتصف مدته استعدادا لأول انتخابات برلمانية تجرى في الأردن منذ انتفاضات الربيع العربي التي اجتاجت دولا عربية في عام 2011. ونقلت التعديلات الدستورية بعض صلاحيات الملك للبرلمان الذي قال منتقدون إنه جرى تهميشه وأعادت للحكومة بعض الصلاحيات التنفيذية التي كانت نقلت للبلاط الملكي وقوات الأمن. وقد يواجه النسور أيضا تحديا من جماعة الإخوان المسلمين التي قاطع حزبها السياسي الانتخابات البرلمانية بسبب قوانين الانتخابات التي قالوا إنها تعطي أولوية للمناطق الريفية والقبلية على المدن التي يشكل السكان من أصل فلسطيني أغلبية فيها. ويعيش أكثر من ثلثي سكان الأردن البالغ عددهم سبعة ملايين في المدن لكن جرى تخصيص ما يقل عن ثلث مقاعد البرلمان لهم. وقد يزيد الاستبعاد السياسي للأردنيين من أصل فلسطيني الذي يشكلون أغلبية من سكان الأردن الاضطرابات على المدى البعيد بالنسبة لنظام سياسي ذي قاعدة عشائرية. وأشاد صندوق النقد الدولي هذا الشهر بالإصلاحات الاقتصادية التي أشرف عليها النسور قائلا إنه شهد علامات على الانتعاش الاقتصادي في عام 2013 حيث زادت الاحتياطيات من النقد الأجنبي بمقدار 1.5 مليار دولار من أموال الخليج وتعزيز الثقة في الدينار الأردني وزيادة إيرادات الدولة.