
عواصم – «وكالات» :- رفضت حكومات دول الاتحاد الأوروبي امس الاول مساعي فرنسا وبريطانيا لرفع الحظر الذي يفرضه الاتحاد على إمداد المعارضة السورية بالسلاح وعبرت عن الخوف من أن يؤدي ذلك إلى إشعال سباق تسلح وتقويض الاستقرار في المنطقة.
وقال دبلوماسيون إن فرنسا وبريطانيا لم تحظيا بتأييد يذكر لاقتراحهما بتخفيف الحظر خلال قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل ولكنهما طلبتا من وزراء الخارجية النظر في هذه القضية مجددا الأسبوع المقبل.
وحث الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بتأييد من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على رفع الحظر قائلا إن أوروبا لا يمكنها السماح بقتل الشعب السوري.
ووقفت الدول الغربية موقف المتفرج في الغالب أثناء الانتفاضة المناوئة للرئيس السوري بشار الأسد والتي دخلت عامها الثالث وأودت بحياة 70 ألف سوري وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي من أشد المعارضين لرفع حظر السلاح إن هناك احتمال بأن تزيد روسيا وإيران حليفتا الأسد من إمدادات الأسلحة لحكومته إذا رفع الاتحاد الأوروبي قيوده.
وذكرت خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أن مجرد رغبة بريطانيا وفرنسا الآن في رفع الحظر لا تعني أن الدول الأعضاء الخمس والعشرين الأخرى في الاتحاد يجب أن تحذو حذوهما. وأضافت «لن تسير الأمور على هذا النحو.»
وتابعت «أشار آخرون ولأسباب مقنعة للغاية في رأيي... إلى حقيقة أن إيران وروسيا أيضا تنتظران مجرد إشارة لتصدير الأسلحة وكذا ضرورة الأخذ في الاعتبار الوضع الهش في لبنان وما يعنيه تسليح حزب الله.»
واستشهد مسؤولون ألمان بما حدث في شمال إفريقيا حيث ساعدت الأسلحة المهربة من ليبيا في تسليح الإسلاميين في مالي.
وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي إن زعماء الاتحاد طلبوا من وزراء خارجيتهم النظر في هذه القضية «باعتبارها مسألة ذات أولوية» خلال اجتماع يعقد في دبلن يومي 22 و23 مارس الجاري.
وأشار هولاند إلى حصوله على ضمانات من المعارضة السورية بألا تصل أي أسلحة تقدم إليهم إلى الأيدي الخطأ.
وقال «سأبذل قصارى جهدي كي يتبنى الاتحاد حلا مشتركا... بحلول نهاية مايو على أقصى تقدير.»
ويقول مسؤولون فرنسيون إن باريس تفضل استخدام رفع الحظر كورقة لممارسة الضغط السياسي على الأسد بدلا من الإمداد الفعلي بالسلاح. ولم تذكر بريطانيا أيضا أنها تعتزم تسليح المعارضين.
وأعادت فرنسا وبريطانيا فتح القضية السورية بعد أيام من توصل دول الاتحاد الأوروبي بصعوبة إلى حل وسط لتخفيف الحظر بالسماح بتقديم مساعدات غير مميتة للمعارضة مثل المركبات المصفحة والمساعدة الفنية.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الفرنسية إن أي تعديلات على حظر الأسلحة ستكون تدريجية ومن المرجح ألا يتم تطبيقها إلا بعد انتهاء فترة العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا في نهاية مايو أيار.
وأضاف جاستن فيس أثناء المنتدى السنوي لصندوق مارشال في بروكسل «لن تطبق على الفور. قد يستغرق الأمر أسابيع قليلة للاتفاق عليها وربما يتم تطبيقها في نهاية مايو.»
وقال كاميرون إنه يجب ممارسة الضغط للقيام بعملية انتقالية في سوريا.
وأضاف «في ظل الوضع القائم اليوم لا يمكنني القول إن بريطانيا تود فعليا إمداد جماعات المعارضة بالسلاح.»
وأضاف «ما نريد القيام به هو العمل معهم والسعي للتأكد من أنهم يفعلون الصواب. وبالمساعدة الفنية نستطيع القيام بذلك.»
ويأتي حظر السلاح في إطار مجموعة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا ويتم تجديدها كل ثلاثة أشهر. وتنتهي فترة التمديد التي تم الاتفاق عليها الشهر الماضي في أول يونيو حزيران. وينتهي تطبيق الحظر وسائر العقوبات مالم يكن هناك إجماع على تجديدها أو تعديلها.
ورغم استبعاد توصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق بشأن الإلغاء الكامل للحظر فقد يكون هناك مجال للتوصل إلى حل وسط ربما بتوسيع نطاق المساعدات التي يمكن لحكومات دول الاتحاد تقديمها للمعارضة.
ولمحت فرنسا وبريطانيا إلى أنهما قد يتصرفان وحدهما ما لم يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد «قد تكون هناك دولتان تريدان ذلك ولكن الغالبية العظمى لا تريده ورفع الحظر يستلزم أن يكون هناك إجماع.»
وأضاف «ليست ألمانيا وحدها التي تشعر بالقلق بل كذلك السويد وأسبانيا والنمسا وغيرها.»
وقال المستشار النمساوي فيرنر فايمان لهيئة الإذاعة النمساوية «أعارض إمدادات الأسلحة بغض النظر عمن يقدمها ولمن يقدمها».
ميدانيا قصفت قوات النظام السوري ليلا مناطق بريف دمشق، في جمعة وثقت فيها لجان التنسيق المحلية سقوط 144 قتيلا في سوريا. وتواصلت الاشتباكات بين القوات النظامية والجيش السوري الحر، بمناطق عدة في مستهل العام الثالث للثورة السورية، بالتزامن مع مظاهرات تحت شعار «عامان من الكفاح ... ونصر ثورتنا قد لاح».
وسقط معظم القتلى في دمشق وريفها وحمص، حيث قامت قوات النظام بقصف ليلي على مناطق زملكا وعربين وحرستا بالريف الدمشقي، كما شهدت أطراف المتحلق الجنوبي في دمشق اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي.
كما أفادت تقارير صحافية بوقوع سلسلة من الغارات والهجمات الصاروخية على مدن مختلفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بينها دوما وسقبا، أوقعت عددا من القتلى والجرحى.
من جهتها قالت شبكة شام إن ستة أشخاص قتلوا في حي القابون بدمشق كما اندلعت حرائق في مبان عدة من الحي نتيجة قيام قوات النظام بقصف المنطقة.
وفي حين خرجت مظاهرات في عدة مدن سورية الجمعة تحت شعار «عامان من الكفاح... ونصر ثورتنا قد لاح»، اندلعت اشتباكات في حي جوبر شرقي دمشق على مقربة من ساحة العباسيين, وكذلك في محيط مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة. وقال أحد الناشطين إن نحو مائة قذيفة سقطت الجمعة على حي الحجر الأسود الذي يتعرض وأحياء أخرى جنوبي دمشق منذ شهور للقصف يوميا.
في غضون ذلك تدور اشتباكات في مدينة داريا غرب دمشق, التي تحاول القوات النظامية منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر استعادتها, في حين أكدت شبكة شام من جهتها حدوث اشتباكات عند الجهة الغربية للمدينة منذ صباح الجمعة.
من جانب آخر، ذكرت تقارير صحافية في الرقة بوقوع اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر في محيط الفرقة 17 في مدينة الرقة.
وقد وقعت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر فجر الامس في أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والإذاعة في حلب.
وفي حماة بوسط البلاد قصفت قوات الأسد بالطائرات مدينتي كرناز وكفر زيتا، وأوقعت عددا من القتلى والجرحى.
ويواصل الجيش السوري تشديد مقاربته الأمنية والعسكرية في مواجهة الثوار، حيث أفاد المركز الإعلامي السوري بأن القوات النظامية أطلقت الجمعة خمسة صواريخ سكود باتجاه شمالي البلاد.
وفي مدينة حمص اندلع قتال عنيف في حي الخالدية المحاصر، وتعرضت أحياء أخرى بينها بابا عمرو والقرابيص لقصف مدفعي، حسب ناشطين. ويدور أيضا قتال على أطراف حي بابا عمرو الذي سيطر عليه الثوار مؤخرا.
ووفقا لناشطين, تعرضت أحياء في دير الزور ودرعا البلد لقصف بالراجمات والمدافع بينما تحدثت شبكة شام عن قتال في محيط بلدة حيش بإدلب حيث يسعى الثوار إلى قطع الإمداد عن معسكري الحامدية ووادي الضيف.
وتشهد سوريا منذ 15 مارس 2011 ثورة شعبية للمطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد تحولت إلى مواجهات مسلحة يقول المعارضون إنها كانت اضطرارية للدفاع عن النفس في مواجهة حملات التنكيل العنيفة للنظام التي تسببت بمقتل أكثر من سبعين ألف شخص في العامين الماضيين، حسب الأمم المتحدة.