
عواصم – «وكالات»: فى تطور لافت على صعيد الازمة السورية المستمرة منذ اكثر من عامين نظم ناشطون من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد مؤتمرا فى مصر للنأي بالطائفة عن الصراع فى الوقت الذي اكدت فيه واشنطن وعمان تضامنهما ضد الاسد فى وقت فشلت فيه بريطانيا وفرنسا فى حشد الدعم الاوروبي لرفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية.
وقال بسام اليوسف أحد منظمي مؤتمر الطائفة العلوية والمعارضة السورية في مصر إن هناك محاولات من بعض الأطراف للزج بالطائفة العلوية في الصراع السوري.
وأكد السياسي السوري المعارض أن الطائفة العلوية السورية طائفة وطنية وترفض ممارسات النظام السوري وأن مطالبها لا تنفصل عن مطالب الشعب السوري مشيرا إلى أن الطائفة العلوية لا تنشد حماية النظام.
وقال اليوسف إن المؤتمر الذي يشارك في تنظيمه بالقاهرة بدأ امس ويستمر على مدار يومين ويتم فيه دعوة مختلف أطياف المعارضة السورية للتحاور والخروج بوثيقة موحدة يتم التوافق عليها.
ويعد هذا المؤتمر هو أول اجتماع من نوعه للطائفة العلوية في مصر والمؤيدة للانتفاضة التي اندلعت ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال منظمو الاجتماع الذي يستمر يومين في القاهرة انه سيصدر اعلانا ختاميا يلتزم بوحدة الاراضي السورية ويدعو التيار الرئيسي للمعارضة للتعاون بشأن منع الإقتتال الطائفي بعد سقوط الاسد والاتفاق على اطار للعدالة الانتقالية.
وفي الوقت الذي تتخذ فيه الحرب منحى طائفيا على نحو متزايد فان فصل مصير الطائفة العلوية عن مصير الاسد قد يكون امرا حاسما لبقاء هذه الطائفة الشيعية التي تضم نحو 10 في المئة من سكان سوريا.
وقال دبلوماسي غربي ان «الاجتماع يعقد متأخرا عامين تقريبا لكنه سيساعد في ابعاد الطائفة عن نظام الاسد وكل الجهود مطلوبة فورا للحيلولة دون وقوع مذابح طائفية على نطاق واسع لدى رحيل الاسد لانه في نهاية المطاف سيكون العلويون الخاسر الاكبر فيه».
وقتل ما لايقل عن 70 الف شخص منذ اندلاع حركة الاحتجاج التى بدأت سلمية بقيادة الاغلبية السنية في سوريا ضد الحكم العائلي للاسد ووالده والمستمر منذ 40 عاما.
وقوبلت المظاهرات بالرصاص مما اثار رد فعل سنيا عنيفا في نهاية الامر وتمردا مسلحا اسلاميا في معظمه يثير خوف بعض العلويين من انه لن يكون لهم مستقبل دون الاسد.
من جانبه يؤكد الاسد انه يتصدى لمؤامرة مدعومة من الخارج لتقسيم سوريا وان مقاتلي المعارضة «ارهابيون» اسلاميون.
وقال بيان اللجنة المنظمة لاجتماع العلويين ان «النظام الذي يزداد عزلةً وضعفاً سيعمل على دفع العصبيات الطائفية إلى حالة الاقتتال الدموي».
واكد «ان هناك قوى تشكلت وتقف ضد النظام لكنها تتقاطع معه الدفع باتجاه الصراع الطائفي ولحسابات تتعلق بها وبارتباطاتها».
واضاف البيان «ان العمل على نزع الورقة الطائفية من يد النظام ويد كل من يستعملها هو أمر بالغ الأهمية كمقدمة لإسقاط النظام وكمدخل لإعادة صياغة العقد الاجتماعي السوري على أسس الدولة الحديثة دولة المواطنة والعدالة فقط».
ومن المقرر ان تحضر نحو 150 شخصية علوية فعاليات المؤتمر حيث ينضم نشطاء وزعماء دينيين اضطر معظمهم للفرار من سوريا لتأييدهم الانتفاضة.
واحتل العلويون مكانا بارزا في حركة سياسية يسارية سورية سحقها حافظ الاسد والد بشار في السبعينات والثمانينات الى جانب المعارضة الاسلامية.
وقال عصام ابراهيم وهو احد منظمي المؤتمر ان الانتفاضة اعطت العلويين فرصة لاثبات ان الطائفة العلوية ليست جامدة وانها تطمح مثل باقي السكان للعيش في ظل نظام ديمقراطي تعددي في الوقت الذي تخشى فيه من صعود التطرف الاسلامي.
واعاد ابراهيم الى الاذهان المشاركة في مظاهرة مطالبة بالديمقراطية في بداية الانتفاضة في منطقة الخالدية السنية في مدينة حمص وسط سوريا عندما هاجمت ميليشيا مؤيدة للاسد المحتجين.
وقال ابراهيم الذي سجن والده لسنوات في ظل حافظ الاسد ان الوثيقة التي ستصدر في ختام اعمال المؤتمر ستؤكد التزام العلويين بالوحدة الوطنية والتعايش بين الطوائف والسلام الاهلي في انعكاس لموقف اتخذه زعماء الطائفة خلال الحكم الاستعماري الفرنسي في عشرينات القرن الماضي اعتراضا على مقترحات لتقسيم البلاد.
واردف قائلا ان هناك تيارا اسلاميا اخذا في التوسع على حساب التيار المدني الديمقراطي وهو الامر الذي يتطلب الوحدة.
وعلى صعيد منفصل أظهر الرئيس الأمريكي باراك اوباما والعاهل الاردني الملك عبدالله امس الاول جبهة موحدة ضد الرئيس السوري بشار الاسد في الوقت الذي يكافح فيه الأردن أزمة اللاجئين التي سببتها الحرب في سوريا.
ويزور أوباما الأردن بعد زيارته لاسرائيل والضفة الغربية وتعهد بتقديم مساعدات اضافية لمعاونة الأردن في التعامل مع مشكلة اللاجئين لكنه لم يتعهد بتقديم مساعدات عسكرية للمعارضة السورية للتعجيل بالإطاحة بالأسد في الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
وهيمنت القضية السورية على محادثات أوباما مع الملك عبد الله. وتخشى السلطات الاردنية ان يؤدي صعود للاسلاميين في سوريا بعد الاسد إلى تشجيع الاسلاميين الذين يمثلون المعارضة الرئيسية في المملكة.
وتعهد أوباما بأن تعمل حكومته مع الكونجرس لتقديم مساعدات اضافية بقيمة 200 مليون دولار لمساعدة الأردن على استيعاب اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم هناك حاليا 460 الفا وهو رقم قال الملك عبد الله انه يعادل عشرة بالمئة من سكان الأردن وقد يتضاعف بنهاية العام.
وقال الملك عبد الله إنه لن يغلق الحدود الأردنية أمام اللاجئين السوريين.
وأبدى أوباما قلقا بشأن المعارضة السورية المسلحة حتى مع تحذيره من أن سوريا يمكن أن تتحول إلى ملاذ للمتطرفين اذا لم يحدث التحول السياسي.
وقال «في نهاية الأمر لا يسعى الشعب السوري إلى تغيير القمع بشكل جديد من القمع».
واضاف «أنا واثق من أن الأسد سيرحل. المسألة ليست ما اذا كان ذلك سيحدث أم لا.. وإنما متى سيحدث».
وأتى أوباما إلى الأردن لطمأنة الملك عبد الله بشأن دعم واشنطن في الوقت الذي تحاول فيه المملكة استيعاب تدفق اللاجئين وتواجه صعوبات اقتصادية.
فشلت فرنسا وبريطانيا أمس الاول في إقناع بقية الدول الأوروبية بإرسال أسلحة إلى المعارضة السورية، حيث تعد تلك الدول هذه المبادرة محفوفة بالمخاطر، لكن باريس ولندن ستواصلان محاولاتهما في الأسابيع المقبلة وقبل 31 مايو المقبل. وقال مصدر قريب من الرئاسة الإيرلندية الحالية للاتحاد الأوروبي إن وزراء خارجية دول الاتحاد الذين اجتمعوا في دبلن الجمعة أجروا «مباحثات مفيدة، لكن الخلافات بشأن هذه النقطة لا تزال عميقة».
واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن تفاقم النزاع في سوريا يدعو «وبشدة إلى رفع الحظر مع نهاية مايو أو في الحد الأدنى إجراء تعديلات جدية عليه».
أما نظيره الفرنسي لوران فابيوس فقال إن تزويد المعارضة السورية المسلحة بالسلاح لا يهدف إلى مزيد من عسكرة النزاع بل إلى حلحلة الوضع السياسي ومساعدة المقاومين حتى لا يتلقوا المزيد من القنابل من طيران الرئيس السوري بشار الأسد».
كما أبدى فابيوس قلقه من «احتمال استخدام الأسلحة الكيماوية» من قبل الرئيس السوري «الذي يملك الكثير منها».
في المقابل اعتبر الوزير البلجيكي ديدييه ريندرز أن رفع الحظر «يتطلب ضمانات حول طريقة تتبع السلاح ومخاطر انتشاره. ولم تتوافر لدينا هذه الضمانات حتى الآن».
ولأسباب مماثلة، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إنه ما زال «شديد التحفظ». وأضاف «هي فعلا مسألة من الصعوبة بمكان، لأن من الضروري مساعدة الشعب من جهة والتأكد من جهة أخرى من أن الأسلحة الهجومية لن تقع في الأيدي السيئة».
بدوره أكد نظيره النمساوي مايكل سبيندليغر أن «الاتحاد الأوروبي لم يتأسس لتسليم أسلحة، وليس واردا إدخال تعديلات على هذا المبدأ». وهدد بسحب 400 جندي نمساوي ينتشرون في إطار قوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان السورية المحتلة إذا ما رفع الحظر عن السلاح.
أما الوزير الإيرلندي إيمونت غيلمور فحذر من أن «الإمعان في عسكرة الوضع لن يساعد بالتأكيد في البحث عن حل سياسي يسعى إليه الأوروبيون». وقالت لندن وباريس إنه إذا تعذر التوصل إلى توافق قبل 31 مايو فإنهما ستتخذان خطوات من جانب واحد. وقال هيغ «هذا خيار للبلدين. لكن أولويتنا، بالتأكيد، هي التوصل إلى اتفاق في إطار الاتحاد الأوروبي.
وفي محاولة للتوصل إلى تسوية مع باقي الدول الأوروبية، تدرس باريس ولندن عددا من الخيارات التقنية والقانونية. بغرض الإبقاء ظاهريا على وحدة أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 مع السماح في الوقت نفسه للدول التي ترغب في ذلك بأن تدعم بشكل أكبر المعارضة السورية.
ويرمي أحد هذه الإجراءات إلى التمييز بين تسليم أسلحة فتاكة هجومية ما زالت محظورة، وتسليم أسلحة دفاعية يتم السماح بها. لكن ما زال من الصعب إجراء هذا التمييز. وتساءل خبير عسكري «هل يعد الصاروخ أرض-جو سلاحا هجوميا أو دفاعيا؟ الأمر رهن باستخدامه وبإطار هذا الاستخدام».
وطرح مثالا الصواريخ من نوع ستينغر الذي سلمته البلدان الغربية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي.آي.إيه» إلى المجاهدين الأفغان للتصدي للطائرات والمروحيات السوفياتية في ثمانينيات القرن الماضي. وأوضح أن بعضا منها استخدم لاحقا ضد القوات الأمريكية التي اجتاحت في 2001 أفغانستان.
على الجانب السوري قال سفير الائتلاف الوطني السوري في قطر نزار الحراكي للجزيرة إن المعارضة تبني أملا كبيرا على موقف بريطانيا وفرنسا، وعزمهما على تسليح الثوار، مشيرا إلى أن الجيش الحر في موقف قوي.
من جهته أعلن رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب أن المعارضة السورية ستترك السلاح إذا استطاعت مواصلة طريقها من دونه، متهما جهات خارجية بتمويل واستخدام جماعات متطرفة داخل سوريا بطريقة لا تخدم مصلحة البلاد.