
بغداد – «وكالات»: قالت مصادر عسكرية في العراق ان ما لا يقل عن عشرة من رجال الشرطة وتسعة من المسلحين السنة قتلوا في اشتباكات في مدينة الموصل الشمالية امس.
وتعد الاشتباكات التي دخلت يومها الثالث الأعنف منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق في ديسمبر عام 2011.
وشن مسلحون هجوما في الموصل على بعد 390 كيلومترا شمالي بغداد مساء الاربعاء وسيطروا على أجزاء بغرب المدينة بعد أن استخدموا مكبر الصوت في مسجد لحشد السنة لينضموا الى المعركة.
وقالت مصادر عسكرية إن الشرطة والجيش استعادا السيطرة على معظم المنطقة امس لكنهما مازالا يطوقان مقرا للشرطة استولى عليه المسلحون الذين مازالوا يحتجزون خمس رهائن.
الى ذلك أفادت شركة نفط الشمال بأن مسلحين فجروا جزئيا أنبوبا ينقل النفط من مدينة كركوك العراقية إلى تركيا.
وقد تسبب التفجير في وقف الإمدادات النفطية من مدينة كركوك العراقية إلى سواحل تركيا، على البحر الأبيض المتوسط.
وقد وقع الحادث قرب مدينة الشرقاط، حيث ينتشر مسلحون سنة، اشتبكوا في الأيام الأخيرة مع قوات الجيش العراقي، وسيطروا على ناحية سليمان بيك، الواقعة على نحو 150 كلم من العاصمة بغداد، بعد معارك خلفت عشرات القتلى من الجانبين.
وقال مسؤولون عسكريون لوكالة الأنباء الفرنسية إن الجيش العراقي يعد قواته المحيطة بناحية سليمان بيك، في محافظة صلاح الدين، التي سقطت بأيدي مسلحين، تمهيدا لبدء عملية «تطهيرها».
وقال ضابط في الجيش رفيع المستوى «نحن انسحبنا تكتيكيا كي نعمل على تطهير المنطقة بشكل كامل، بعدما عرفنا أن السكان خرجوا منها»، مضيفا «سنطهر المنطقة زاوية زاوية، ولن نسمح بالاعتداء على أمن المواطنين».
وفي كركوك ايضا أفاد مصدر أمني بأن عبوتين ناسفتين استهدفتا دورية للجيش في قرية الشاهرية التي تبعد 75 كيلومترا جنوب غربي كركوك، دون معرفة الخسائر.
وفي محافظة بابل جنوبي العراق، أفاد مصدر أمني بأن عبوة ناسفة انفجرت مستهدفة دورية للجيش العراقي في منطقة جرف الصخر التي تبعد 70 كيلومترا جنوب بغداد، ما أسفر عن مقتل أربعة جنود وجرح ستة آخرين.
واندلعت أعمال العنف بعد أن اقتحمت قوات عراقية مخيم اعتصام للسنة يوم الثلاثاء الأمر الذي عمق الخلافات الطائفية في البلاد. وقتل اكثر من 30 شخصا في معارك بالأسلحة النارية بين قوات الأمن والمسلحين يوم الاربعاء.
وحسب مدير صحة كركوك «240 كلم شمال بغداد» فإن حصيلة ضحايا اقتحام اعتصام الحويجة بلغ 50 قتيلا و110 مصابين، كما قتل 27 شخصا وأصيب تسعة في مناطق متفرقة من العراق يوم الثلاثاء في أعمال عنف تلت عملية اقتحام الاعتصام. وشهد أمس الأربعاء مقتل 22 شخصا وإصابة 67 في أعمال انتقامية من القوات الأمنية، وذلك وفقا لتأكيدات مصادر عسكرية وأمنية وطبية، بينما تحدثت وزارة الدفاع عن مقتل ثلاثة عسكريين في عملية الاقتحام.
وفي أعمال عنف منفصلة قتل يوم الثلاثاء 15 شخصا وأصيب 41 آخرون. كما قتل 11 شخصا أمس الأول وأصيب 33 بجروح، وفقا لمصادر عسكرية وطبية.
وجرى يوم أمس الاول تشييع قتلى الحويجة بعدما تجمع ذووهم أمام مبنى محافظة كركوك وهتفوا «لبيك يا عراق» و«الله أكبر» و«سننتقم لشهداء الحويجة»، وأطلقوا العيارات النارية تعبيرا عن غضبهم وحزنهم على أبنائهم.
وقال المشيعون إن أبناءهم لم يقتلوا بشكل مباشر في اقتحام قوات الجيش العراقي للساحة، وإنما كانوا جرحى وأعدمتهم قوات الجيش بعد أسرهم.
وكانت هذه الاشتباكات هي الأعنف منذ بدأ آلاف السنة احتجاجات في ديسمبر للمطالبة بإنهاء ما يعتبرونه تهميشا لطائفتهم من جانب رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي بعد الإطاحة بالمقبور صدام حسين عام 2003.
ويخشى مراقبون أن تتوسع مواجهات اليومين الأخيرين التي تحمل صبغة مذهبية إلى مناطق أخرى تقام فيها اعتصامات سنية معارضة لرئيس الحكومة منذ نهاية العام الماضي، وأن تزيد من وتيرة العنف في بلد يعيش على التفجيرات وحوادث القتل اليومي منذ غزوه عام 2003.
وفي هذا السياق، أعلن رئيسا الوقفين السني عبد الغفور السامرائي والشيعي صالح الحيدري أنهما يقومان بتحرك سريع «لإطفاء الفتنة»، داعين قادة العراق إلى الاجتماع يوم الجمعة في مسجد ببغداد لبحث الأزمات السياسية المتراكمة منذ الانسحاب الأميركي نهاية العام 2011.
وفي التداعيات السياسية لحادثة الحويجة أعلن وزير الصناعة والمعادن العراقي أحمد الكربولي استقالته من الحكومة، احتجاجا على ما قال إنها «مجزرة» ارتكبها رئيس الوزراء نوري المالكي. وتأتي استقالة الكربولي بعد استقالة وزير العلوم عبد الكريم السامرائي ووزير التربية محمد تميم احتجاجا على حادثة الحويجة.
من جانبه قال رئيس القائمة العراقية إياد علاوي إن العراق يعيش لحظات خطيرة تتعلق بمستقبله السياسي بسبب الطائفية السياسية وما خلفته قوات الاحتلال من أخطاء.
واعتبر علاوي في لقاء مع قناة الجزيرة ما وصفها بـ«مجزرة» الحويجة جريمة ارتكبتها الحكومة ضد المنتفضين العزل.
بالمقابل دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة كرسها للحديث عن وضع العراق الأمني على خلفية أعمال العنف في الآونة الأخيرة، دعا العراقيين الى اللجوء للحوار ورفض الفتنة والاعتماد على المؤسسات الدستورية.
واعتبر المالكي القاعدة عدو العراق الأساسي مع الإرهاب وفلول حزب البعث، متهما الفلول هذه بإشعال الفتنة الأخيرة. وقال المالكي إن العراق يتأثر بالمحيط الإقليمي الذي يعج بالفتن والمشاكل، ووعد رئيس الحكومة بأنه لن يسمح بتجاوزات الأمن على كرامة المواطن، كما لن يسمح بتجاوز أحد على كرامة الجيش والشرطة. وقال نوري المالكي: «خطر كبير علينا في ظل هذه الأزمة التي تمر بها المنطقة والعراق، أن ندع الأمور بيد المتطرفين والجهلة، بيد الباحثين عن الفتنة، ونترك ساحات المطالب المشروعة مخترقة من قبل من يريد إثارة الفتنة لحسابات متعددة ومعقدة».
ويرى المالكي أن ما حصل منذ ايام يدعو إلى توخي الدقة خشية تكراره في مناطق أخرى، ولذلك توجه المالكي بنداء إلى العراقيين عموما والوجهاء وشيوخ العشائر ورجال الدين والمثقفين خصوصا، للمبادرة ومنع الإرهاب من إعادة البلد إلى الحرب الطائفية. محذّرا من أنه في حال اشتعال الفتنة، فلن يكون هناك رابح وخاسر بل سيخسر الجميع.