
دمشق – «وكالات»: قتل 13 شخصا على الأقل في تفجير سيارة مفخخة في منطقة المرجة وسط دمشق امس، بحسب ما قالت وزارة الداخلية السورية، وإصابة أكثر من 70 شخصا بجروح.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن مقتل خمسة «مواطنين على الأقل في حصيلة أولية لانفجار سيارة مفخخة قرب الباب الخلفي لمبنى وزارة الداخلية القديم في منطقة المرجة».
وأضاف أن عدد الضحايا قد يزيد «بسبب وجود جرحى بعضهم في حال خطرة، وبينهم عناصر من القوات النظامية».
ومنطقة المرجة مكتظة عادة بالمارة وتضم مراكز تجارية كبيرة.
وعرضت القنوات التلفزيونية السورية الرسمية مشاهد من مكان التفجير، ظهرت فيها سيارات إسعاف وإطفاء في شارع يغطيه غبار أبيض كثيف، ويتصاعد الدخان فيه من بعض السيارات المتضررة أو المحترقة.
كما أظهرت اللقطات عددا كبيرا من الأشخاص يهرعون في المنطقة، بعضهم تبدو عليه آثار الصدمة.
ويعمل أشخاص آخرون على استخدام خراطيم المياه لإطفاء الحرائق. ونقلت «سانا» عن مصدر إعلامي سوري اتهامه «الإرهاب الممول والمدعوم دوليا «بارتكاب مجزرة جديدة بشعة بحق المدنيين السوريين في الوسط التجاري والتاريخي لمدينة دمشق». وذكرت صحافية في وكالة فرانس برس أن دوي الانفجار الذي وقع قبيل الساعة الحادية عشرة والنصف -بحسب التوقيت المحلي - كان قويا جدا وسمع في أرجاء العاصمة، وسجل على إثره إطلاق رصاص كثيف من أسلحة رشاشة.
وشهدت العاصمة السورية سلسلة من التفجيرات بسيارات مفخخة بعضها انتحاري خلال النزاع المستمر منذ أكثر من عامين بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضيه.
واتهم النظام مقاتلي المعارضة الذين يصفهم بـ»الإرهابيين»، بالمسؤولية عن هذه الهجمات.
وكان آخر هذه التفجيرات قد وقع امس الاول في حي المزة في غرب العاصمة، واستهدف موكب رئيس الوزراء وائل الحلقي الذي نجا منه، في حين قتل ستة أشخاص بينهم حارسه الشخصي. وأظهرت لقطات بثتها قناة تلفزيونية موالية للحكومة انتشار الأضرار على نطاق واسع.
وعرضت قناة الإخبارية التلفزيونية لقطات لجثتين، وظهر فيهما امتلاء الساحة بالدخان الأبيض.
من جانبها وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان امس مقتل 22 شخصا في محافظات سورية مختلفة معظمهم في دمشق وريفها، بينهم طفل و13 من الثوار المسلحين، في حين تواصل قصف قوات النظام على عدد من المدن.
وقالت الشبكة إن تسعة قتلى سقطوا في العاصمة دمشق وريفها، بينهم ثوار مسلحون سقطوا في الاشتباكات مع قوات النظام، وسقط آخرون في قصف بطيران النظام.
وفي درعا، قالت الشبكة إن أربعة أشخاص بينهم طفل قتلوا نتيجة القصف. كما قتل ثلاثة في حماة، أحدهم برصاص قناصة، وقتل شخصان في كل من إدلب ودير الزور في اشتباكات بين ثوار مسلحين وقوات النظام. وسقط قتيل واحد في كل من حلب واللاذقية.
وكان شخصان قد قتلا وأصيب نحو عشرين آخرين فجر الامس في مدينة سراقب بريف إدلب بعدما ألقت طائرات حربية أكياسا تحوي ما وصفوها بمواد غريبة.
وقد أظهرت صور بثها ناشطون حالات اختناق بين أشخاص بالمستشفيات الميدانية يعانون من صعوبة في التنفس. وتعاني هذه المستشفيات من نقص التجهيزات الطبية، ولا تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من الجرحى.
من جهتها قالت لجان التنسيق المحلية إن انفجارات مدوية سمعت في العاصمة دمشق صباح الامس جراء القصف الذي طال عددا من أحيائها.
وأفاد ناشطون بأن طيران النظام شن غارات جوية على حي جوبر الدمشقي وعلى مدن معضمية الشام وداريا وزملكا وعربين في ريف دمشق الغربي، مما أسفر عن وقوع إصابات وأضرار مادية.
من جهته قال المركز الوطني السوري إن اشتباكات دارت بين الجيش الحر وقوات النظام في بلدة بيت سحم المتاخمة لمطار دمشق الدولي.
وقالت شبكة شام إن طيران النظام قصف بالبراميل المتفجرة بلدة ربيعة بريف اللاذقية، كما قصف براجمات الصواريخ والمدفعية أحياء حمص المحاصرة وسط اشتباكات عنيفة في محيط حي وادي السايح بين الجيش الحر وقوات النظام.
وأضافت أن قوات النظام قصفت أيضا بالمدفعية وقذائف الهاون طريق حلب بحماة، وتصاعدت أعمدة الدخان من بعض المنازل جراء القصف.
وفي حلب، قالت الشبكة إن اشتباكات عنيفة تدور بحي صلاح الدين بين الجيش الحر وقوات النظام. في حين قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة مدينة السفيرة وقرية عين عسان في ريف حلب.
وتكرر القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة على معظم أحياء دير الزور، ووقعت اشتباكات عنيفة في محيط مطار دير الزور العسكري في ريف المدينة.
وفي محافظة الرقة، قصف الطيران الحربي محيط الفرقة 17 بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات النظام، كما قصف الطيران الحربي أيضا مدينة الطبقة بريف الرقة واستهدف المنطقة القريبة من سد الفرات. وعلى ذات صعيد الازمة لكن دوليا قالت شبكة سي ان ان الامريكية أن البنتاغون كثّف مؤخرا العمل على خطط لتدخل عسكري محتمل في سوريا على خلفية تزايد مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في الحرب الأهلية الدموية التي دخلت عامها الثالث، في حين تتشاور واشنطن مع الدول المجاورة لسوريا حول «حقائق الصراع.» وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية، رفض كشف هويته نظراً لحساسية القضية: «العمل جار على تكثيف الخطط مع توارد المزيد من المعلومات الدقيقة باحتمال استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية وتنامي تلك الأدلة.»
وأشار المصدر المطلع على تلك الخطط، إلى أنه في حال إعطاء الرئيس، باراك أوباما، الضوء الأخضر للتحرك، فإن الخطط المرسومة تتضمن مشاركة الآلاف من القوات الأمريكية، إلا أنه عاد ليحذر من أن كافة الخيارات تواجه بتحديات عسكرية خطيرة.
وحول سيناريو الهجوم، استبعد المسؤول استخدام قوات برية في الهجوم، فيما رجح مسؤولان آخران إطلاق صواريخ كروز من البحر ومحاولة تدمير الترسانة الكيماوية أو المقرات العسكرية المسؤولة عن البرنامج الكيماوي بواسطة طائرات مقاتلة. وازداد خيار تدمير مجمعات السلاح الكيماوي والبيولوجي تعقيداً، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع قيام النظام بتحريكها حول البلاد، وفي هذا الصدد عقب أحد المصادر قائلاً: «علينا افتراض أنهم سيواصلون القيام ذلك.»
وأشار المسؤول إلى شهادة رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارتن ديمسبي، أمام الكونغرس مؤخراً والتي لفت فيها إلى صعوبة تأمين الجيش الأمريكي كافة الترسانة الكيماوية نظراً للجهل بأماكن بعضها.
ودعا وزير الدفاع الأمريكي، شاك هاغل، وقادة البنتاغون، إلى تحديث الخيارات العسكرية مع تنامي الشبهات والتقارير الاستخباراتية بأن النظام السوري استخدم غاز السارين ضد شعبه. وفي حديث للصحافيين الاثنين، رفض هاغل التكهن بأي خيارات محتملة ضد سوريا.
وأكدت المصادر أن أوباما لم يطلب تلك الخيارات إلا أن البنتاغون يتحرك قدما ليكون على أهبة الاستعداد لذلك، وقال أحدهم: «الوضع في سوريا يزداد خطورة، ومع تزايد مخاوف بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية هنا، فإنه من نطاق مسؤوليات الجيش الأمريكي الاستعداد بالخيارات المفصلة.»
وذكرت تلك المصادر أن واشنطن تجري نقاشات جديدة مع إسرائيل وتركيا والأردن حول ما يسمى بـ»حقائق الصراع» وتتناول الخيارات المتاحة إزاء خطر السلاح الكيماوي على الشعب السوري، والتدابير الفورية المطلوبة حال السقوط المفاجئ للرئيس بشار الأسد. ولفتت المصادر إلى أن الإعلان عن نشر عدد من عناصر « الوحدة المدرعة الأولى» الأمريكية في الأردن بوقت سابق من الشهر، يدخل في سياق هذه الخطط العسكرية الجارية. بالمقابل أعلنت ألمانيا رفضها أي عمل عسكري «تلقائي» ردا على إمكانية استخدام أسلحة كيمياوية في سوريا، والتي أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين «قلق» بلاده بشأنها، فيما دعت الأمم المتحدة دمشق إلى السماح لفريقها بالتحقيق في الاتهامات بشأن استخدام هذه الأسلحة في المعارك الدائرة بسوريا. وحذر وزير الدفاع الألماني توماس دو ميزيير أمس الاول من فرض «خطوط حمر» في النزاع الجاري في سوريا، وقال للصحفيين في واشنطن «أؤيد جميع أشكال الضغط السياسي، لكنني لا أرى في الوقت الحاضر دورا للقوات العسكرية»، رافضا أي عمل عسكري «تلقائي» ردا على إمكانية استخدام أسلحة كيمياوية في سوريا.
وقال محذرا «إن القيام بعمل عسكري فعال سيكون عملية بالغة التعقيد ومكلفة»، في إشارة ضمنية إلى تحذيرات الرئيس الأميركي من أنه في حال ثبت استخدام النظام السوري أسلحة كيمياوية فإن ذلك سيشكل «خطا أحمر» وسيستوجب تدخلا أميركيا. وحض دو ميزيير حلفاء ألمانيا الغربيين على إجراء تحقيق مشترك في المزاعم بشأن استخدام هذه الأسلحة في سوريا، وقال «لا نملك معلومات كافية حتى الآن».
وتزامنت تصريحات الوزير الألماني مع إعلان البيت الأبيض أن الرئيسين أوباما وبوتين استعرضا في اتصال هاتفي أمس الاول الوضع في سوريا، «مع تأكيد الرئيس أوباما على القلق بشأن الأسلحة الكيمياوية السورية».
وأضاف أن الرئيسين وافقا على مواصلة التشاور الوثيق بينهما، وطلبا من وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف مواصلة التباحث بشأن سوريا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الولايات المتحدة ستمضي بخطى ثابتة في محاولتها التحقق لمعرفة هل استخدمت قوات موالية لبشار الأسد أسلحة كيمياوية ضد شعبه. وأضاف «من الضروري أن نأخذ المعلومات التي تجمعت حتى الآن وأن نبني عليها، لأن تقييما بدرجات متفاوتة من الثقة ليس كافيا ليكون أساسا يقوم عليه رد فعل من السياسات». وقال إن فريقا أمميا على استعداد للذهاب إلى سوريا خلال 24 إلى 48 ساعة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيمياوية، إذا وافقت الحكومة السورية على دخوله.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجددا السلطات السورية إلى السماح «بدون تأخير أو شروط» لفريق الأمم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات بشأن استخدام الأسلحة الكيمياوية في المعارك الدائرة في البلاد، وقال إنه ينظر «بجدية» إلى تقرير الاستخبارات الأميركية الأخير بهذا الشأن.